مثالٌ من محاولة بعضهم الاجتزاء من القرآن الكريم

انتشرت رسالة في شبكات الإعلام الاجتماعي يقول صاحبها:

[ المعلوم ان الرجل مالك بيته، ولكن الرجل يسكن عند زوجته: (لتسكنوا اليها) نعم... إنها بيوت زوجاتكم..!]

ثم يستدل لذلك بآيات منها: { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ }..

وتساءلَ: لماذا نسب الله عز وجل البيت إلى المرأة رغم أنه ملك للرجل؟!

فذكر عدة آيات { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِه ِ}. ﴿٢٣ يوسف﴾، امرأة العزيز تراود يوسف وتهم بالمعصية ورغم ذلك لم يقل الله عز وجل وراودته امرأة العزيز أو وراودت امرأة العزيز يوسف في بيته.

وقال تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ }. (٣٣ الأحزاب) وقال تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ }. ﴿٣٤ الأحزاب﴾، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ }. ﴿١ الطلاق ﴾.

حتى في أوقات الخلاف وحين يشتد النزاع وتصل الأمور إلى الطلاق الرجعي هو بيتها..!!

ولم ينس الكاتب أن يقول بعدها:

أي جمال ودقة في آيات الله فسبحان مَن كان هذا كلامه. وتالله ما رأيت دينًا يصون ويرفع قدر المرأة مثل الإسلام. رحم الله كاتب هذه السطور وناشرها.].

انتهى ما أردت اقتباسه من الرسالة وهو كاف في توضيح فكرتها.

* أقول:

الرجل الذي اشترى البيت الذي يعيش فيه هو وأسرته: هو صاحب البيت، ومن يريد أن يجعل البيت بيت الزوجة فإنه يحرف الحقيقة وأحكام الشريعة في الملكية والميراث وغير ذلك، لغاية في نفسه.

الرجل يسكن إلى زوجته، أي تشعر نفسه بالسكينة مع الزوجة الصالحة، فهو يسكن إليها، وليست هي مالكة البيت وهو ساكن عندها!!.

شتان بين أن تسكن إليها وبين أن تسكن عندها.

ما هذا التحريف للغة العرب؟!.

* قال الله عز وجل {ولا على أنفسِكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم}، وقال {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}، وقال {واللهُ جعل لكم من بيوتكم سكنا}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، فمن قال إن البيت بيتها والرجل ساكن عندها فالظاهر أنه لا يؤمن بالله جل وعلا ولا بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ولا بالقرآن الكريم وأنه يريد تحريف معاني القرآن والسنة.

فالذي يقول البيوت ليست بيوتكم وهي بيوت زوجاتكم كلامه غير صحيح

أخي الكريم

لا إشكال في أن يُنسب البيت للزوجة وأن تقول لها من باب البر أنت صاحبة البيت أو راعية البيت

الإشكال في قوله "بيوتكم ليست لكم"!.

ما المراد بهذا النفي

العالَمانيون لهم أهداف خبيثة

المهم عندهم تحطيم اللغة وتحريف معاني القرآن

هل يصح شرعا أن تقول للناس بيوتكم ليست لكم بل بيوت زوجاتكم

إذا كان المرادُ البِرَّ والإحسان للنساء فهذا من الدين

لكن محور الحوار ليس هذا

ينبغي أن ننتبه لخطر الأساليب الملتوية

هنالك أناس لا يعجبهم أن نتواصى بالبر والعطف والإحسان للنساء ويرون أن هذا من الفكر الرجعي المرتبط بالأديان وهي عندهم قيم وأحكام بالية يجب أن نتجاوزها.

هذا الذي أرى أنه من الكفر بآيات القرآن ولو بكميات ضئيلة، كما يفعل من يريد أن يعوِّد نفسه وغيره على تجرع السُم.

كثيرا ما نرى بعض الناس يفضل ما يروجه أهل الحِداثة وما بعد الحِداثة على النص القرآني!.

هذا الحبل طرفه الآن هنا ونعرف وجهته، فأين منتهاه؟، ومتى سيصل؟!. الله أعلم.

نسأل الله العافية والسلامة لنا ولسائر عباد الله أجمعين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين