محمود الغزنوي وسومانات آلهة الهندوس

رجال ومواقف:

محمود الغزنوي وسومانات آلهة الهندوس1

حيدر الغدير

 

(1)

رجلان يتحدثان – رجل ثالث

الأول: لقد كنا نحسب أن انتصار المسلمين علينا أمر مستبعد.

الثاني: لكنهم سجلوا علينا نصراً كبيراً.

الأول: "في صوت حزين" أتريد الحقيقة؟

الثاني: كيف لا؟ ما الذي عندك؟

 الأول: كأن لدى هؤلاء المسلمين مفتاحاً خاصاً ينتزعون به النصر.

الثاني: وكيف؟

الأول: نحن أكثر منهم عدداً، وأقوى منهم عُدَّة، والبلاد بلادنا، والقتال في أراضينا.. ومع ذلك فقد غلبونا.

الثاني: "بعد صمت" صدقت. "في صوت هادئ" نحن الهنود أصحاب هذه الديار وسكانها منذ أحقاب طويلة، وهم غرباء عنها.. ومع ذلك هزمونا على كثرتنا وقلتهم، وعِظَمِ عتادنا وقلة عتادهم، إنه لَأمرٌ بالغ الدهشة.

الأول: لا أخفي عليك أني منذ يوم هزيمتنا، أفكر في أمر هؤلاء الغزاة المسلمين وسلطانهم محمود الغزنوي.

الثاني: ليس العجب أن تفكر، بل العجب ألّا تفكر!..

الأول: وهذا هو الذي دفعني للإيمان بأنهم يمتلكون مفتاحاً خاصاً لانتزاع النصر.

الثاني: "بعد صمت" لكن أعَرَفتَ شيئاً عن هذا المفتاح؟

الأول: إنهم يسمونه الإيمان.

الثاني: وما هو هذا الإيمان يا ترى؟

الأول: لا أدري بالضبط.. لكنه هو الذي يدفعهم إلى القتال وطلب الموت.

الثاني: "بعد صمت وفي صوت هادئ عميق" إن لهؤلاء المسلمين لشأناً!..

الأول: صدقت، إن لهم لشأناً!.. "الباب يُقرَع"

الأول: تفضل.. "وقع خطى على الأرض، الباب يُفتَح ويُغلَق"

الثالث: أمسيتم خيراً.

الأول: وأمسيت خيراً. أثمَّة جديد؟

الثالث: "في صوت مضطرب" أجل، لكن أخشى ألا يروق لك.

الأول: قل ما عندك سواءً أراقَ لي أم لا.

الثالث: "في صوت مضطرب" محمود الغزنوي "ثم سكت"

الأول: "في صوت منفعل" ولِمَ سكتَّ يا رجل؟ قل، تكلم.

الثالث: "في صوت يزداد اضطرابه" دخل معبدنا الكبير وانتزع تمثال.. "يزداد اضطراباً" إلهنا المُبجَّل.. سومانات.

الأول: "في صوت تبدو عليه الجدية والاهتمام" ها.. فعل ذلك. أمَا إنَّه لَمغرور.. أمَا خشي أن ينتقم منه سومانات؟

الثالث: "في صوته المضطرب المتقطع" وقد علمتُ أنه.. قد.. عزم.. على.. كسره.

الأول: "في صوت غاضب عالٍ" عزم على كسره؟

الثالث: "مضطرباً" أجل، عزم على كسره؟

الأول: "حزيناً" ويلٌ للمغلوب!.. ويلٌ للمغلوب!.. "صمت" وأين محمود الغزنوي الآن؟

الثالث: "مضطرباً" في المعبد يريد أن يجتمع.. الناس.. ليكسر سومانات أمامهم.

الأول: وهل حدَّثه أحدٌ في الأمر عسى أن يرجع عنه؟

الثالث: لا.. ولكن سمعنا أن كبير الكُهَّانِ في المعبد سوف يحدِّثه.

الأول: فلنذهب حالاً إلى المعبد لنرى ما يكون.. هيا بنا.

الآخران: هيَّا بنا.

 

(2)

محمود الغزنوي – حاجب – كبير الكهنة

الحاجب: بارك الله فيك يا مولاي السلطان، لقد كان نصراً عظيماً هذا الذي أحرزته على الهنود، حتى طفق المسلمون في كل مكان يدعون للسلطان المجاهد محمود الغزنوي.

محمود: بارك الله فيك وفي جيشنا المؤمن المجاهد، اللهم ارفع راية الإسلام في كل مكان، واجعل جهادنا هذا خالصاً لوجهك الكريم.

الحاجب: اللهم آمين. "صمت" مولاي السلطان..

محمود: نعم.

الحاجب: عددٌ من الكهنة يريدون مقابلتك الآن.

محمود: هل اعتدى أحد من الجند على أهل المدينة؟

الحاجب: لا يا مولاي!.. إنهم يريدون الحديث إليك في شأن هذا الصنم الأكبر عندهم سومانات حتى لا تكسره.

محمود: هيهات، ليُكسَرَنَّ الصنم وهم ينظرون.

الحاجب: "ضاحكاً" وهم يزعمون أنهم يخشون عليك.

محمود: "متسائلاً" يخشون عليَّ؟ من أي شيء؟

الحاجب: "ضاحكاً" من انتقام سومانات كما يزعمون. "يضحكان معاً ثم تسود فترة صمت"

محمود: فليدخل وفد الكهنة الآن.

الحاجب: في الحال يا مولاي. "حركة خروج.. وقع أقدام.. باب يُفتح ويُغلق"

كبير الكهنة: "في صوت رزين ثقيل" سلامٌ على الأمير الجليل محمود الغزنوي.

محمود: مرحباً بكم.. أثَمَّة حاجة لكم؟

كبير الكهنة: سمعنا أنك عازم على كسر سومانات.

محمود: هو ذاك.

كبير الكهنة: كلنا نخشى عليك من انتقامه.

محمود: "ضاحكاً ساخراً" ويحك يا رجل!.. إنما هو حجرٌ لا يضر ولا ينفع.

كبير الكهنة: إنه معبودنا المعظم، ونخشى عليك بأسه.

محمود: إن كان فيه ما تقول فليرد الأذى عن نفسه. "صمت"

كبير الكهنة: أيها الأمير الجليل لقد أنفقت في سفرك وحربك إيانا مالاً كثيراً ونحن على استعداد لأن ندفع لك.

محمود: ليس لي عندكم سوى الجزية إن أصررتم على ما أنتم عليه من ضلال.

كبير الكهنة: لكننا سندفع لك مالاً كثيراً، أيها الأمير الجليل. لا بد أنك شاهدت سومانات وضخامته؟

محمود: أجل لقد شاهدته، وهو ضخم كبير.

كبير الكهنة: فنحن على استعداد لأن ندفع لك مقدار وزنه ذهباً على أن تدعه لنا.

محمود: خاب ظنك يا رجل!.. خيرٌ لك من هذا الذي تفعل أن تسلم، ففي الإسلام سعادة الدين والدنيا. "في صوت حازم" والله لأحطِّمنَّه.. ولأجعلنَّه على باب المسجد في غزنة حتى تدوسه الأقدام لتعلموا أن معبودكم هذا باطل لا خير فيه، وأن ديننا أغلى عندنا من أي مالٍ مهما كان.

*****

 

هوامش:

(1)  غزا محمود الغزنوي الهند عام (1025م) واستولى على صنمٍ أصرَّ على كسره، وعرض عليه الهنود مقدار وزنه ذهباً فأبى إلا أن يكسره وأن يضعه على أسكفة باب المسجد في عاصمته حتى تدوسه الأقدام، والصنم المذكور اسمه "سومانات".

  

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين