ما هو مطلوب منك أيها المؤمن بعد رمضان المبارك

فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي

لعل أعظم ما نحرص عليه بعد انقضاء عبادة الصيام : الاستقامة على حقائق الإيمان ، مع الاستجابة لتطبيق المنهج الرباني من خلال تطبيق أوامر الله تعالى والابتعاد عن نواهيه ، والثبات على السلوك الذي يرضي الله والمتمثل بالأخلاق والمعاملة الحسنة ، للوصول بعد ذلك للرشد والرشاد الذي يرتقي بالإنسان في حياته وآخرته .

نقرأ كثيراً قول الحق سبحانه : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة: 186].

فيلفت نظرنا #الجزءالأول من الآية : ولا ننتبه إلى #الجزءالأخير منها ، وكلاهما مهمٌ ومطلوب ، فالجزء الأول منها : يضع النتائج والثمرات ، #والجزء_الثاني : يضع الأسس والمعايير والشروط، فالآية الكريمة ركزت على خمس قضايا:

١- ( فَإِنِّي قَرِيبٌ ) : طمأنة المؤمن بأنها لا حجاب بينه وبين ربه ، ولا واسطات ولا أنداد ، وإنما الحق سبحانه هو أقرب إلينا من حبل الوريد ، فنأنس بقربه ، ونرقى بحضرته حباً وإخباتاً ، وخوفاً وطمعاً .

٢- ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الداعِ ) : وعدٌ منه سبحانه وهو أصدق القائلين ، والإجابة إنما تحقق بحسب حكمته وما يختار هو سبحانه لعبده ، لا ما يريد العبد لنفسه ، من هنا فالعبد لا ينشغل بالإجابة متى وأين ؟ ولكنه مفوض أمره لربه ، قال أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"إني لا أحمل هم الإجابة, ولكني أحمل هم الدعاء, فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه" .

٣- (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ) : وهنا تصريح بمطلوب ينبغي عدم تناسيه ، وهو أن نفوسنا تتشوف لاستجابة الدعاء ، وتتطلع لتتنعم بقرب الله والاستئناس بمعيته ، ولكن لا نهتم بالوسائل التي توصلنا إلى هذه الغاية السامية ، ألا وهي الاستجابة لله في كل ما أمر ونهى : ليس فقط في رمضان ولكن في جميع أيام السنة وشهورها ، وبهذا نصل إلى الحياة الحقيقية التي نسعد ونرقى بها كما قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .

٤- ( وَلْيُؤْمِنُوا بِي ) : لفتة عجيبة مع أننا مؤمنون بالله وندعوه ونتيقن قربه ، ولكن مع ذلك يقول لنا ربنا سبحانه : ( وَلْيُؤْمِنُوا بِي ) : والمقصود حققوا مطالب ومبادئ هذا الإيمان واثبتوا عليه في نفوسكم وسلوكم وأخلاقكم : من محبة لله وتوكل عليه ، والخشية من جلاله والرجاء في رحمته، وتقواه وتنفيذ أوامره ، وذكره وعدم الغفلة عنه.

٥- ( لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) : ثمرة تسعد بها القلوب، ونتيجة يتطلع لها من يحرص على النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ، فإذا كنت ترغب بالوصول إلى الرشد فاحرص على الاستجابة لله ورسوله ، ولتكن ممن يطبق حقائق الإيمان بالله تطبيقاً حقيقياً فيما بينك وبين ربك، وفيما بينك وبين عباد الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين