مخاطبة الناس على قدر عقولهم

من رحمة العلماء بالناس انهم يخاطبونهم على قدر عقولهم

سبب هذا المنشور :

تطفوا على ألسنة بعض المشايخ حفظهم الله في بعض المجالس الطيبة عبارات لا تتحملها عقول الناس مثل نقلهم عن ابي العباس المرسي رحمه الله انه قال:( لو غاب عني رسول الله لحظة ما عددت نفسي من المسلمين ).

توضيح :

قد يفهم البعض من هذه العبارة أن الشيخ رحمه الله كان يرى الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة ودائما وقد سمع هذا من بعض المشايخ وهنا يتساءل الكثير من العامة عن معنى هذه المقولة وعن مصداقيتها

وهنا لي سؤالان :

1-هل ثبتت هذه العبارة عن الشيخ وعن من قال مثل قوله ؟

2- وعلى فرض ثبوتها فما المعنى المراد منها ؟

بداية أقول: إن التسليم والتصديق كان سمة اكثر الناس في القرون الماضية بينما سمة الأكثرين اليوم لا أقول التكذيب بل السؤال والمناقشة حيث يقولون: وهل يمكن أن لا يغيب شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض العارفين بالله طرفة عين ؟

وهنا أقول وبعيدا عن نفي أو إثبات هذه المسألة: ألا ترون أن نقول برأي توافقون عليه ويوافق عليه كل مسلم المثبت والنافي منهم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم سن لنا أورادا وأدعية كثيرة لكل جزئيات حياتنا العقدية والعبادية والأخلاقية وغيرها فأنت من حين تستيقظ من نومك صباحا إلى ان تنام ليلا تستشعر كأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمامك يقول لك : قل الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.

فاذا توضأت قال لك صلى الله عليه وسلم : قل :أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . اللهم اجعلني من التوابين الخ الدعاء فإذا سمعت المؤذن كأنه صلى الله عليه وسلم معك يقول لك: أجب المؤذن، وادع: اللهم رب هذه الدعوة التامة الخ .

فإذا دخلت المسجد كأنه بجانبك يقول لك: قل بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك

وما ذا اعد لك - وكتب الأذكار مليئة بهذا - وعندما تخرج من المسجد هناك دعاء وعندما تدخل أو تخرج من بيتك أو الخلاء أو ترى مبتلى أو تسمع رعدا أو تأكل أو تشرب أو تسجد أو تركع سنَّ لك صلى الله عليه وسلم ذكرا ودعاء، وعندما وعندما وعندما الخ فإنك إذا التزمت بالأوراد المسنونة في صلواتك في معاملاتك في الساعات الاربع والعشرين تستشعر كأنه صلى الله عليه وسلم معك يقول لك: قل هنا كذا، وقل هناك كذا

فإذن اذا استشعر كل واحد فينا عندما يقول دعاء عند هذه الحالات التي لا تحصى والتي تغطي الليل والنهار- إذا استشعر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول له قل كذا وقل كذا، صار يلازمه شعور خاص وهو أن رسول الله معه، وإن كان صلى الله عليه وسلم لم يغادر ولا يغادر ضريحه الشريف الى يوم القيامة.

فإذن معيَّته صلى الله عليه وسلم لنا معيَّة روحيَّة ومعنويَّة وليست معية (جسمانيَّة ماديَّة) الامر الذي يثير التساؤلات السلبية عند الأكثرين ونحن إذا نمَّينا حالة الاستشعار هذه عند كل مسلم صغيرا أم كبيرا من العامة أو الخاصة صار وكأنه يشعر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغيب عنه بتوجيهاته وبأوامره ونواهيه.

مستندي في هذا الرأي الوسط الذي ذهبت إليه:

ما أخرجه البخاري عن علي موقوفا: ( حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكفر الله ورسوله)؟

وما اخرجه مسلم عن ابن مسعود قوله: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان - يعني هذا الحديث - لبعضهم فتنة !!!.

وما رواه الديلمي عن ابن عباس ( أمرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم )

الى آخر ما ورد عن السلف رحمهم الله بهذا المعنى.

ومما صحَّ في هذا أيضا ما جاء في صحيح البخاري قولهم: ( الربَّاني هو الذي يعلم الناس بصغار العلم قبل كباره ).

بمعنى أن (طعام الكبار سم للصغار )

وبهذا نكون قد رحمنا العامة وأخرجناها من دائرة الفتنة التي قد تؤدي إلى الشك والتكذيب والعياذ بالله تعالى.

وخلافا لكل منشور فإني أرجو أن أقرأ تعليقكم على هذا المنشور موافقة او اعتراضا .والكريم ينصح واللئيم يفضح وأعتقد أن الكريم هو الموجود.

وأرجو ان لا نجرح او نخدش أحدا، وبارك الله فيكم، وصلى الله وسلم وبارك على معلم الناس الخير.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين