لماذا يهاجمون الأزهر؟

 

من الضروري عند بحث قضية من القضايا أن يتأمل الباحث جذورها  ،وينعم النظر في أصولها ؛ حتى يتمكن من فهمها فهما جيدا، ومن ثم يصدر حكما مبنيا على دراسة وتأصيل .

 

وقضيتنا - هنا - هي " مهاجمة الأزهر" .

وقد عنونت للمقالة بقولي:  لماذا يهاجمون الأزهر؟

 

ومهمتي في مقالتي هذه وما يتلوها - إن شاء الله من مقالات أن أجيب عن هذا السؤال، وأبين أن تلك الهجمات موغلة في القدم وليست حديثة  ، وأنها تخرج بصورة مدروسة ومخطط لها بإحكام .

وما أمسكت قلمي لأكتب عن تلك القضية إلا وفاء بحق تلك المؤسسة العريقة "الأزهر" واعترافا بفضلها عليّ فإني أحد أبنائها وخريجيها بل إنني قد تخرجت من كليتين فيها 

كلية "اللغات والترجمة" وكلية " أصول الدين والدعوة".

 

أصل الحكاية

 

لابد هنا أن أعود بالقارئ الكريم إلى حقبة تاريخية قديمة نسبيا 

وهي : عصر ما قبل" الحملة الفرنسية" على مصر  ؛ ليتعرف علي قيمة "الأزهر" في تلك الحقبة، وكيف آلت الأمور إلى ما آلت إليه ؟

فقد كان بيد الأزهر أزِمّة أمور التعليم والثقافة في مصر وربما ما جاورها من البلدان ،

لا ينازعه في ذلك منازع ولا يدفعه مدافع  ،وكان لشيوخه وعلمائه هيبة وجلالة عند أمراء المماليك فضلاً عن عامة الناس ،

وكان مفزع الناس إلى شيوخ الأزهر لدفع المظالم عنهم والانتصاف من جور أمراء المماليك عليهم .

وها أنا ذا أضع قلمي لأدع "الجبرتي المؤرخ" يقص علينا شيئا من حوادث ذاك الزمان يدلل على تلك المكانة  وهاتيك المنزلة .

يقول رحمه الله: "أخذ بعض أمراء المماليك الشيخ" عبدالباقي العفيفي" وأهانه ووضع الحديد في رقبته ورجله فركب الشيخ" علي الصعيدي" العدوي للأمير والشيخ" الجداوي" وجماعة كثيرة من المتعممين، وقال الشيخ الصعيدي العدوي للأمير:  ما هذه الأفعال وهذه الجرأة؟ فقام الأمير على أقدامه وصرخ: والله أكسر رأسك!  فصرخ عليه الصعيدي وسبه وقال له: " لعنك الله ولعن تاجر الرقيق الذي جاء بك ومن اشتراك ومن جعلك أميرا ".

وتوسط بينهما الحاضرون من الأمراء يسكنون حدته وحدتهم، وأحضروا الشيخ عبدالباقي من السجن فأخذوه ( أي المشايخ) وخرجوا به وهم يسبونه وهو يسمعهم ".

وحكى" الجبرتي "حادثة أخرى حاصلها :

أن أهل قرية من قرى محافظة الشرقية في مصر ذهبوا للمشايخ يستغيثون بهم من ظلم أحد أمرائهم، 

وذهب للمشايخ للأمراء وأمروهم برفع الظلم عن الناس عموما وأن يعلن الأمراء توبتهم  ،وحصل ذلك وكتب القاضي وثيقة بذلك ووقع الأمراء عليها .

 

ثم جاءت "الحملة الصليبية الفرنسية على مصر" في عام ???? م .

وهب الأزهريون يدافعون عن دينهم ووطنهم، ويقودون جموع المسلمين لمجاهدة هؤلاء الكفار الغازين .

وعمت الثورة القاهرة وغيرها  ، ووقعت محنة عظيمة من القتل والتدمير وسفك الدماء ودخلت الخيل الأزهر وديست المصاحف وقتل كثيرون من طلبة الأزهر  !!

 

ولم يمض سوى سبعة أشهر حتى غادر نابليون مصر إلى فرنسا ،

وعهد إلى خليفته كليبر ولم يفلح كليبر في تسكين الناس 

إلى أن قتله البطل الأزهري المجاهد "سليمان الحلبي "

ولم تفلح الحملة في تحقيق أهدافها فخرجت ذليلة صاغرة في عام ????م

 

ثم جاء عهد الطاغية "محمد علي سرششمة "

والحديث عنه وعن علاقته بالأزهر تطول  سنفتتح به المقالة القادمة إن شاء الله

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين