ماذا أبقوا لشعب سورية من ثورته ؟!

حين يكون المحامي عبد خليل مختطفا في الرقة

والمحامية رزان زيتونة مختطفة في دوما

والأب باولو مغدوراً به بين ظهرانينا

ماذا أبقوا لشعب سورية من ثورته ؟!

 

 

 

 

لن أكتب لقد طفح الكيل ، بل سأكتب : لقد جاوز الظالمون المدى . وتفننوا فبالغوا في إلحاق الضرر بمشروع الثورة وفي إيذاء الثوار . وكلما قدمنا أن الموقف يحتاج إلى بعض المصانعة للاحتواء الرفيق وجدنا أنفسنا كالمتخبط في الرمال المتحركة أو المستنقعات الموحلة كلما قارب غاص . هؤلاء حرب على الثورة الثوار أكثر منهم على أعداء الشعب السوري .

 

عشرات من الحاملين لعبء الثورة على أرض الشام يكتبون إلي منذ أشهر، لقد توقفت عن الحركة واعتزلت في مهجري : لقد استوقفوني وأسمعوني منكرا من القول وزورا وتهددوا وأوعدوا ...

 

ألا يذكرنا هذا بقوله تعالى (( ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ.))

 

ويكتب آخرون : لقد اعتزلت ، اختطفوني ولم يفرجوا عني إلا بالمعلوم ، والمعلوم معلوم ، أرى نفسي غريبا عما يجري على أرض بلدي . وغيره وغيره من الشكوى كثير  ..

 

يقول فريق ثالث  من الثوار الحاملين الحقيقيين للعبء أصبحنا نحارب على أكثر من محور حالنا في حلب يذكرنا بقول المتنبي :

 

 

 

وسوى الروم خلف ظهرك روم .. فعلى أي جانبيك تميل

 

 

 

ويكتب إلي إمام مسجد خريج شعبانية حلب من تلاميذ الشيخ عبد الله سراج الدين : أصلحهم الله يريدون أن يعلمونا الإسلام ..

 

فهل درى هؤلاء الذين انصبّوا إلينا من أطراف الدنيا أنهم في الشام ظئر الإسلام ، وأنه إذا جاز لهم أن يحطوا أقدامهم على أرض الشام مناصرين ؛ فإن من أبسط أمرهم أن يتطامنوا فيه متعلمين . وكلهم وليس جلهم من إذا أرسلناه إلى معهد الشيخ عبد الكريم الرفاعي في دمشق أو إلى شعبانية حلب أو كلتاويتها . لبدؤوا معه في أصول الدين من أبواب الإسلام والإيمان وفي فروع الدين من أبواب الطهارة في فصولها الأولى ، ولأقرؤوه في فقه التهذيب والتزكية : إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون اكنافا الذين يألفون ويؤلفون ..

 

هذا الفريق من المرّاق ( جمع مارق ) الذين تصنّعهم لنا اليوم طهران هم الذين شكوا سيدنا سعد بن أبي وقاص خال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ساحة الجهاد يوم أحد والديه إلى عمر يوم ولايته على العراق قالوا : إنه لا يعرف يصلي . وجرثومة الشر التي تغذيها طهران اليوم هي التي أرادات مولانا عليا زوج الزهراء وأبا الحسن والحسين وظل رسول الله في فراشه يوم الهجرة ومولى كل مؤمن ومؤمنة إلى يومن الدين ( من كنت مولاه فعلي مولاه ..نعم مولانا وكرامة وقرة عين )  أن يقر على نفس بالكفر وهم الذين استتابوه من الردة كما يستتيبون أهل الشام اليوم ...!!!!

 

جاء بعض هؤلاء إلى سيدنا عبد الله بن عمر يقول له أريد أن أبيع نفسي فأجاهد في سبيل حتى أقتل ؛  ينظر إليه سيدنا عبد الله ويقول : ويحك وأين الشروط ؟! أين قوله تعالى (( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ..))

 

الحافظون لحدود الله في أنفسهم في وقوفهم عند حدهم في الفقه والدين وحسن الخلق والتواضع واللين والرأفة وخفض الجناح والذلة للمؤمنين والوفاء للمعاهَدين ..

 

وتبا لنا من مسلمين إذا كنا لا نميز بين مجاهد ومقاتل . وتبا لها من ثورة إذا كان انتصارها سيقع على أيدي هؤلاء الذين يخرجون علينا يضربون البر والفاجر لا يوقرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا ولا يفوون ولا يتحاشون مسلما ولا يوفون لذي عهد عهده ...

 

إن الدخول في التفاصيل يطيل الحديث ولكن بأي وجه تقابل فئة الغدر وجه رسول الله  وهي التي عاهدت الأب باولو به ثم غدرت . ثم انقضت على الأستاذ عبد الله خليل رجل ساعة من ساعات جهاده خير من جمعها وريعها ، ثم كرت على الأستاذة رزان زيتون السورية التي كانت مشعلا منيرا في وسط الظلام ومن نذكر عناوين لمن لا يتسع المقام للإفاضة فيه...

 

شريعتنا التي آمنا بها كما أداها إلينا الرسول الأمين هي شريعة : بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا . الشريعة التي تعلمنا أن الرفق لم يكن في أمر إلا زانه ولم ينزع من أمر إلا شانه ..

 

شريعتنا التي حملنا رايتها برا ووفاء  ننافح وندافع عنها: رحمة كلها . عدل كلها . مصلحة كلها ..

 

وهذه الشريعة التي يقدمها هؤلاء الغلاة المرّاق لا نعرفها ، وهذه الثورة التي يمشون في ركابها ليست ثورتنا ، ولا نريد نصرتها ..

 

وإن كان هؤلاء صناعة إيرانية أسدية كما نعتقد فقد آن الأوان لنميز الخبيث من الطيب ، وآن الأوان لنجعل الخبيث بعضه على بعض فنركمه جميعا فنجعله في كفة الشر سواء. وإذا كانت إيران وبشار الأسد قد اخترقوا الثورة إلى هذا العمق فلم تعد الشكوى من سوس قد تسلل إلى القمح . إن الأمر أفظع من ذلك وأشنع وهي مسئولية الذين يصنعون قرارات الثورة ومواقفها أن يسدوا الثغرة ويقووا من العثرة

 

وإن كان هؤلاء صناعة جهلهم وغرورهم وتبجحهم فأي داء أدوى من الجهل . (( قَالَ : يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ..))

 

لقد آن الأوان لننبذ إلى هؤلاء المراق عن أفق شريعتنا الوضيء ، وعن مشروعنا الوطني في دعوته للعدل والحرية والمساواة والإخاء على سواء .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين