مجاهدو الشَّام إما التوحد أو الفناء!!

تبدأ مأساة أهل الشَّام مِن ضرورة إحساسهم بالمسؤوليَّة العظيمة الملقاة على عاتقهم من إحساسهم أنَّهم يجابهون كلَّ فرق الضَّلال في العالم: الأرثوذكس والكاثوليك والصَّهاينة والباطنية والروافض والملاحدة والخوارج، من إحساسهم بالكيد المتين الذي يمليه (يبطنه) العدو لهم، وبمكر اللَّيل والنَّهار الذي يخططه لهم العدو: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [إبراهيم: 46]، مِن إحساسهم بأنَّهم يحملون هَمَّ أمَّةٍ كاملةٍ في صدِّ المدِّ الصَّفويِّ والصَّليبيِّ والصُّهيونيِّ والإلحاديِّ، ولا يتحمَّلون مسؤولية أنفسهم فقط، مِن إحساسهم بجراح أنفسهم وجراح بعضهم وبكائهم على حالهم ليل نهار، مِن إحساسهم أنَّ الدُّنيا كلّها لن تتحرَّك قلوبها عليهم، تمامًا كما تجمَّدت قلوب أهل الشَّام مِن قبلُ وصمتت عمَّا يحصل في البوسنة والشيشان والعراق والصومال ووو، إلَّا من رحم ربي.

تبدأ المأساة مِن الإحساس.. مجرَّد الإحساس، والإحساس فقط..

وبماذا ينفع الإحساس؟!

ينفع الإحساس بتغيير كامل المسار والأفكار والمشاعر والخطط، فالذي يشعر بالخطر سيغيِّر كلَّ شيءٍ دون استثناءٍ؛ بدايةً مِن النَّفس وانتهاءً بالمحيط والبيئة، بل وخريطة الكون كله:

1- فالذي يعلم عظيم مكر عدوِّه وقذارة كيده سيعلم حتمًا أنَّ هذا الكيد والمكر لا يواجه إلَّا بتخطيطٍ وكيدٍ ومكرٍ أعظم منه.

2- سيترك التَّشاغل بسفاسف الأمور، كالمنصب والجاه والمال والأهل؛ لأنَّه سيعلم أنَّه إذا خسر المعركة فسيخسر كلَّ هذه الأشياء دون استثناء، وحينئذٍ سيخسر الدُّنيا والآخرة.

3- سيرتب أولوياته واهتماماته في مواجهة الأعداء، فيحيِّد واحدًا ويقاتل آخر، ويشغل بعضهم، ويُغري غيرهم بالمال، وهكذا.

4- سيحدِّد الوسيلة المناسبة لحربه، هل هي الدِّفاع والتَّقوقع في الحصون والاستنزاف أم الهجوم والبطش بالعدو، بل الأعداء؟!

5- سيحدِّد مَن خلافه معه عقديٌّ، ومَن خلافه معه سياسيٌّ، ومَن خلافه معه فكريٌّ اجتهاديٌّ، فلا يشعل حربًا إعلاميَّة شعواء على عدوٍّ فكريٍّ بحجَّة أنَّه خائنٌ؛ لأنَّه لا يميز بين الاجتهاد والقطع، بينما يترك الأعداء الحقيقيين يسرحون ويمرحون ويعبثون به ويقضمونه قطعة قطعة.

6- سيدفعه لتعلُّم أحكام الجهاد العسكريِّ والحروب الإعلاميَّة، فيتعلموا: متى يجوز لهم القيام بعملية استشهاديَّةٍ ومتى لا يجوز؟ ومتى يجوز لهم المشاركة بالجهاد واشتراط الإعداد للجهاد؟ وما هي المعلومات التي يجوز لهم والتي لا يجوز لهم نشرها؟ وكيفيَّة نشرها؟ وهكذا...

7- سيدرك أنَّ التَّوحد فريضةٌ شرعيَّةٌ، وضرورةٌ سياسيةٌ وعسكريَّةٌ وفكريَّةٌ وإيمانيَّةٌ وأمنيَّةٌ.

لماذا التوحد؟!

فوائد التَّوحُّد لا تنحصر في مجالٍ واحدٍ فقط، بل هو يحدِّد مصير المعركة، بين البقاء أو الفناء، وفيما يلي سردٌ لبعض فوائد التَّوحد في كلِّ مجال مِن المجالات:

أولًا: المجال الديني:

1- النُّصوص الدَّالة على أهميَّة وحدة الصَّف في تحقيق النُّصر كثيرةٌ، ومنها: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 152]، وهذا ينطبق علينا وكأنَّنا نراه، حيثُ أعزَّنا الله وقوانا بأضعف الأسلحة وضيق ذات اليد في الذَّخائر، حتَّى إذا تنازعنا وتفرقنا أذلَّنا الله عن قوَّة بعدما أرانا الله ما نحبُّ!! وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ﴾ [الأنفال: 46]، وقال جل جلاله: ﴿قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كـَـيْـفَ نُـصَـرِّفُ الآيَاتِ لَـعَـلَّـهُـمْ يَفْقَهُونَ﴾ [الأنعام: 65].

فوالله إنَّ ما يصيبنا الآن لعذاب؛ لعلنا نتوحَّد ونصطفُّ أبدانًا وقلوبًا في صفٍّ واحدٍ، فإذا فعلنا فسيأتينا ما وعدنا الله: ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران: 125].

ولا أوضح في بيان حالنا مِن قول نبينا صلى الله عليه وسلم يصفه بحذافيره فيقول: «وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا» [مسلم برقم:2889].

فالحظوا كيف أنَّ الله عزَّ وجلَّ حكم في الحديث القدسيِّ أنَّ الدُّنيا كلّها لو اجتمعت علينا فلا ينتصرون إلَّا إذا تفرَّقنا.

2- يكفي التَّوحد شرفًا أنَّه يصهر النَّاس ويطهِّر القلوب لتكون على قلبِ رجلٍ واحدٍ، وهذا يكفي لتحققِّ النَّصر المؤزَّر للمسلمين، فلا أقرب للنَّصر مِن طريق صفاء القلوب ونقائها لوجه الله وفي سبيله.

3- تخرج فتوى مِن شخصٍ أو جهةٍ، أو يلوِّح بإخراجها لتحقيق أهداف سياسيَّةٍ أو عسكريَّةٍ، فتجد الباقي يصدرون عددًا مِن الفتاوى المعاكسة دون تفكير ليشاكسوا بها الطَّرف الأوَّل، ثمَّ نصل لمرحلةٍ مِن التَّشظي والتَّراشق في الفتاوى، ليقف العاميُّ أمامها ساخرًا ضاحكًا، وربما تدفعه للنُّفور مِن الدِّين والرِّدة والعياذ بالله تعالى، بخلاف ما لو كان الاندماج بين الهيئات والمؤسسات والروابط الشَّرعية حقيقيًّا، وعندها لا يسمح الكيان الموحد بهذه الظَّاهرة المقيتة.

4- عدم التَّوحد نتج عنه ظاهرةً مقززةً جدًا، وهي ظاهرة تعدد المحاكم والشَّرعيين، حتَّى صارت المحاكم والشرعيون والشَّرع لعبة بيد العسكر يعبثون بها كيفما شاؤوا، وسلاحًا في جيوبهم يخرجونه عندما تحتاجه مصالحهم فيضربون به مخالفيهم.

5- مع التَّوحد سيجلس شرعيو جميع الأطراف معًا، ويضعوا حدًّا للتَّمييز بين القطعيِّ والظَّنيِّ، والتَّمييز بين الخلافات في أصول الدِّين والخلافات الاجتهاديَّة التي يعذر بعضنا بعضًا فيها.

6- توحُّد الشَّرعيين سيجعل السِّيادة للشَّريعة، وسيجعل السُّلطة العسكريَّة تابعةً للسُّلطة المدنيَّة وليس العكس، خلافًا لما هو الحال الآن.

7- مع التَّفرق سيسألنا الله عن عدم اتخاذنا لأسباب النَّصر، وبالتَّالي عن دماء مئات ألوف البشر التي سفكت بسبب عدم توحدنا.

ثانياً: المجال السياسي:

1- يساعدنا على رسم خططٍ استراتيجيَّةٍ، بدلًا مِن أن يرسم الواحد خطَّةً فيفسدها له جاره؛ لأنَّها لم يفهمها، أو لم يقتنع بها.

2- يسمح لنا بإصدار قراراتٍ مؤثِّرةٍ ومناسبةٍ للزَّمان والمكان بناءً على الخطة الاستراتيجيَّة، بدلًا مِن أن تكون سلوكياتنا وقراراتنا ردَّات فعل لقرارات الآخرين وسياساتهم.

3- يساعدنا التَّوحُّد في أن تكون لنا كلمةٌ واحدةٌ في مواجهة الدُّول الكبرى، بدلًا مِن مقابلة المسؤولين الغربيين متفرقين، لتعرف أمريكا كلَّ نقاط ضعفنا.

4- صوتٌ واحدٌ يمكنه طلب الدَّعم العسكريِّ والماليِّ مِن دولةٍ جارة مسلمةٍ، بل والتَّدخلِ العسكريِّ وطلب الضَّغط السياسيِّ باتجاه محدَّدٍ. بخلاف ما لو كنَّا متفرِّقين، وكلُّ واحدٍ يذهب للحكومة التركيَّة ويطلب منها خلاف ما يطلبه الآخر.

ثالثًا: المجال العسكري والأمني:

1- الانضباط العسكريُّ: يجعل النَّفير إجباريًّا بقرار مِن القائد العسكريِّ، ويقلِّل الهدر في المال والجهد مِن توظيف أشخاصٍ ليس لهم مكاتب أو أعمال، أو لا يلتزمون بدوامهم وأعمالهم، ويفصل العلاقة الأخلاقيَّة عن العلاقة العسكريَّة التي لا هزل فيها ولا مزاح ولا عبث. وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4].

2- في الجسم العسكريِّ الواحد، تُسمى التَّغطية النَّارية والهجوم مِن عدَّة محاور عمليَّةً عسكريَّةً، أمَّا مع تعدد الفصائل فهذا يُسمى مؤازرة، وبناءً عليه فإنَّ الإهمال أو التَّأخر في التَّعبئة أو التَّغطية في العمليَّة العسكريَّة يُسمى إهمالًا ويُطرد بسببه العسكريُّ أو قائد الفصيل، أمَّا في نظام الفصائل فالعذر البارد مع وجود إلزام هو: أخذته نومة، فما ذنبه؟!! مع أن ذنبه في هذه الحالة فشل العملية واستشهاد عشرات أو مئات الشَّباب!!

3- الأجهزة الأمنيَّة المتفرقة تُفني بعضها: فمعلوم أنَّ النَّشاط الأمنيَّ يعتمد على التَّغلُّغل في جسم العدوِّ، فإذا تواصل شخصٌ مِن فصيلٍ مع النِّظام ليخترقه سيقوم الجهاز الأمنيُّ للفصيل الآخر برصد هذا السُّلوك على أنَّه عمالةٌ وخيانةٌ، وهكذا فإنَّ الأجهزة الأمنيَّة ستُفني الفصائل وتُفني بعضها.

4- الاختراقات العسكريَّة: فمع التَّفرق تدخل مجموعة مِن الأعداء بثياب مجموعة أو فصيل آخر مِن المجاهدين وتضربهم مِن الظَّهر وتسيطر على مواقعهم؛ لأنَّ تحركات العناصر ليست مرصودةً مِن قيادةٍ موحَّدةٍ.

5- تقليل الهدر المالي النَّاتج عن الاستخدام الفائض للسِّلاح في غير موضعه، أو في عملياتٍ عسكريَّةٍ فاشلةٍ وغير مخططٍ لها، وفي تعيين طاقمٍ إعلاميٍّ وشرعيٍّ وسياسيٍّ وإغاثيٍّ وتموينيٍّ في كلِّ فصيلٍ مِن الفصائل. فيعود هذا المال المهدور على المجاهدين بمقدار أضخم مِن السِّلاح والرَّواتب لعدد أكبر مِن المجاهدين إذا حصل التَّوحد.

6- وبتقليل الهدر فإنَّ المجاهدين سيملكون قرارهم ويحرروه مِن تسلُّط الممول والدَّاعم، ولن يبقى رهينةً لهذا وذاك ودعمهم.

7- تعزيز الكفاءة العسكريَّة مِن خلال زيادة الاختصاصات، وتوزيع العناصر على الاختصاصات، بدلًا مِن توزعهم على الفصائل مع تكرار الاختصاصات؛ كلواء المدرَّعات، ولواء المشاة، وكتيبة الإشارة، وكتيبة الهندسة، وهكذا...

رابعًا: المجال الإعلامي:

1- فائدة التَّوحد في ظهور مئات الإصدارات لعشرات العمليَّات التي قام بها كيان واحدٌ ضدَّ العدوِّ، وهذا يُدخل الرُّعب في قلوب العدوِّ ويزلزله، ويجعله يشاهد العمليَّة الواحدة مِن عدَّة جهاتٍ وتحليلاتٍ ومؤثراتٍ، فيظنُّها مئات أو آلاف العمليات. بخلاف ما لو ظهر إصدار هزيل، لعمليةٍ واحدةٍ، لكلِّ فصيلٍ مِن الفصائل كما يحصل الآن للأسف.

2- التَّوحد يمنع الحرب الإعلاميَّة والصَّراعات الطَّاحنة بين الفصائل، فهذا يخوِّن هذا، وهذا يتَّهم هذا بالبغي، وكأنَّ البلاد أصبحت ملكه وحدَه وغيره بغى عليه فيها، أو كأنَّه أسَّس دولةً في موقعه وشكل إعلامًا خاصًّا به يدافع عن مستعمرته ويهاجم الجهات الأخرى التي تهاجم مستعمرته الموهومة، والتي سينتهي عمرها الافتراضي بسحق العدوِّ لهم جميعًا.

3- التَّوحد يقوي الحملات الإعلاميَّة ويجعلها أكثر كفاءةً، ويزيد التَّخصُّصات داخل الحملات الإعلاميَّة ويضاعف لغة الرِّسالة الإعلاميَّة، وقد رأينا كيف أنَّ الفلسطينيين حرَّكوا الرَّأي العامَّ الأوروبيَّ مع قلتهم، بينما نحن لا نستطيع إقناع العالم بعدالة قضيتنا مع أنَّ المجازر التي تحصدنا يوميَّةٌ، بل لا نستطيع فضح كذب الإعلام الغربي عن قضيتنا.

4- التَّوحُّد يسكت الأصوات النَّشاز التي تخرج خارج المسار الذي ترسمه المؤسسة، والتي تغرِّد خارج السِّرب. وبالتَّالي يحاصر الإشاعات التي يبثها العدوُّ بيننا بمنشورٍ واحدٍ يرميه على صفحات النت، ثمَّ يبدأ الإعلاميون الببغاءات بمشاركته ومساعدة العدو في نشر هذه الشائعات.

لماذا لا يتوحدون؟!!

عند النَّظر في أسباب عدم توحدهم نجدها كالتَّالي:

1- خشية ضياع المموِّل في حال تحقق الاندماج، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» [مسند الإمام أحمد:23074].

2- عدم التَّواضع والذلَّة للمؤمنين، والله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54].

3- الإعراض عن طاعة أهل العلم إلَّا فيما يوافق أهواءهم، مع أنَّ الطَّاعة فيما تأباه النَّفس لا فيما تطلبه، وإلَّا فالطَّاعة فيما تطلبه النَّفس هو طاعة للهوى وليس طاعة لأهل العلم.

4- التَّكبر واعتقاد زوال الجهاد وزوال الدُّنيا بزوالهم وزوال فصائلهم، وكأنَّهم هم الذين يحفظون الدِّين وبيضة المسلمين، وغفلوا عن الحافظ الحقيقي، وعن مصدر النَّصر الذي قال الله فيه: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ [التوبة: 40].

5- ما تحمله القلوب مِن الحقد والضَّغينة والحسد الذي سبَّبه ما يبثُّه العدوُّ مِن الشَّائعات بينهم، وبدلًا مِن الذَّبِّ عن أعراض بعضهم يصدِّقون الشَّائعات ويزيدون عليها شيئًا مما امتلأت به قلوبهم.

6- بعض الشَّرعيين الذين انتقلوا مِن الفتوى للفرعون الكبير إلى الفتوى للفراعنة الصِّغار المتشرذمين، فأعطوا الشَّرعيَّة للفصائليَّة، وقرروا حقَّ الفصائل الخاص في المال العام، وأقرَّ ملكيَّتهم على الأرض التي تحتهم، وقام بترسيم الحدود بينهم، وحرم إزالة إمبراطورياتهم وممالكهم باسم الشَّرع والدِّين.

7- انشغالُ كثيرٍ مِن النَّاس بالقيل والقال والتَّحليلات الفارغة للواقع المرِّ عن العمل وعن اتخاذ قرارات تنفع الإسلام والمسلمين.

8- طَمَعُ كلِّ طرفٍ في أن يكون انضمام الجميع تحته لتحقيق الجاه، فيُفشلون أيَّ عمليَّة توحدٍ إذا لم يكونوا هم على رأسها.

لكل هذا أقول لكم:

يا مجاهدي الشَّام؛ إمَّا التَّوحد أو الفناء، ليضيع معكم مستقبل الأمَّة كلّها، ويسير مصيرها إلى المجهول.

وأكرِّر هنا قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الصَّحيح: «وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا» [مسلم برقم:2889].

فالله المستعان على ما تصفون.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين