ما يجب فيه الحد من المعاصي

المعاصي التي يجب فيها الحد الشرعي سبعة

إحداها: الردة: إذا خرج المسلم عن دينه بقول أو عمل، يمهل ثلاثة أيام يستتاب فيها من غير إكراه ولا تعذيب، فإن تاب قبل، وإن لم يتب قتل لحديث «من بدل دينه فاقتلوه». وهو في "صحيح البخاري".

ثانيتها: القتل: من قتل مسلمًا متعمدًا، قتل به، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ﴾ [البقرة: 178] الآية.

ثالثتها: الزِّنا: من زنى ولم يسبق له زواج يجلد مائة جلدة، لقوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: 2] الآية، وينفى سنة، لحديث الصَّحيح «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام».

ومن زنى وقد سبق له زواج -وهو المحصن- يرجم حتى يموت؛ لأن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رجم الزانيين المحصنين، ورجم بعده الخلفاء الراشدون وانعقد عليه الإجماع.

رابعتها: اللواط: يرجم الفاعل، وكذا المفعول به إن كان بالغًا، سواء أكانا محصنين أم لا، لحديث: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به».

خامستها: القذف: من قذف مسلمًا أو مسلمة بالزِّنا ولم يأت بشهود أربعة يثبتون ما قال، يجلد ثمانين جلدة، ويفسَّق، ولا تقبل له شهادة في شيء إلا أن يتوب، لقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ٤ إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ٥﴾ [النور: ٤ – ٥].

سادستها: الخمر: من شربها يجلد ثمانين جلدة، وثبت في الحديث أن الشارب يقتل في المرة الرابعة، وبه أخذ عبد الله بن عمرو وابن حزم وغيرهما فقالوا في شارب الخمر: يجلد ثلاث مرات، وفي الرابعة يقتل.

سابعتها: السرقة: قال الله تعالى:﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة: 38].

وبينت السنة أن من سرق ربع دينار نقدًا أو ما يعادله من ثياب وغيرها تقطع يده اليمنى من الكوع، فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم، فإن عاد الثالثة قطعت كفه اليسرى، فإن عاد الرابعة، قطعت قدمه اليمنى، فإن عاد الخامسة يعذر بما يكون دعا له. وذلك موكول إلى اجتهاد الحاكم، وورد في حديث أنه يقتل، لكنه حديث ضعيف، وبقية المعاصي التي لا حد فيها شرعًا، يجب فيها التعزير بضرب أو نفي أو غيرهما حسب اجتهاد الحاكم.

والحكمة في اختصاص الحد بهذه السبعة: أنها تتعلق بالضروريات التي لا يستغنى عنها، وهي:

1- الدين: وهو ضروري للإنسان، وللمجتمع. ومحافظة على بقائه وجب جهاد الكفار، وقتل المرتد.

2- النفس: وهي أساس الحياة، فوجب القصاص ممن أزهقها بغير حق.

3- النسب: وبه يمتاز النوع الإنساني، وحفظًا له من التلوث والاختلاط، وجب حد الزاني. وألحق به اللواط؛ لأنه -مع شذوذه- ينشأ عنه امتهان الرجولة، وتقليل النسل، وفي تقليله قطع للنسب، ولكونه قلبًا للطبيعة، عذب الله قوم لوط بقلب بلدهم بأن جعل عاليها سافلها، جزاءً وفاقًا.

4- العرض: وهو مناط الكرامة، وبدونه لا كرامة للشخص، فلهذا وجب حد خادش العرض بغير حق، فيعيش الإنسان مصون العرض، موفور الكرامة.

5- العقل: وهو الموهبة الكبرى، وبه يتميز الإنسان ويتقدم في العلوم والمخترعات، واستجلاء أسرار الطبيعة، فوجب الحد على شرب الخمر؛ لأنها تغتاله، وتعطل مواهبه، ومن هنا حرمت سائر المخدرات: الحشيش والأفيون وغيرهما، ووجب التعزير على تعاطيها: والذين يتعاطونها للناحية الجنسية واهمون مخطئون؛ لأنها لا تأثير لها في تلك الناحية إلا في خيالهم، ولأن حفظ عقولهم - لو علموا- أهم من المتعة التي يطلبون.

6- المال: وهو عصب الحياة، وبه قوامها، فوجب حفظه بالحد على السرقة.

من كتاب:" خواطر دينية"

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين