ماذا فعلت بنا ياشيخ

أبو عبيدة

 
 
ماذا فعلت بنا ياشيخ ،لقد كنت في قلوبنا نورا على نور ،كنت قائدنا الى الخير والرشاد،كنا نحتمي بك في وجه الغارات الفكرية التي تشن علينا ،ونحن نعلم أن وراءنا سندا متينا ،ملأت قلوبنا بحب الله عزوجل وبحب رسوله عليه الصلاة والسلام ،زكيت نفوسنا وكنت دائما تحذرنا من باطن الاثم قبل ظاهره ،كنت في عيوننا وقلوبنا من ورثة النبي عليه الصلاة والسلام ،بكل دلالات هذه الكلمة العظيمة العلمية والانسانية والروحية ،فلذنا بك اقتداءا واسترشادا وحبا وتعلقا ،ثم ماذا .... فجأة سقطت ،سقوطا مدويا بشعا ،مادت الأرض تحت أقدامنا ،تحركت الجبال من حولنا ،لم نفهم ،حاولنا أن نحسن الظن ،ولكنك أبيت الا أن تفشل  كل المحاولات ،حاولنا أن نبررالمواقف ،نفلسف الموضوع ،لعلنا نجد مخرجا ،ولكن السقوط كان أكبر من كل محاولات التبرير والتفسير ،هاجمك الناس ،والناس ألوان وأشكال وثقافات مختلفة ،حاولنا أن ندفع عنك ،ولكننا لم نستطع الوقوف في وجه من شتمك بل ولعنك وخونك بل ....ويكاد بعضهم ممن يعبد الله على حرف أن يخرج عن دين أنت تمثله .
لا أريد أن أناقشك فيما تذهب اليه ،ولكنك تبذل جهودا جبارة في التشويه والتزوير ،جهودا تحتاج الى اعمال الفكر ساعات وساعات لكي تنزل النص في غير مكانه ،ولكي تحول الشياطين الى ملائكة ،والملائكة الى شياطين ،انك تسكت عن جرائم 40 سنة كنا في السابق نعتب عليك مجرد السكوت عليها ،فاذا بك اليوم تدافع عنها ،وتعد الثكالى والأرامل والأيتام باصلاحات هي –وأنت تعلم- أقرب الى أمل ابليس في الجنة ،أنت اليوم الناطق الرسمي باسم السلطان الجائر ،تنقل للناس وعوده وبشائر محبته وعطاءاته الخادعة ،حرام عليك ياشيخ ،حرام عليك نفسك ،وحرام عليك نحن.،ويقين الكثيرين ممن كان لك في قلوبهم منزلة أنك جاهل بما يجري على الأرض ،وتستقي معلوماتك من أعداء الأمة ،وترى في الوقت نفسه أنك قد كشفت لك الحقائق سافرة ،وتنزل عليك الالهام بها تنزلا ،وما ننكر تنزل الشياطين على أوليائها !!! فليس لديك -ورعا – تلفاز كما يشيع ،ومع ذلك ترى أمورا وتقطع بها كأنك تراها ، ولكن للأسف عبر شاشة رديئة ،والأنكى من ذلك أنك خبير بالنوايا خبرة تدفعك بكل قوة الى أن تطعن بها ،وماأدري ماعذرك عند الله غدا ،يوم تبلى السرائر .
هل تعرف ماذا يعني سقوطك ؟ طعنة غدر في ظهورنا جميعا ،زلزلة للحقائق التي ما فتئت تزرعها سنوات قبل السنة العجفاء التي أنت فيها في قلوب الكثيرين ،تسليط كلاب اللادينية المسعورة علينا ،تحييد ملايين الناس من معركة الحق والباطل ،الكلام الذي نسمعه اليوم ممن كانوا يعرفون محبتنا واجلالنا لك يقطع أجسادنا ،لا يهم كثيرا ان كنت منتفعا أو غير منتفع بمواقفك ،فشر الناس من باع آخرته بدنيا غيره ،ولكنك ياسيدي بعت آخرتك ودنياك وآخرة الكثيرين ممن كانوا يؤمنون بك بدنيا الظالمين .
أنت أعلم مني بالفقه وأحكامه ،والتزكية ومراتبها ،ولكنك على مايبدو لا تعرف شيئا عن اربعين سنة عشناها جميعا نمضغ الحنظل ،أو أنك تعرف ولكن شخصك الدكتاتوري المعتد بنفسه والذي لا يقبل الرأي الآخر يجعلك تمضي في طريق بدأته منذ سنين وتأبى أن تنكص عنه ،ياشيخ قتلتنا ،قتلت فينا كل أمل ببعث اسلامي جديد ينبثق من علمائنا الأفاضل ،الحمد لله أن الساحة لم تخل من الصالحين والصادقين ،ولكن سقوطك أوجعنا الى حد الصراخ وفقدان الوعي من شدة الألم .
تطلب منا التوبة لتزاح سكين الجزار من على أعناقنا ،عرفنا في التاريخ الاسلامي علماءنا وهم يطلبون التوبة من المجاهدين في أرض المعركة بعد حمل السلاح والهم بالاقبال على العدو ،تتكلم عن سد الذرائع ،ألا يستحق العدل ورفع الظلم واحقاق الحق والشعور الحقيقي بالامن أن يقف الناس ليعترضوا على كل الظلم الذي هشم أحلامهم ومحبتهم للحياة ،تكلمنا عن الفتنة ،والحق بين والباطل بين ، تكلمنا عن الوحدة وعدم التقسيم كأن كل من عدا سلطانك الذي ترى فيه سيما الصلاح يفترض يقينا أنه عميل وخائن ولايريد الا الشرور لبلد تتكلم عن بركته ولكنك تسكت عن ظلمته ،ألم تؤد ممارسات أربعين عاما الى هجرة عشرات الآلاف من البلد المبارك الى بلاد الله الواسعة خوفا من القتل لمجرد الانتماء الى دين الله ؟ أنت غادر ياسيدي ، وغدرك مس كل أهل بلدك حتى أقرب الناس اليك ،ماأصعب الغدر وما أبشع مرارته على لسان المغدور ،والله اني لأدعو لك بالهداية وحسن الخاتمة ،وأنت بالحسبان قد مت- أيها الشيخ- فإن بعثك الله من جديد ، وليس ذلك على الله بعزيز،عدت لتضيء ، وستكون إضاءة رائعة تسجل لك في تاريخ بلدنا الحبيب ، تمحى بها ظلمة حالكة غطت وجهك فترة من الزمان ، وإلا انتظرنا حتى توارى الثرى الذي من العجب أنك تذكره كثيرا ، ودون أن يترك بصمته في موقفك المظلم ،أجل ، نعتبرك قد مت ياشيخ!! ونتابع حياتنا مع المعاني الجميلة التي غرست في قلوبنا ثم بعتها إما بثمن بخس ، وأنا استبعده ، أو بجهل بالحال الذي تنطست لمعالجته ، فكنت بعيدا عن حقائقه ، وأجلت لسانك تشرح فيه على غير بصيرة!!! وتركتنا في كمد آسر لفقد مثلك في ميادين العدالة والكرامة والذب عن الإسلام الذي تعشقه فيما كنا نحسب. .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين