لماذا عليك مساعدة طفلك على تأليف القصص في سنٍ مبكرة؟

حين كانت ديزي أشفورد، في الرابعة من عمرها، وتحديدا في العام 1885، أملت الطفلة الإنجليزية الموهوبة، على والدها رواية بعنوان "حياة الأب ماكسويني"، لتثبت الصغيرة، التي ستصير لاحقا، كاتبة شهيرة أن الكتابة بعمر صغير أمر ممكن جدا، بل وضروري في بعض الأوقات، لأسباب يفسرها أطباء النفس، وعلماء الاجتماع.

 

أشهر الكتّاب الأطفال على مدار التاريخ

تمتد فترة الطفولة، بحسب تعريف الأمم المتحدة، إلى عمر الـ18. فترة قصيرة، كانت كافية لعدد من الأطفال الذين لمعت أسماؤهم في عالم الكتابة لاحقا، ليس لأنهم مجرد أطفال، ولكن لأن أعمالهم مثلت علامات على جودة الكتابة والأفكار، من بينهم:

ديزي أشفورد (18811972): لم تكتب عملها الأول بعمر الرابعة عام 1985 فحسب، بل كتبت أيضا رواية بعنوان "الزائرون الصغار" بعمر التاسعة، وقد نُشرت روايتها الثانية أولا في العام 1919، ثم نشرت روايتها الأولى عقب قرن تقريبا.

أليك غريفين: الكاتب الذي صنفته صحيفة "نيويورك تايمز" على أنه أحد أكثر كتّاب المساعدة الذاتية الذين تباع كتبهم، نشر كتابه الأول بعمر التاسعة، عنوانه "كيفية التحدث مع الفتيات" عام 2008، ثم توالت كتبه لاحقا مثل "كيفية التحدث إلى الأمهات"، و"كيفية التحدث إلى الآباء"، و"كيفية التحدث إلى سانتا"، حتى صار كاتبا معروفا لاحقا.

نانسي يي فان: المولودة عام 1993، نشرت أول كتاب لها بعنوان "طائر السيف" عندما كان عمرها 12 عاما، فقط، ثم واصلت الكتابة والنشر لاحقا لسلسلتها "سوارد كويست" (2008) و"جبل السيف" (2012).

جون توماس رومني روبنسون (1792 1882): نشر قصائده في العام 1806، عندما كان عمره 13 عاما.

بالي هولد (1912 2010): كتب رواية بعنوان "فتى كشافة حول العالم" عندما كان عمره 15 عاما.

جلال الدين السيوطي (1445 1505): كتب كتابه الأول شرح الاستعاضة والبسملة بعمر الـ17.

إميلي بيبس (1833 1877): ابنة أسقف، كتبت يوميات خاصة على مدار 6 أشهر فقط من 1844 إلى 1845، وكانت في العاشرة من عمرها. تم اكتشافها بعد ذلك بكثير ونشرت في العام 1984 بعنوان "مذكرات إيميلي بيبس".

كات تشانغ: المولودة عام 1991، كانت تبلغ من العمر 20 عاما عندما باعت ثلاثيتها "سجلات الهجين"، والتي بدأت كتابتها في سن مبكرة حتى أتمتها أخيرا قبل أن تغادر عقدها الثاني.

 

7 فوائد مذهلة لكتابة الأطفال القصص

في مقال بعنوان "7 فوائد.. لماذا يجب أن يكتب الأطفال قصصا؟"، تقول المختصة التربوية جيل تومبكينز إن بعض الأطفال يكتبون الحكايات بإرادتهم، والبعض الآخر يكتبها مضطرا كواجب دراسي، وبين هذا وذاك تبقى فوائد الكتابة مجهولة للكثيرين، وهو ما حاولت تومبكينز رصده عام 1982:

الترفيه، نظرا لما يحصل عليه من مكافآت نفسية أو مادية.

تعزيز التعبير الفني، عبر استخدام الخيال في إنتاج أفكار تتحول إلى حكايات تعبر عما بداخل الطفل.

استكشاف تفكيره وعالمه، والاحتفاظ بأفكاره واكتشافاته الشخصية.

تحفيز الخيال عبر استحضار الأشياء غير الحاضرة لحواسه، والبحث عن المعنى وراء الأشياء، ومحاولة فهم وجهات نظر الآخرين، وتقمصها.

توضيح الأفكار، عبر إخراجها في صور حكاية بالأداء أو الكتابة.

البحث عن الهوية في عمر 5 إلى 10 سنوات؛ حيث تعني القصة صراعا، الجيد مقابل السيئ، مع محاولة إيجاد حلول.

تعلم القراءة والكتابة، وفهم التهجئة وقواعد الكتابة بصورة أسهل.

فرص أكثر لتشجيع الأطفال على الكتابة

ولتشجيع الأطفال على الكتابة، تخصص "جائزة الدولة للمبدع الصغير" في مصر 40 ألف جنيها (يعادل تقريبا 1300 دولار أميركي)، من بين فروعها القصة القصيرة (100 500 كلمة)، لتأتي كواحدة من أشكال عديدة لتشجيع الأطفال على الكتابة والحكي.

 

الاستشارية النفسية والتربوية وكاتبة أدب الطفل الدكتورة منى لملوم، أدارت قبل عامين مشروعا بعنوان "قصتي"، لإعطاء الأطفال الفرصة للتعبير عن مشاعرهم، حيث تم دمج الأطفال ذوي الهمم في الورشة ليشاركوا برسومهم في المجموعة القصصية "سلم بين عالمين"، والتي ضمت 9 حكايات.

تقول لملوم لـ"الجزيرة نت" إن "تعليم الطفل الحكي يبدأ بمنحه أمثلة، لذلك وقفت أمامهم وبدأت أقص قصتي، وشجعتهم على أن يقوم كل طفل بحكاية قصة حدثت له، أو أمامه، وبدأت أسمعهم وأشجعهم، بدون حكم أو توجيه. بعدها، بدأت في العمل معهم على تنمية أدواتهم، ليصيروا أكثر قدرة على التعبير من خلال النظر في عيون الآخرين، واستخدام لغة الجسد، والاستعانة ببعض الأدوات كدمية، أو قصة أو صورة".

 

وتكمل: "أخذنا عنوان مجموعة "سلم بين عالمين" من قصة طفلة تحكي عن حبها للحديث مع الأشياء، حبات الأرز، الأقلام، وكل شيء، لكن أمها الواقعية جدا، تخبرها ألا تفعل، بينما تصر البنت على خيالها، فتفقد الأم والطفلة لغة التواصل، لكن القصة تنتهي نهاية سعيدة حين تقرر الأم التخلي عن واقعيتها وتطلب من ابنتها أن تصحبها إلى عالم الخيال حين تهم بالذهاب إلى هناك".

كيف تشجع طفلك على كتابة قصته الأولى؟

بحسب لملوم، يمكن للطفل أن يبدأ رواية قصته الأولى في أي عمر، طالما استطاع الكلام، ولديه ما يرغب في حكيه، "ودور الوالدين في هذه المرحلة ألا يتهما الطفل بالكذب، وأن يستمعا إليه ويساعدانه على بلورة الأشخاص والأحداث، للخروج بقصة واضحة".

 

أما الكاتب والباحث حسن الحلوجي، فيقول بدوره إن الحكي موهبة، وهو أحد فنون الأداء، "قد تتوفر في الطفل أو لا حسب ملكاته واستعداداته، والطريق لتشجيعه أولا أن يتعرف الأبوان هل لديه هذه الملكة أم لا، فليس مطلوبا ان يكون الطفل حكاء ماهرا بقدر أن يكون قادرا على التعبير عن نفسه".

 

ويقدم الحلوجي تجربته في التعامل مع الأطفال من خلال المركز القومي لثقافة الطفل التابع لوزارة الثقافة المصرية، والذي يقدم أنشطة متنوعة من ورش فنية وندوات تثقيفية ومسابقات وعروض فنية وغيرها، ومن ضمنها نادي الأدب الذي يقدمه الحلوجي للأطفال.

ويقول، "أناقش الأطفال في قصة كتبها أحدهم أو يتشاركون كتابتها، أو أحكيها لهم. يفيدهم هذا في تنمية خيالهم وإثراء حصيلتهم اللغوية وأيضا تدريبهم على العمل المشترك".

 

ويختم الكاتب والباحث المصري، "هناك مستويان من الحكي لمن لم يتمكن بعد من إتقان مهارة الكتابة في بدايات تعلم القراءة والكتابة؛ فهو يحكي قصته التي ألفها وربما يصاحبها برسوم، ومهارة من تمكن من الكتابة فهو يكتبها بنفسه ويتطور الأمر حسب الفئة العمرية؛ إذ نتعامل مع كل الفئات العمرية التي تتبع مرحلة الطفولة".

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين