لماذا يصر الرئيس أوباما على منح الأسد فرصة أكبر لقتل السوريين

 

(الحظر الجوي مطلب إنساني )

 

 

تواطأ الموقف الدولي بين أمريكي وروسي وكامخ بينهما ، ومنذ الأيام الأولى للثورة ، على إطلاق يد بشار الأسد ، وآلته الحربية بكل تقنيتها لتعمل قتلا وتدميرا في الإنسان والعمران السوري ..

كل الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد ضد الشعب السوري ، وكل الأسلحة التي استخدمها ضد المتظاهرين المدنيين السلميين والعزل منذ الأيام الأولى للثورة ، تقع خارج إطار القانونين الدولي والإنساني . ومع ذلك فقد تجاوزت الدول المناط بها عالميا حماية القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان وحماية السلم والأمن الدوليين ، تجاوزت كل هذه الدول عن الجريمة الأسدية ، وأغضت عنها ، بل وتركت لبشار الأسد الحبل على غارب ، يقتل ويدمر ويعذب ويحاصر ويجوع ، حيث يشكل كل عنوان من العناوين السابقة جريمة حرب في القانون الدولي ، وجريمة ضد الإنسانية في القانون الإنساني ..

حتى الإبادة بالسلاح الكيماوي التي منّ بها السيد أوباما على الشعب السوري وجعل استخدامه ضد هذا الشعب خطا أحمر ، تم إعادة تلوين هذا الخط ليس بعد استخدام غاز السارين في منطقة الغوطة فقط ، بل وفي أحضان استخدام هذا القاتل المجرم لغاز الكلور في عشرات المرات في جرائم موثقة انضمت إلى سياق المسكوت عنه دوليا في إطار ما ينفذ من جرائم لإخضاع الشعب السوري وكسر إرادته.

يؤكد السرد السابق أن السكوت المتمادي على جرائم الأسد الدولية والإنسانية ، لم يكن وليد حالة اعتباطية ، ولا حالة من التردد والفوضى لدى رئيس أو إدارة أو حزب حاكم أمريكي أو غير أمريكي ، ولا هو ناتج حرب باردة دولية أحب البعض أن يستحييها من جديد ليختبئ وراءها ؛ بل تؤكد تطورات الأحداث أن الاسترسال في الصمت الدولي عن المجرم والجريمة بكل عمقها وبشاعتها وفظاعتها وانتشارها كان تعبيرا عن إرادة دولية ينغمس فيها كل الأطراف ولاسيما الولايات المتحدة والرئيس أوباما شخصيا لاإعطاء المجرم بشار الأسد فرصة أكبر وأطول لقتل المزيد من السوريين ، وإخضاعهم وكسر إرادتهم للعودة بهم إلى بيت الطاعة : الأسدي ..الإيراني .. الصهيوني .. الأمريكي ؛ الذي سيكتشف كل العقلاء المميزين أنه على الحقيقة بيت واحد ...

ولا أدل على تهافت التذرع ( بفيتو ) روسي وصيني ، وبخلاف في الموقف الدولي أن الولايات المتحدة عندما قررت أن تحرك حلفاءها وأساطيلها لضرب من يسمونه ( داعش ) ويسمي نفسه ( تنظيم الدولة ..!!) لم تحتج إلى قرار أممي ، ولا إلى موافقة روسية صينية ، كما أن أوباما لم يتطلع إلى مساندة استئناس من الكونغرس الأمريكي ولا كاميرون من مجلس العموم البريطاني ...

ونحن اليوم إذ نسرد ما جرى كما جرى لا نفعل ذلك في بكاء على أطلال موقف أمريكي أصبح من الماضي ، وإن كانت تداعياته لا تزال تثير تسونامي من القتل والدم والدمار ؛ وإنما نفعل كل ذلك لنتفهم حقيقة الموقف الأمريكي اليوم في إصرار الإدارة الأمريكية على رفض المطلب الشعبي السوري أولا ثم الاقتراح الإقليمي التركي : في تأمين المنطقة الآمنة ، أو المنطقة العازلة ، أو منطقة حظر الطيران التي يعني تأمينها أول ما يعني حقن الدم . وتقليل عدد أرواح الأطفال والنساء والمدنيين التي يزهقها بشار الأسد يوميا ..

بكل بساطة الإدارة الأمريكية أوالرئيس الأمريكي يرفض منذ أربع سنوات أن يكون لهم دور إيجابي في تخفيض فاتورة القتل السورية ، ويصرون على إطلاق يد بشار الأسد ليقتل كل يوم المزيد والمزيد ، تحقيقا لهدف أسدي إيراني صهيوني أمريكي في إخضاع السوريين وكسر إرادتهم ..

لا نريد أن نسترسل في تعداد الانعكاسات الإيجابية لإعلان حالة الحظر الجوي على ( الوضع الإنساني ) في سورية إن ما أشرنا إليه يكفي لفضح حقيقة الجريمة التي ينغمس فيها الرئيس الأمريكي في الدم السوري . وإذا ذكرنا إقدام الإدارة الأمريكية في مرحلة ما في العراق على إعلان منطقتي حظر جوي في الجنوب والشمال يمكننا أن نتفهم حجم الاشتراك الأمريكي في الجريمة ضد أمتنا وشعوبها وأبعاده وعمقه ..

منذ أيام قاطعت مواطنة أمريكية أمريكية ( والتكرار ليس خطأ ) الرئيس الأمريكي ونعتته بالقاتل بسبب صمته عن جرائم القتل في سورية ...

المعارضون السوريون من أصحاب ( الياقات البيض ) الحريصون على صفحات حسن السيرة والسلوك من المتعهد الأمريكي يغضبون عندما يجهر مواطن سوري مكلوم بكلمة حق للرئيس الأمريكي وغير الرئيس الأمريكي من الضالعين بالجريمة ضد الإنسانية التي تدور رحاها على المستضعفين والمستضعفات من أبناء الشعب السوري ..

اليوم نسمع صوت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الدفاع عن قضايا الشعب السوري أكثر حدة واكثر غضبا واكثر دويا من كل المعارضين ( الجنتلمان ) الذين لا يغضبون ولا ينفعلون بل ولا يشعرون ..

إن كل قطرة دم سالت على الأرض السورية ، وكل مهجة طفل بريئة أزهقت ، بأي نوع من أنواع السلاح ، وكل امرأة مستضعفة انتهكت ، وكل شاب سوري ثائر هتف للحرية والكرامة فقتل ؛ لم يكن وراء جريمة قتلهم بشار الأسد وحده فقط ؛ بل كان وراءها أرخبيل من القتلة والمجرمين ومصاصي دماء الشعوب .. كان أول هؤلاء بل لاشك بشار الأسد وعصاباته المجرمة ولكن كان في الطرف الآخر من أرخبيل الإجرام كل الصامتين عليها من شركاء إقليمين ودوليين ومتواطئين ..

هذا الذي يجب أن يعلم فلا يُجهل ، ويذكر فلا يُنسى (( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ))

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين