لمحات من حياة فضيلة الشيخ المربي ممدوح جنيد كعكة


بقلم: أحمد نبيل الشويطي

 

أكرمني الله سبحانه هذه الليلة بأن حضرت مجلساً يعدل عندي قراءة عشرات الكتب، مجلس عزاء مبارك يخرج منه المرء شاكراً وممتناً بأن سُمح له أن يجد موطأ قدم فيه ، في دوحة شيخنا الجليل سيدي أبي النور قره علي حفظه الله تعالى وقد أقام مجلس عزاء ووفاء لأخيه الراحل الكبير والمربي الأثير بحاله وقالهِ مولانا الشيخ ممدوح جنيد دفين جنة البقيع والذي غادرنا قبل أيام رحمه الله تعالى..

 

كلمات رنانة قيلت في الراحل هذه الليلة واحتلت تلكم الكلمات وبكل لطفٍ وتأثير مساحة كبيرة من قلوبنا وأرواحنا..

 

وقد أثر فينا أيما تأثير كلام ابن الفقيد الشيخ مبشر حفظه الله وهو بلا شك أحد ورّاث أبيه علماً وتربية وحالاً ويبدو ذلك في ثنايا كلماته السهلة الطيبة الصادقة وعلى قسمات وجهه المبارك ولا نزكيه على الله..

 

وقد فتح الله عليه بكلام ينساب إلى الروح ليزهر فيها ألواناً من الاقتداء والتأسي بصنف نادر من الرجال.

 

وهذه شذرات مما ذكره الابن الكريم في حق أبيه وأصوغه لكم بالمعنى وأسأل الله أن يكون فيه النفع والأثر الطيب :

 

كان الشيخ يبكي بمرارة وحرقة لحال المسلمين من المهجرين والمنكوبين واللاجئين وقد يستمر بكاؤه أسبوعاً كاملاً لسماعه خبراً أو رؤية مشهد مؤلم مما حل بأهلنا وإخواننا..

 

زياراته لأهله وإخوانه وأحبابه كانت لله وفي الله وليس من وراءها مصلحة دنيوية ، ويعتمد فيها عنصر المباغتة عندما يخبر من أراد زيارته بأنه سيزوره بعد نصف ساعة ، وكان هدفه من ذلك أن لا يتكلف المزور وأن تكون الزيارة ميسرة مباركة دون مشقة على الطرفين..

 

سؤاله الدائم واستخدامه للرسائل الصوتية وقد يرسل في اليوم الواحد أكثر من ثلاثين رسالة صوتية يسأل فيها عن حال الناس وأوضاعهم ومعاشهم.

_ إصلاح ذات البين والذي اشتهر به وقضى في رحابه أكثر من ستين عاماً حتى صار علماً يشار إليه في هذا المجال.. وقد عبر عن ذلك المقام الرفيع الشيخ الابن قائلا:

( أنا أتحدى أن نجد قاضياً استطاع أن يحل في حياته ماحله أبي من مشاكل بين الزوجين أو بين الأب وابنه أو بين الإخوة أو بين الشركاء في العمل ، وأنا أزعم أنه استطاع أن يحل آلاف القضايا ، وإن بعض القضايا الشائكة كان يدخل أصحابها بيت الوالد بعد العشاء فلا يخرجون حتى يؤذن الفجر ) فتخيل ذلك الصبر الذي كان يتمتع به رحمه الله  ..

 

علاقته مع زوجته حفظها الله :

كان الشيخ لزوجته بمثابة الأب والأم والاخوة في حنانه وعطفه واعتنائه بها، وقد ظهر جلياً عبر سنين طويلة، ولكنه كان واضحاً جداً في مرضها الذي ألم بها فكانت عنايته لربما تفوق عناية الأم بابنتها. يجهز لها دواءها وطعامها مع رفق ومحبة وعطف ليس له مثيل.

بمثل ما ذكرته لكم هنا أيها القراء الكرام يرتفع ذكر أولئك الأكابر، وما خفي من أعمالهم فيما بينهم وبين ربهم أكبر، وأسأل الله سبحانه أن يرحم الأستاذ الجليل ويجعل الخلف الصالح في أبناءه وطلابه ومحبيه..