ماذا يفعل لو عرف النهاية - ـ

ماذا يفعل لو عرف النهاية ؟!

الدكتور عثمان قدري مكانسي

أخوة ثلاثة  ، كبيرهم في الرابعة والثمانين ، ثريّ يحب الحياة ولا يألو جهداً في ترفيه نفسه ، لم يُرزق ذرية ، فهو وزوجته عصفوران أو قل طيْران ينتقلان هنا وهناك يستمتعان بمباهج الحياة .
واخوه الأوسط في الثامنة والستين من عمره له ثلاث بنات ليس غير . يعيش وأسرته حياة طيبة ، ولا يقصّرأخوه الكبير في عونه ومتابعة أموره . أما الأخ الأصغر فقد أتم الرابعة والستين  رزقه الله البنين والبنات ، وكفاه مؤونة الحياة فهو تاجر ناجح  .
كان الرجلان ينتظران موت أخيهما الكبير حالمَيْن بثروته التي ينتظران أن تكون لهما بين آونة وأخرى ، ويعقدان على ذلك الآمال الكِبار .
وتمضي الأيام ثقيلة على نفسَيْهما المتربصَتَين وهما يريان أخاهما الكبير " جمالاً " صحيح الجسم منتصب القامة لا يبدو عليه علائم الشيخوخة كما يتمنّيان ويرسمان .
وفي صباح يوم حزين يشاء القدر أن يسبق الأخ الأوسط أخويه إلى الدار الآخرة ، ويصبح الوارث موروثاً ! إن بناته الثلاث يرثن ثلثي تركته ، وللزوجة الثمن ، ولأخويه ما يبقى من المال  ( ربعه ) . ونصيب الواحد منهما خمسة عشر ألفاً . يتخلى الكبير لبنات أخيه عنها ، فهو غني لا يحتاج ، وبنات أخيه بناته ، ولو كنّ فقيرات لوجب عليه – كما يعتقد وهذا أمر صحيح – أن يتكفل بهنّ وأن يصرف عليهنّ . هذا ما يفعله المسلم الواعي والمؤمن العاقل .
ويعلن الاصغر أنه لن يفعل فعل أخيه ، ولن يفرّط في حقه ، فهو أولى به .
وترسل أم البنات إليه أن يأتسيَ بأخيه ، فهؤلاء رحِمِه وبعض لحمه ودمه ، فيأبى الاستجابة لها ، فتتشفع ببعض الأصدقاء ، فيعرض عنهم .  ويسمعهم ما لا ينبغي .... . تعرض عليه أن يكتفي بخمسة آلاف  ، ولـْيترك الباقي  لبنات أخيه ، يحمل هذا العرضَ بعض الأهل والأصدقاء ، ويقوم هؤلاء بوضع المبلغ على مائدته ويذكّره الشفعاء بوشائج القربى  ، ويتشفعون إليه  بالمروءة وصلة الرّحِم  ، ويستعطفونه على بنات أخيه ، فلا يُكلّم  أحداً منهم  إنما  يمسك بسمّاعة الهاتف  فما إن تردّ امرأة اخيه  حتى يقول لها محتدّاً : إنه لن يترك لها ولبناتها شيئاً ولو كان ً زهيداً ، ملعقة في المطبخ ، أو علبة كبريت ، أو كأساً فارغة ، أو ... وارتخت قبضته ، وسقطت سمّاعة الهاتف من يده ، ولحق بأخيه .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين