ماذا يريد الأبناء من آبائهم؟

ماذا يريد الأبناء من آبائهم؟

 

د. عبد المجيد البيانوني

قد يُفصح كثير من الكبار عمّا في أنفسهم من نقد أو نصح، أو ملاحظات نحو الآخرين، ولكنّ الصغير نادراً ما يتجرّأ على تقديم نصحه أو نقده لمن هو أكبر منه، وبخاصّة إذا كان الكبير هو الوالد، فالحاجز عن النصح يكون أحكم وأتمّ..

ومن هنا وانطلاقاً من قول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: " رحِمَ اللهُ امرءاً أهدَى إليّ عُيوبي " فقد أجرت المدرسة استبانة لطلاّبها، بأسلوب مسابقة، طلبت منهم فيها أن يفصحوا عمّا في أنفسهم من نصح وملاحظات، وآمال وتطلّعات يرغبون بها في سلوك آبائهم معهم، وقد كانت إجابات الطلاّب تحمل فوائد كثيرة للآباء، وتعكس مشاعر الأبناء نحو آبائهم بموضوعيّة وصدق وعفويّة، وتظنّ إدارة المدرسة أنّ كلّ أبّ أو مربّ يحرص على أن يعرف وجهة نظر الناشئ، ورأيه فيه..

ويخطئ من المربّين من يظنّ أنّ الأبناء في مرحلة الطفولة لا يدركون كثيراً من تصرّفات الآباء والمربّين، أو لا يلتفتون إليها.! بل إنّهم ليقوّمون مواقف الآباء والأمّهات والمربّين، وأقوالهم وأفعالهم، فيزدادون ثقة وإعجاباً ومحبّة، أو إنّهم تهتزّ ثقتهم بهم، ولا يرونهم قدوة حسنة لهم.. ممّا يضعف استفادتهم منهم، واستجابتهم لهم..

وإنّنا تحقيقاً للتواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، ولتعميق الصلة بين أولياء الأمور وأبنائهم، ورغبة من المدرسة في أن تمتدّ رسالتها لتكون أعمّ من أبنائها الطلاّب، فإنّ المدرسة لتتقدّم للسادة أولياء الأمور بمجموع ما وصل إليها من نصح الأبناء وملاحظاتهم، فمن وجد ملاحظة لم تشمله فليحمد الله تعالى، ولينتفع بما يخصّه، فإنّ تعديل المربّي في سلوكه جزء من مسئوليّته الشرعيّة والتربويّة، والكمال لله وحده، والعصمة لأنبيائه ورسله، والله الموفّق لكلّ خير..

ويمكن أن نصنّف طلبات الأبناء من آبائهم في النقاط التالية:

1  أن يكون اهتمام الوالد أكثر بمتابعة أولاده في أداء الصلوات الخمس مع الجماعة، وبخاصّة صلاة الفجر، وأن يوقظ ولده لأدائها.

2  أن يهتمّ الوالد بالصلاة أكثر، ولا يضيّع شيئاً من الصلوات، ويصحب ولده معه إلى صلاة الجمعة.

3  ألاّ يكثر الوالد من الجلوس أمام التلفاز أو القنوات الفضائيّة، ويهمل أولاده فلا يجلس معهم.

4  أن يكون الوالد صديقاً لولده، يصحبه لزيارة أصدقائه، ويشاوره في أموره.

5  أن يتحفّظ الوالد في زياراته لأصدقائه، فلا يتكلّم أمام أولاده بأمور لا ينبغي أن تعرض على أسماعهم.

6  أن يكون الوالد متفهّماً لسلوك ولده، يسامحه عن بعض أخطائه، ويترك له مجالاً للدفاع عن نفسه إذا أخطأ.

7  ألاّ يكون الوالد عصبيّ المزاج مع ولده، قاسياً في تربيته، يكثر الصياح، ويغضب لأتفه الأسباب.

8  أن يكون الوالد مرحاً مع أولاده، مترفّقاً بهم، مداعباً لهم.

9  أن يسمح الوالد لولده بالالتزام بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، ويشجّعه على ذلك.

10  أن يخصّص الوالد لأولاده وأسرته جلسة أسبوعيّة للتوجيه الدينيّ، وذكر قصص الصحابة وأخبار السلف الصالح.

11  أن يخصّص الوالد لأولاده وأسرته جلسة أسبوعيّة لتعليم القرآن الكريم وتجويده.

12  أن يخصّص الوالد لأولاده وأسرته جلسة أسبوعيّة لمجالستهم ومباسطتهم.

13  أن يتابع أولاده في الدراسة، ويعينهم في دراستهم.

14  أن يكون الوالد قدوة لأولاده في فعل الخير والعمل بكلّ ما يأمر به.

15  أن يبتعد عن الدخان والشيشة، وعن كلّ ما يضرّ بصحّته.

16  ألاّ يغيب عن أولاده كثيراً، وإذا غاب عنهم أن يعوّض لهم بجلساته معهم، ومباسطته لهم.

17  ألاّ ينشغل بدنياه كثيراً، ويهمل أهله وأولاده.

18  أن يخصّص الوالد لأولاده مكتبة في البيت، فيها كلّ ما يناسبهم من القصص المفيدة، والكتب الدينيّة والعلميّة والثقافيّة.

19  أن يشارك الوالد أولاده في ألعابهم، ويرشدهم إلى اختيار المفيد منها.

20  ألاّ يخاصم زوجته أمام أولاده، فإنّها أمّهم، ويجرحهم ما يجرحها.

21  أن يملأ الوالد فراغ أولاده بما ينفعهم، ويرشدهم إلى ملء أوقاتهم بكلّ نافع ومفيد، ويشجّع أولاده على تنمية مواهبهم وهواياتهم المفيدة.

22  أن يقدّر الوالد متطلّبات كلّ مرحلة من عمر أولاده، ويعطي كلّ سنّ حقّها.

23  أن يشجّع الوالد أولاده أمام الآخرين، ولا يحقّرهم أو ينتقصهم.

24  أن يعلّم الوالد أولاده الشجاعة الأدبيّة، بتعليمهم آداب الحديث، وآداب المجالسة للآخرين ومحاورتهم، وأن يعوّده على الدعوة إلى الخير، والجرأة في قول الحقّ بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذل النصح، وتقبّل نصح الآخرين وملاحظاتهم.

25  أن يكافئ الوالد ولده إذا تفوّق في دراسته، أو أحسن فيما يطلب منه من عمل.

وختاماً؛ فإنّ ممّا يثلج الصدر أن تصلنا بعض الإجابات التي يرى فيها الأبناء في آبائهم قدوة حسنة، وأسوة طيّبة في الأخلاق والسلوك، والمعاملة التربويّة الواعية المسئولة، ممّا يجعل شخصيّة الابن سويّة متّزنة، وينعكس ذلك على نشأته بكلّ خير وصلاح.

وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين