متى نتخلّص من هذه الفوضى الفكرية؟ نازلة كورونا نموذجاً

لو اطلع شخص ما على ما نشره المشايخ والشباب المتديّن في هذه النازلة وما فيها من متناقضات واتهامات لأدرك أن مجتمعاتنا مسكونة بأزمات مستعصية، وهي غير قادرة حتى على مجرد التفكير السليم، هذا حصل في كل نازلة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو طبّية!!

لنأخذ الآن نقطة محددة من نازلتنا اليوم وطريقة التفكير التي تشاهدونها:

سؤال منطقي يطرح: هل التجمعات تساهم في انتشار الوباء؟ نعم، كيف إذن نتعامل مع حاجة الناس إلى اللقاءات الدينية والاجتماعية والتجارية ..الخ هنا ممكن تكون عندنا مقترحات محددة لمناقشتها بشكل عملي، والقول الفصل في هذا للأطباء بكل تأكيد. وكان الله يحب المحسنين.

لكن العقل المأزوم يطرح أسئلة ومداخلات أخرى لا علاقة لها بأصل السؤال، وهي تزيد من حالة الارتباك والفوضى، مثل:

1- لماذا نخشى من كورونا أكثر من خشيتنا من الله؟

2- لماذا التركيز على الأسباب المادية ونسيان الأسباب الربانية؟

3- لماذا الإصرار على إغلاق المساجد؟ وترك الأسواق والمولات؟

4- هل في حالة الأزمات يجب اللجوء إلى المساجد أو الهروب منها؟

5- هل هذا انتقام إلهي من الكافرين والظالمين؟

6- أو هو غضب إلهي على المصلّين والمعتمرين ولذلك طردهم من بيته؟

7- كيف يدعو ترمب الناس للصلاة من أجل رفع الوباء، وعلماؤنا يدعون إلى ترك الصلاة؟

8- هل هناك أهداف سياسية من وراء هذا الإجراء أو ذاك؟

9- هل كورونا جندي من جنود الله أو جندي من جنود الشيطان؟

10- لماذا المبالغة في الاهتمام بهذا الموضوع وهو مرض بسيط، ومحاولة تقليد الكفار في ذلك؟

هذه نماذج من (المجادلات) التي تبعد المسلمين عن التفكير في الحل، وتشغلهم في صراعات داخلية واتهامات متبادلة لا حدود لها، وجرأة على بعضهم، فلا هم حلّوا مشكلتهم مع كورونا، ولا هم حافظوا على أخوتهم وعلاقاتهم..

هذه الصورة تكررت كثيرا بين أبناء هذا الجيل في كل مسألة طارئة، إنه على استعداد ليحوّل كل مسألة إلى معركة داخلية شرسة، وإذا كان هذا في مسألة واضحة مثل كورونا فما بالكم في المسائل السياسية المعقدة؟

بصراحة إن لم يغيّر هذا الجيل من طريقته في التفكير، فإنه سينتقل من فوضى إلى فوضى حتى يصاب بالدوار، والغريب أنهم مع كل هذا يدّعون أنهم يمتلكون الحل الأمثل لمشكلات العالم لو أتيحت لهم الفرصة!!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين