ما  أروع  صبرك...

لست اخلف وعدي في أن لا اكتب رسالة إعجاب لسجين المعتقل ..سأكون سعيدة جدا لمن يقرأها..

كبرت على حب الأمانة بدءا بحرف ووصولا إلى منتهى صبري..فمن هذه المسافة استنشق عبق الطمأنينة في أن أبطال الصمود لهم  وقع  على عيني نسورا تحلق فوق نار الغضب..

أصبحت انسج أفول المستقبل و أنا أتتبع القفا من أثر ما تركت في بيتك لأهلك ممن ودعوك لآخر مرة على أبواب سجون من حديد...لم افهم معاناتك إلا  و أنا ارقب رسوما على جدران السجن من  أزهار  و نار و دخان..لا يهم  لما اختلاط الصور ، لأني فككت عقد المشهد ..فيه غضب كثير و صمت رهيب..لكنه من حقك يا أسير السجون أن تنقش على الجدران و ترتل القرآن ففي الترتيل تجويد الاحتكام إلى الله بكل صبر و ما أروعه من صبر ...

أحب الهدوء و الظلام حينما أكتب عن الصبر لمن لم يروا نورا و لا حرية تكسر أغلال أيدهم المكبلة من زمان.. هو الإجرام  لطائفة من البشر حتى لا  تعيش تحت ضوء القمر أو فوق هضاب التلة  و  رسمت أسوار السجون أعمارهم بداخل هيكل ينقطع فيه النفس إلا ما تبقى لأجل البقاء على قيد  حياة لم يعد لها شبه لمن يسكنون في واسع الرحبة..

لم أوقد ضوء مصباحي بعد حتى أجرب لنفسي لحظات بغير إنارة فهل يقطر قلمي عبقا مريحا من نسيم كلمات المواساة أم أني سأحتاج لمراجعة دقيقة لما كتبت تحت فانوس التواضع و التقدير لصبر كل سجين معتقل ..

هل حل الدمار على أبنية المعاقل أم سكتة صوت لغير رجوع إلى الأهل و المسكن..صحيح هو كذلك واقع حصار العقول و السواعد و الإرادات..كم للمشهد من وصفات ليست لأدوية باتت تضمد جراح الرفض لكل دخيل على العقل و الكيان و المنبت..للشجر و الزهر عبرات ثقال في أن ترتوي حزنا و غضبا على أهل السقيا من غابوا بغير حق يبرر غيابهم عن جمال المنظر في بستان البلدة..لكنه الغضب في أوج غليانه في أن السجون لغير الظالمين  كسر لعظم السجود للواحد الأحد و لكن السجود سيتم ولو تحت دوي المدافع..

 

خلت نفسي أحلم بغير ضبط لتوازن أحرفي لأن الدموع تخونني في مفترق الأسطر ..هي كلماتي لا تريد فراقا عند منعرج الإقرار بظلم الكوادر ..لكني على مهل نظمت فواصل المشهد حتى لا أسرع الخطى إلى أبعد الاحتمالات فيما يحدث بداخل أركان  الرماد بوحشة الوصال مع غرباء من حرمان الأكل و النوم و رفق المرافق في أنهم يوما ما ولدوا أحرارا بغير سلاسل و لا لجام لكلام المنطق في أن الحرية حق موهوب و استنشاق الهواء مطلب موجود بغير مقابل...لكنه التجاوز بعينه لمن أرادوا حرية و عيشا مكفولا بمكسب الحلال المتواصل...

في برمجة حقوق الإنسان صيحات عديدة على أرجاء دول العالم و لكنها لم تحرر سجينا من جور الرصاص فوق الأعناق حسا مزعجا لابتهال الألسن و خشوع الأعين في تسابيح الصلاة...راجعت بنود القوانين من بند إلى بند..لم افهم بل لم اقتنع بفهم المواد في ديباجة المعرض..كلام و فقط حتى تملأ الكتب صفحات من حرير ملمع المظهر..جميل أن نفهم دوي المدافع من فوق خيمات القبائل المهاجرة من هنا و هناك و لكن كيف نفهم مساجين لسنوات طوال ضاع فيهم العمر إلى غير مرجع و السبب انه لا سبب..فاصلة و سأكمل ختام الكلام ..فلي راحة لقلمي من بين أناملي حتى لا يضيع الصدق بين تنهيدات روحي لما يحدث في كل مكان  لما لم يترك لي مجالا للتعبير عما في قلبي برضى نفس...

لأهل بورما أكثر وقع الألم  على ركيزة قلمي لأنها أول المشاهد انتشارا لخروقات الحقوق..عجبا طول المنظر في مخيلتي و لكن سأتخلى عن تذكر الصور لأنتقل إلى مشاهد من سوريا و فلسطين و مصر...هنا الحزن يزلزل دمعي في ترجمة لأهل الخير من قديم الزمان...

سأسكت صوت قلمي لأني سأسرع في ختام الكلام ..لست أقوى على زيادة لأكثر من جملة لأني أنا كذلك أعيش في سجن الحنين لعالم  مستقر ..و لكن سأكتب في الختام : ما أروع صبرك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين