
في حقبة مضت وانقضت، آل الأمر إلى بعض العقلاء، فشكلوا المحاكم وقلصوا الجرائم، ونشروا الأمن وبعثوا الأمل ...، عندها هبت إثيوبيا لغزو الصومال بجيشها الضائع الجائع، فازداد جيشها وشعبها ضياعا على ضياع وجوعا على جوع، فكان أن تحركت نحو الرحيل والفرار...
- وهنا انتبه بعض الزعماء الأذكياء، من الباحثين لشعبهم وبلدهم عن الأمن والأمل، فالتقطوا الفرصة السانحة لاستعادة المبادرة والمضي بها إلى الأمام وإلى الأعلى، شيئا فشيئا وخطوة فخطوة... وقطعوا نحو ذلك خطوات مباركة وموفقة.
- ولكن هنا أيضا جاءت القاعدة وشيخها القاعد هناك، فبدأت خطابات التكفير والتخوين والتحريض والتهييج، بدأ ذلك كله ينصب تحديدا على أهل الإيمان والصلاح والإصلاح ...
- وهنا انطلق "الجهاد ضد المجاهدين"، انطلق جهاد تدميري عبثي غبي، وظهرت "حركة الشباب المجانين" و من على شاكلتهم من جنود الشياطين ... والبقية تتابعونها على الهواء مباشرة، فلا داعي للإطالة في وصفها.
ما دفعني إلى كتابة هذه الكلمة وإطلاق هذه الصرخة، هو هذا الصمت الغريب المريب - المجمع عليه - للعلماء والدعاة في الصومال وفي العالم العربي والإسلامي !!
الآن - على سبيل المثال - هناك تحرك لا بأس به لمناصرة مسلمي تركستان الشرقية المعتدى عليهم في الصين. شيئ جيد على كل حال. وبتزامن معه، هناك تحركات مقبولة ومحمودة للتضامن مع أختنا الشهيدة مروة الشربيني، التي قتلها شخص عنصري حاقد متعصب في ألمانيا.
لكن لماذا لا نستنكر القتل الجنوني العبثي الذي يحصد الأرواح ويمزق الأجساد كل يوم في الصومال؟؟!! فضلا عما يصحبه من وتدمير وتهجير وترويع وتجويع ؟! لماذا يصمت العلماء والدعاة والحركات هذا الصمت الأليم؟
- ألأنهم محايدون أمام القتل والاقتتال؟!
- - ألئنَّ القتلة المجرمين مسلمون، ومتدينون بمزاعمهم ومظاهرهم؟
- - ألأن رؤوس الفتنة ينسبون أنفسهم للجهاد وللحركة الإسلامية؟
- ألأنهم يرفعون شعارا مضحكا يسمونه إقامة الدولة الإسلامية، وهم لا يحسنون سوى القتل والانتحار والخراب والدمار؟
- ما أريد ه في هذه الكلمة أمران:
- الأول: مناشدة الصامتين العلماء والمفتين والحركات الإسلامية ومشاهيرِ الدعاة، أن يسارعوا إلى قول كلمتهم وإبراء ذمتهم، وأن يبينوا حكم الشرع في هذه القتال الدائر في الصومال. وإذا لم يكن الساكت عن الحق شيطانا في هذه الحالة، فأي حالة هي أولى بهذا الحكم وبهذا الوصف؟!
- الثاني: هو أن أكسر هذا الصمت و أقول: إن مثيري القتال في الصومال المصرَّين عليه، جهلة مجرمون عابثون، سفاكون للدماء البريئة لإخوانهم وعشيرتهم، وأن لا شيئ في الدين يخرجهم من حيز الإجرام، أو يسوِّغ لهم هذا العبث بالأرواح وبوطن إسلامي عزيز كريم.
{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج/10]
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
أحمد الريسوني – جدة في 22 رجب 1430
14يوليو 2009
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

التعليقات
يرجى تسجيل الدخول