لوازم معرفة النبوة الحقة

لوازم معرفةِ النُّبوَّة الحَقَّةِ

 

طه محمد فارس

ذكر الإمامُ العلَّامة المُحقق ولي الدِّين المَلَّوي، ابن المنفلوطي (ت: 774هـ) في رسالته القيمة "حصن النفوس" عشرة أمورٍ، أَكَّد على أنَّها من لوازم معرفة النُّبوَّة الحَقَّة، وأنَّه لا يُتَخَلَّفُ عن شيء منها إلَّا لِضَعْفِ المعرفة أو عدمِها، وهي:

الأمر الأوَّل: التَّصديق برسالته صلى الله عليه وآله وسلم جَنَانًا ولِسَانًا، قال الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158]أي: ما أُنزلَ إليه وإلى مَن تقدَّمَه مِن كُتب الله تعالى وَوَحْيه، ولم يَقُل: فآمنوا بالله وبي، بعد قوله:{إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الأعراف: 158] لِيُعْلَم أنَّ الذي وَجبَ الإيمانُ به واتِّباعُهُ هو المُتَّصِفُ بأنَّه النَّبيُّ الأُمِّيُّ الذي يُؤْمِن بالله وبكلامه كائنًا من كان، إظهارًا للنَّصَفَة(1)، وتفاديًا من العَصَبيَّة لنفسه، وفي إيراد الإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم مُقترنًا بالإيمان بالله تأكيدٌ لا يَخْفَى، وفي ذِكْرِنا السَّببيَّة إشعارٌ بِلُزومه لِمَعْرفة رِسالته كما ذَكَرْتُه، والحمد لله.

الأمر الثَّاني: اتباعُه والتَّأسِّي به صلى الله عليه وآله وسلم في كُلِّ عزيمةٍ ورُخْصَة، وعِبَادَةٍ وعادَة، ونَحوِ ذلك، قال الله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] أي: راجينَ رِفْعَةَ الاهتِداءِ المُبْعِدِ من كُلِّ بِدْعَة وضَلَالة، المُوْجِبِ لِمَحَبَّةِ الله تعالى، كما يُصَرِّح به قولُه تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، والحمد لله.

الأمر الثَّالث: إدامَةُ الطَّاعةِ لأوامره ونواهيه صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ} [النساء: 59] أُوْلُوا الأمرِ: خُلَفاءُ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم من أُمراء العدلِ وعُلماء الدِّين(2)، الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] ومَن يُطع أميرَ الرَّسولِ فقد أطاع الرَّسولَ صلى الله عليه وآله وسلم (3)، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } [النساء: 64]

وإنَّما قُلتُ: الطَّاعةُ لأوامره ونواهيه لِمَا صَرَّح به قولُ الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]ولا شَكَّ أنَّ الطَّاعة تَعُمُّهما، والحمد لله.

الأمر الرَّابع: تحكيمُه صلى الله عليه وآله وسلم عند التَّنازع والتَّشاجُر، قال الله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] أي: إن تنازعتُم في شيء من أُمور الدِّين فَرُدُّوه، أي: ارجِعُوا فيه إلى كتاب الله وسُنَّةِ الرَّسول، فهو {خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] أي: عاقبةً(4)، وقيل: تأويلُه صلى الله عليه وآله وسلم أَحْسَنُ من تأويلكم أنتُم(5).

{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] التَّشاجُر: التَّخاصُم، ومنَ الشَّجَر؛ لِتداخُل أغصانه.

والحَرَج: الضِّيقُ، وقيل: الشَّكُّ، لأنَّ الشَّاكَّ في ضِيق صدرٍ حتَّى يَلُوحَ له اليقينُ.

{وَيُسَلِّمُوا} أي: يُنْزِلُوا كُلَّ منازعةٍ بظاهرٍ أو باطنٍ ويَنقادُوا ويُذْعِنوا من غير اعتراضٍ بشيء.

و{تَسْلِيمًا} تأكيدٌ للفعل، بمنزلة تكريره، كأنَّه قيل: وينقادوا انقيادًا بليغًا لا شبهةَ فيه، بظاهرهم وباطنهم، والحمد لله.

الأمر الخامس: مَحبَّتُه صلى الله عليه وآله وسلم أكثرَ من النَّفس والأهل والمال وجميعِ الخَلْق، قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} إلى قوله: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24] (6).

قال الأئمَّةُ رحمهم الله: "اللهُ أَمْرُهُ عقوبةٌ عاجلةٌ أو آجِلَةٌ، وهذه الآيةُ لا يُرَى أَشَدُّ منها، كأنَّها تَنْعَى على النَّاس ما هم فيه من رَخاوة عَقْدِ الدِّين، واضطراب حبلِ اليَقين، فَلْيَتَفَقَّد أَوْرَعُ النَّاسِ وأتقاهُم نفسَه، هل يَجِد عندَهُ من التَّصَلُّب في ذات الله، والثَّبات على دِين الله ما يَستحِبُّ له دينُه على الآباء والأبناء، والإخوان والعشائر، والمال والمساكن، وجميعِ حُظوظ الدُّنيا، ويَتَجَرَّد منها لأجله؟ أمْ يُزْوِي(7) اللهَ تعالى عنه أَحْقرُ شيءٍ منها لِمَصْلَحته؟ فلا يَدري أيَّ طَرَفيه أطول، ويُغْوِيه الشَّيطانُ عن أَجَلِّ حَظٍّ من حُظوظ الدِّين، فلا يُبَالي، كأنَّما وَقع على أنفه ذُبابٌ فَطَيَّرَه(8)"(9).

وفي تعقيب ذلك بقوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24] تسجيل بفسق من كان كذلك، وتهديدٌ بأنَّ الله لا يَهديه أبدًا، نسأل اللهَ العافيةَ واليقين، والحمد لله.

الأمر السَّادس: النَّصيحةُ له صلى الله عليه وآله وسلم بحُبِّ أوليائِه ومُوَالاتهم، وبُغْضِ أعدائه ومُعَاداتهم، والذَّبِّ عنهم وعن دِينه، والمُثابرةُ على تَعَلُّم سُنَّتِه، والتَّفَقُّه في شَريعته ونَشْرِها، والحَضّ عليها، والدَّعوة إلى عِلْمِها، وإلى العمل بها، قال الله تعالى{لنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6]، {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]، والحمد لله.

الأمر السَّابع: توقيرُه صلى الله عليه وآله وسلم واحترامُه، فمتى ذَكَرْتَهُ أو ذُكِرَ عندَك فاخْضَعْ وتَخَشَّعْ، وتَوَقَّرْ، وأَسْكِنْ مِن حَرَكتِكَ، وجُدَّ في هَيبتِه وإجلالِه كما لو كُنتَ بينَ يَديه، واستحضرْ ما أمرَ اللهُ تعالى به في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] الآيات، والحمد وحده.

الأمر الثَّامن: مُراعاتُه صلى الله عليه وآله وسلم في عشيرته وآله وذُرِّيته وأصحابه، وحَمَلَةِ شَريعته، ورُواةِ أخباره، وأَئمَّةِ دِينه، وحُكَّامِ أُمَّتِه، ونَحوِ ذلك، لامِحًا مُراعاةَ اللهِ تعالى في قومه، إذْ دَبَّر لهم رِحْلَةَ الشِّتاءِ والصَّيفِ كما في سورة "لإيلاف قريش"، وفي أتباعه إذْ أثنى عليهم بأنَّهم خيرُ أُمَّة أُخْرِجت للنَّاس، وفي أصحابه بنحو: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة: 100]الآيةَ، {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29] الآيةَ، {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18]، {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] الآية، وفي أزواجه حيثُ قال تعالى:{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: 31]، وفيهِنَّ مع ذُرِّيته أيضًا رضي اللهُ عن الجميع بقوله تعالى{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، ومِن احترامِهِنَّ مِن أجله صلى الله عليه وآله وسلم قولُه تعالى في مُفشيات سِرّه(10):{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، ومنه: إنزالُه تعالى بَرَاءَتَهُنَّ(11) من السَّماء فقال جلّ وعَزّ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} [النور: 11] العشر الآيات، بل قد راعى سبحانَه وتعالى في أهل بلدٍ هو فيه وإن كانوا كُفَّارًا، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33](12)،

(شعر)(13):

............................... لعَين تُفْدَّى ألْفُ عينٍ وتُكْرَمُ

والحمد لله.

الأمر التَّاسع: التَّبَرُّكُ به صلى الله عليه وآله وسلم ، وبأَدعيته، وآثارِهِ، ومَشاهدِهِ، ومُصلَاه، وأشباهِ ذلك، قال الله تعالى: {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} [التوبة: 61]، {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا } [الإسراء: 87]، {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64]، فَشَرَطَ سبحانَه مِن استغفارهم أمرين: مَجيئَهُم إليه، واستغفارَهُ صلى الله عليه وآله وسلم لهم،{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة: 108] الآية.

الأمر العاشر: إدامةُ تكثيرِ الصَّلاةِ والسَّلامِ عليه صلى الله عليه وآله وسلم (14)، وسؤالُ اللهِ تعالى له الوَسيلةَ والفضيلةَ والدَّرجةَ الرَّفيعةَ، وبَعْثَه المَقامَ المَحْمودَ(15)، وأشباه ذلك، قال اللهُ العظيم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، ويتَأَكَّد ذلك عند ذِكْرِه صلى الله عليه وآله وسلم وسَماعِ اسمِهِ(16)، وبعدَ الأذانِ(17)، وعندَ دخولِ المَسجدِ والخروجِ منه(18)، ويومَ الجُمُعةِ(19)، وغيرِ ذلك(20).

اللَّهُمَّ صلِ على محمّد عبدِكَ ورسولِكَ النَّبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمّدٍ وأزواجِه وذُرِّيته، كما صَلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على مُحَمَّدٍ عبدِكَ ورَسُولِكَ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، وعلى آل مُحمَّد وأزواجه وذُرِّيته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، والسَّلامُ على محمّد نَبيِّ اللهِ ورحمة اللهِ وبُرَكاته، والحمد لله وحده.

 

الحواشي:

(1) النَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحَقّ، والنَّصَفة هو الاسم من الإنصاف. ينظر: لسان العرب 9: 330، نصف.

(2) قال الماوردي في تفسيره 1: 499، 500: "وفي أولي الأمر أربعة أقاويل: أحدها: هم الأمراء, وهو قول ابن عباس وأبي هريرة والسدي وابن زيد. والقول الثاني: هم العلماء والفقهاء, وهو قول جابر بن عبد الله والحسن وعطاء وأبي العالية. والثالث: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وهو قول مجاهد. والرابع: هم أبو بكر وعمر, وهو قول عكرمة. وطاعة وَلاَةِ الأمر تلزم في طاعة الله دون معصيته, وهي طاعة يجوز أن تزول لجواز معصيتهم, ولا يجوز أن تزول طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لامتناع معصيته".

(3) فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «مَنْ أطاعني فقد أطاعَ الله، ومَنْ عصاني فقد عَصى اللهَ، ومَنْ يُطعِ الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَني، ومَنْ يَعصِ الأمِيرَ فَقد عَصَانِي» أخرجه البخاري في الأحكام، باب: قول الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول 6: 2681، ومسلم في الإمارة، باب: وجوب طاعة الأمراء في غير معصية 3: 1466 برقم: 1835.

(4) قال الطبري في تفسيره 8: 506: "يعني بقوله جل ثناؤه: "ذلك" فَرَدُّ ما تنازعتم فيه من شيء إلى الله والرسول "خير" لكم عند الله في معادكم، وأصلح لكم في دنياكم، لأن ذلك يدعوكم إلى الألفة، وترك التنازع والفرقة، "وأحسن تأويلا" يعني: وأحمد مَوْئلًا ومغبّة، وأجمل عاقبة".

(5) ينظر: معاني القرآن للزجاج 2: 68.

(6) ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يُؤمن أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه مِنْ والده وولدِهِ والنَّاس أجمعين» البخاري في الإيمان، باب: حب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 1: 14، برقم: 15، ومسلم في الإيمان، باب: وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 1: 67 برقم: 44، وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «والذي نفسي بيده، لا يُؤمِنُ أحَدُكُم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من وَالدِهِ ووَلِدِهِ» البخاري في الإيمان، باب: حب الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 1: 14، برقم: 14.

(7) أي: يُنَحِّي اللهَ، من زَوى الشَّيءَ يَزْويه زَيّاً وزُوِيّاً فانْزَوى نَحَّاه فتَنَحَّى. ينظر: لسان العرب 14: 363، زوى.

(8) فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «إنَّ المؤمن يرى ذنوبَه كأنَّه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرى ذنوبَهُ كذبابٍ مَرَّ على أنفه» أخرجه البخاري في الدعوات، باب: التوبة 5: 2324 برقم: 5949، ومسلم في التوبة، باب: في الحض على التوبة برقم: 2744.

(9) ينظر: الكشاف 2: 245.

(10) وهما عائشة وحفصة رضي الله عنهما، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم أزل حريصًا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللَّتين قال الله تعالى: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما [التحريم: 4]، حتى حجَّ عمرُ وحججت معه، فلمَّا كُنَّا ببعض الطريق، عدلَ عمرُ، وعدلتُ معه بالإداوة، فتبرزَ، ثمَّ أتاني، فسكبتُ على يديه، فتوضَّأ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين، من المَرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللتان قال الله عز وجل لهما: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما؟ قال عمرُ: واعجبًا لك يا ابن عباس، قال الزهريُّ: كره واللهِ ما سأله عنه، ولم يكتمه، قال: «هي حفصة وعائشة»، ثمَّ أخذ يسوق الحديث. أخرجه البخاري في النكاح، باب: موعظة الرجل ابنته لحال زوجها 5: 1991 برقم: 4895، ومسلم في الطلاق، باب: الإيلاء واعتزال النساء 2: 1111 برقم: 1479.

(11) أي: براءة السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك.

(12) فعن أبي موسى الأشعري قال: أمانان كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، رُفِع أحدهما وبقى الآخر، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. أخرجه أحمد في المسند 4: 393 برقم: 19524، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن أبي أيوب، فقد تفرَّد بالرواية عنه حرملة بن قيس، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وأخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه 1: 726 برقم: 1988، وقال: صحيح على شرط مسلم.

(13) لم أعرف قائله، وقد ذكره الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد 1: 75 ، وشطره الأول: وما عجب إكرام ألف لواحد.

(14) فعن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إني أُكِثرُ الصَّلاةَ عليكَ، فكم أجعلُ لكَ من صلاتي؟ قال: «ما شئتَ»، قلتُ: الربعَ؟ قال: «ما شئتَ، وإن زدتَ فهو خير لك»، قلتُ: النصفَ؟ قال: «ما شئتَ، وإن زدتَ فهو خير لك»، قلت: الثلثين؟ قال: «ما شئتَ وإن زدتَ فهو خير لك»، قلتُ: أَجْعَلُ لك صلاتي كُلَّها؟ قال: «إذن تُكفَى هَمَّكَ، ويُغْفَرُ لك ذَنبُكَ» أخرجه الترمذي في صفة القيامة، باب: رقم: (24) ج4: 636 برقم: 2457 وقال: حديث حسن، والحاكم في المستدرك 2: 457 برقم: 3578 وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(15) فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قال حين يسمع النِّداء: اللَّهُمَّ ربَّ هذه الدَّعوةِ التَّامَّة، والصَّلاةِ القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدتَهُ ،حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة» أخرجه البخاري في الأذان، باب: الدعاء عند النداء 1: 222 برقم: 589.

(16) فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «البخيلُ مَن ذُكِرْتُ عِندَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» أخرجه الترمذي في الدعوات، باب: 110، ج5: 551 برقم: 3546 وقال: حسن صحيح غريب، وابن حبان في صحيحه 3: 190 برقم: 910، والحاكم في المستدرك 1: 734 برقم: 2015 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

(17) فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا سمعتم المُؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقول، ثمَّ صلُّوا عليَّ، فإنَّه مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشًرا، ثمَّ سَلُوا اللهَ لي الوسيلةَ، فإنَّها منزلةٌ في الجنَّة، لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلةَ حلَّت له الشَّفاعة» أخرجه مسلم في الصلاة، باب: القول مثل قول المؤذن لمن سمعه 1: 288 برقم: 384.

(18) فعن أبي حميد أو أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلْيُسَلِّم على النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم، ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ افتح لي أبوابَ رحمتك، فإذا خرج فليقل اللَّهُمَّ إنِّي أسألك من فضلك» أخرجه بهذا اللفظ أبو داود في الصلاة، باب: فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد 1: 180 برقم: 465، وأصله في مسلم برقم: 713 بدون ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

(19) فعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنَّ من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإنَّ صلاتكم معروضة عليَّ»، قال: قالوا: يارسول الله، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمت؟ يقولون: بليت، فقال: «إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء» أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة 1: 342، برقم: 1047، والنسائي في الجمعة، باب: إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة 3: 91، برقم: 1374، والحاكم في المستدرك 1: 413 برقم: 1029 وقال: حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وفي شعب الإيمان للبيهقي 4: 434 برقم: 2771 عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «أكثروا عليَّ الصلاةَ في يوم الجمعة، وليلةِ الجمعة، فمن فعل ذلك كنت له شهيدًا، أو شافعًا يوم القيامة».

(20) وقد أكثر العلماءُ من التصنيف في فضل الصّلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأذكر هنا بعض هذه المؤلّفات، من ذلك: ـ فضل الصّلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، للقاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي المالكي (ت: 282هـ) ـ صِلات المُمتار في الصَّلاة على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم ، لأبي محمود، ضياء الدين الشيرازي (ت: 707هـ) ـ جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام صلى الله عليه وآله وسلم ، لابن قيم الجوزية (ت: 751هـ) ـ دفعُ النِّقمة في الصَّلاة على نبيِّ الرَّحمة صلى الله عليه وآله وسلم لابن أبي حجلة، أحمد بن يحيى (ت: 776هـ) ـ الصِّلاتُ والبِشَر في الصَّلاة على خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم ، لمجد الدين الفيروزآبادي (ت: 817هـ) ـ دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم ، لأبي عبد الله الجزولي السملاني (ت: 854هـ) ـ القول البديع في الصَّلاة على الحبيب الشفيع صلى الله عليه وآله وسلم ، لأبي الخير، شمس الدين السَّخاوي (ت: 902هـ) ـ عقد الجواهر البهية في الصلاة على خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم ، لأبي الحسن البكري المصري (ت: 952هـ) ـ الدُّرُّ المنضود في الصَّلاة على صاحب اللّواء المَعقود صلى الله عليه وآله وسلم ، لابن حجر الهيتمي (ت: 974هـ).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين