ماذا يحدث في حركة أحرار الشام؟

 

كتبت خمسة أسطر ثم حذفتها وكتبت ستة غيرها، ثم حذفتها وكتبت بضعة أسطر جديدة، ثم قررت أن أترك القصة الطويلة وأكتفي بتعليق موجز: 

ما رأيناه أمس في حركة أحرار الشام هو انقلاب على قيادة الحركة، وهو التجلّي الحقيقي لضعف الإنسان أمام واحدة من أكبر شهوات الدنيا، شهوة السلطان.

إنه المرض نفسه الذي رأيناه في حلب عندما سطت حركة الزنكي على تجمع فاستقم، وعندما تحالفت جبهة النصرة وكتائب أبي عمارة وجماعة أشداء للهجوم على فيلق الشام وجيش الإسلام. هذا كله حصل في حلب المحاصَرة التي تعيش أصعب أيامها على الإطلاق. لم يشفع للفصائل المستهدَفة أنها تقف على ثغور وجبهات لا يغطيها غيرُها، ولم يردع الفصائل المهاجِمة علمُها اليقيني أنها إنْ خرقت المركب لتُغرق خصومها فإنها حتماً ستغرق مع الغارقين.

أمس كرر بعض المغامرين الطائشين المأساة نفسها، فلم يترددوا في توجيه طعنة نجلاء لأعظم فصائل الثورة السورية أملاً في التصدر والسلطان، وقاموا بمحاولة انقلابية سافرة بعدما فشلت محاولتهم الانقلابية السابقة التي نفذوها قبل شهور، وبعدما فشلوا في تعطيل الانتخابات الأخيرة واستثمارها لصالحهم، ولعلهم استعاروا شعار "الأسد أو نحرق البلد" فقالوا: "نحن أو نحرق حركة أحرار الشام". قالوها بلسان الحال وإن لم يقولوها بلسان المقال.

* * *

ويسألني كثيرون: ما تعليقك على ما جرى في حركة أحرار الشام؟

 ليس عندي ما أقوله سوى تذكير القوم بما عرفوه ثم نسوه: إن الصفقات في الدنيا أربع: رجل اشترى دينه بدنياه، فهذا أربح الناس. ورجل اشترى دنياه بدنياه، فهذا ربح وخسر ولا شيء عليه. ورجل اشترى دنياه بدينه، بئست الصفقة وأعظِمْ به من خُسران. ورجل اشترى بدينه دنيا غيره، فهو أخسر الناس.

يظن كثير من الساخطين الذين قرأت تعليقاتهم الغاضبة على المحاولة الانقلابية الجديدة أن القوم ينتمون إلى الفريق الثالث، وأظن أنا أنهم من الفريق الرابع. الأيام حُبالى، ولسوف ينكشف في غدٍ المستورُ وتظهر الحقائق المحجوبة للناس. سوف يندم القومُ في يومٍ لا ينفع فيه الندم، لكنّ الندامة الكبرى لن تكون قريبة في هذه الدار، إنها المصير المؤجَّل ليوم الوقفة الكبرى في دار الجزاء.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين