لماذا تحمل طهران السعودية قتلى الحجيج وتنسى قتلى براميل بشار!

 

ما يحدث للحجاج أثناء تأدية مناسك الحج أمر يؤلم المسلمين في شتى بقاع الأرض. هذا يدعو لأن نتعاطف مع أهل الضحايا وليس للشماتة بالدولة المضيفة التي تأذت مرتين: مرة لأنها لم تستطع دفع غائلة الحدث عن الحجاج، ومرة أخرى لأنها عجزت أن تعيد من وقع عليه قضاء الله إلى أهله بصحة وسلامة.

 

نستطيع القول بواضح العبارة أن إيران هي آخر من يحق له أن يتألم لما أصاب الحجاج موسم هذا الحج،وهي التي اعتدت على حرمة الحج عدوانا صارخا أكثر من مرة.في حج عام 1987 حاول عشرات الآلاف من حجاج إيران القيام بمظاهرة ثم توجهوا نحو المسجد الحرام يريدون احتلاله وإفساد الحج على الحجاج. استطاع الأمن السعودي التصدي لهم ومنعهم من الوصول إلى المسجد الحرام فقتل 402 شخصاً (275 من الإيرانيين، 85 من السعوديين، 42 حاجاً من بلدان أخرى). قبلها في حج 1407- 1986 ضبط الأمن السعودي في طائرات حجاج إيرانية  حقائب للحجاج مخبأ في أسفل كل منها 2 كغ متفجرات ( t . n . t ) شديدة الانفجار، يمكن أن تسبب كارثة لحجاج ذلك العام.

 

وربما كان أسوأ حادثة تحصل في الحج ما حصل في نفق "الموت" في المعيصم عام 1990. فقد وضعت مجموعة خليجية شيعية غازات سامة في النفق الذي يعبره الحجاج حيث مات أكثر من ثلاثة آلاف حاج أكثرهم من أندنوسيا وتركيا، وكان ذلك بمؤامرة من طهران.

 

هذا غيض من فيض مما كانت تفعله إيران لإفساد الحج في مكة المكرمة والبيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، "ومن دخله كان آمنا"، تفعل إيران فيه ما رأينا.      

 

ما حصل في حج عام 1436 أول أيام عيد الأضحى عندما كان الحجاج متوجهين لرمي جمرة العقبة الكبرى، أنه حدث التقاء وصدام بين أفواج من الحجيج الذين رموا جمرة العقبة وآخرين كانوا متجهين لرمي هذه الجمرة. نتج عن هذا الحادث المؤسف وفاة حوالي700 حاج وجرح آخرون. وقد تناولت أجهزة الأمن الإعلام السعودية ما حدث بكل شفافية، لم تترك فيه زيادة لمستزيد. فأين هذا الحادث العفوي مما كانت تدبره طهران بليل في مواسم سابقة.

 

طهران، ورغبة منها بالاصطياد في الماء العكر، طالبت على لسان رئيسها حسن روحاني من على منبر الأمم المتحدة أن تشركها السعودية في التحقيق الذي تجريه حول تدافع الحجاج أول أيام عيد الفطر في منى ما أدى إلى قتلى وجرحى. كما طالب علي خامئني"أن تعتذر السعودية من الأسر المفجوعة وتتحمل المسئولية عن الحادث المؤلم".

 

لم تتنصل المملكة من مسئولية هذا الحادث المؤلم، رغم أنها جندت أكثر من 100 ألف عنصر أمن ثم من كافة الاختصاصات. كانت السعودية في حاجة إلى العزاء كما فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وغيره من قادة العالم، لا أن تتخذ الحادثة مجالا للتشفي واللوم كما فعلت طهران. الحادث في أسوأ حالاته تقصير غير مقصود من المطوفين والمفوّجين.

 

نسأل طهران التي لا تدخر وسعا في لوم المملكة العربية السعودية عن حوادث غير مقصودة، ماذا فعلت مع بشار أسد الذي لا يمر يوم إلا ويقصف البيوت والمخابز والمستشفيات بالبراميل العمياء التي تخلف وراءها أطفالا ونساء وشيوخا لم يستطيعوا ترك بيوتهم والنزوح إلى بيوت أخرى أكثر أمنا؟ أم أن دماء حجاج إيران،-الذين نأسف لما حصل لهم- دماء، ودماء السوريين الذين تقتلهم براميل بشار أسد، ماء.

 

لا تستطيع طهران أن تنكر مسئوليتها عما يحصل في سورية. وها هي تفاوض جبهة أحرار الشام لحماية جنودها وميليشيا حزب الله في بلدتي الفوعا وكفريا. بل وتفرض على بشار أسد أن يتوقف عن قصف إدلب وبلدات حولها كثمن للسماح لها بترحيل جرحاها من بلدتي الفوعا وكفريا. وعندما قصف بشار بلدة تفتناز وهي مشمولة بالاتفاق، قام جيش الفتح بقصف بلدتي الفوعا وكفريا، على مبدأ: العين بالعين.

 

طهران التي تعيّشت على نكبات الفلسطينيين كذبا ورياء، هاهي تعرض نفسها على واشنطن كي تكون جزءا من الحرب على إرهاب تنظيم الدولة داعش. فقد ثبت دعمها لهذا التنظيم، لكي  يقتل من أهل السنة خلقا كثيرا، لا يرقب فيهم إلا ولا ذمة،أكثر مما يقتل من الشيعة. إن طهران كما بشار أسد هما وجهان لعملة واحدة اسمها الإرهاب. بقيت زمنا طويلا تعمل كداعم للإسلام باعتبارها دولة إسلامية. فلما قامت الثورة السورية نسيت هويتها التي رفعتها زورا وبهتانا. حاولت أن تقدم نفسها على أنها وسيط بين الثوار وبين بشار أسد، لكن الثوار رفضوها وسيطا واعتبروها عدوا لهم، بل داعما لبشار، وانكشف أمرها أكثر عندما دخل حزب الله الحرب في سورية إلى جانب بشار، فليس هناك فرق بين طهران وبين حسن نصر الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين