للحرية ثمن وللحق حراس

الليل مهما ادلهم وتلاطمت أمواج الظلام في بحره نهاية ، وللحزن مهما تعمق في القلوب ساعة تجلوه ،وللظلم لحظة ينتصر فيها العادل الرحيم لعباده الذين ارتفع إليه حنين نشيجهم ،وأنين جراحهم، وتكبيرات الاستغاثة من حناجرهم الموحدة، وللكرامة والعزة باب واحد لا باب سواه ،هو باب الله ،ومهما طرقنا سواه من ابواب ستظل مغلقة في وجوهنا ،إنه باب الرحمة الواسع لمن طرقه بما يدعو الى فتحه، واما مفتاحه فهو دين الله الإسلام تلك مقولة الفاروق، ظلت انشودة على افواه المجاهدين قادة وجنودا، والدعاة والعبَاد ،والامة بأسرها، حين رفضت أن تكون رهينة العبودية ،اسيرة المذلة والقيود والاستعباد[نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله]

تتوارد هذه المقولة على القلوب اكثر ماتتوارد في ايامنا هذه، ونحن نرى الأمة تتلمس السبيل لاستعادة كرامتها المفقودة ،ومكانتها المعهودة ،وحريتها المنشودة ،وقد تمادى الطغاة في إذلال أحرارها، والصالحين من ابنائها ،واستطال أشرارها على خيارها، ساعين إلى محو مقومات وجودها لإضعافهاوإفنائها ، إستجابة لأوامر ومغريات أعداء الأمة ،ممن ابتليت بهم على مر التاريخ ،تلك الامم التى آلت على نفسها ألا تدع للإسلام وجودا ولا حكما،ولا لأمته بقاء ولا شاهدا من حضارة أو تميز أوخيرية أوتشريع، ولكن هيهات لهم [يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون].
وهكذا تحتدم الحرب، ويشتد أوارها يوما بعد يوم ،بين شعوب عزلاء عيل صبرها وهي تنتظر ولادة  عهد جديد تشرق فيه شمس الحرية، وتتألق فيه حصائد الوعود، سنابل خيرات،و أنهار عدل، وسكائب عزة، وأنظمة مسيّرة مستبد ة ، وتمضي السنون على الوعود المنهالة من أهل الحل والعقد،المتمكنين من رقاب العباد،ومقدرات البلاد ،فإذا الوعود سراب زائف، وإذا العدل ظلم مجحف ،وإذاالحرية حلم بعيد المنال، فلا يبقى لهم إلا الاحتجاج السلمي على ما يحدث في بلادهم من نهب وإجحاف، واستعمار واستبداد ،ولأن الفرعنة لا تأخذ بالعدل نهجا ولا بالشرع حكما،فمن الطبيعي أن يكون الصدام حتما لازما ،فالشعوب شبَّت عن الطوق ،ولابد لها من أن تقول كلمتها، ولأن كلمتها لا تعجب الطغاة ،بل تسلبهم ما أعطوه لأنفسهم من صلاحيات وتفرد في الرأي وتجاوز دون مساءلة ،فإن الرفض العنيف هو الحل ،والقتل هو الحل ،والقمع هو الحل ،وكل ما يسلب الشعوب حريتها وكرامتها هو الحل، وكل مايخنق صوتها ويسكت زئيرها هو الحل ، والرصاص الحي يوجه الى الأمة العزلاء هو الحل، والسجون هي الحل،وإسكات الأصوات المنددة بالظلم هو الحل ،وتصحو الامة المشرذمة، وإذا جحافل الضعفاء تتناثر في المناطق الحدودية، في رحلة لجوء جديدة، ولكن العدو هذه المرة ليس غريبا ،إنه ابن الامة التي غذته ورعته صغيرا ،وسودته كبيرا، وسلمت إليه امرها، وائتمنته على مقدراتها وإرثها ومستقبلها وكيانها، وهكذا يطرد الرعاة رعيتهم ويقتل الحكام شعوبهم، وينقلب الجندي الموكل بحماية المال والنفس والعرض والأرض والحريات إلى مستأسد يدوس أهله بالحذاء، ويركل حريتهم بقدمه التي تخطو على أجسادهم المنهكة خطوات العبيد الأذلاء المأمورين بخلع رداء الكرامة الجهادية،والشرف العسكري ليرتدي ثوب ذئب غادر ، موجها الشتائم لإخوته أبناء وطنه منكرا عليهم أن يطالبوا بحقوقهم السليبة المشروعة التي كفلها لهم شرع ربهم ومواثيق الإنسانية وحتى قوانين بلادهم المعطلة.
ويشاهد العالم أجساد الأطفال المحروقة الممزقة المعذبة ووجوههم المزرقة وعيونهم البريئة وقد جمدت في محاجرها نظرات الخوف والرعب، والشكوى الى الله، ويندى جبين الإنسانية لما يحدث وتنكس الرؤوس العاجزة في خجل من أولئك الأبطال ألا تمتد أيدي الأمة إليهم بالنصرة،وتوجف القلوب المؤمنة خوفا من غضب الله أن يطال الأمة بعذاب وهي تستكين لما يجري في مشارق ارض الإسلام ومغاربها.
أيتها الأمة التي انتظرت طويلا نور فجرها الوليد : لا تجزعي[ فشمسنا لم تغب بعد]، وليلنا لن يطول ،وقيدنا لن يعصى على مطرقة الطارقين لأبواب الحرية في كل مطلع شمس لنا وليد وفي كل انبثاقة فجر فينا شهيد ، وعلى كل طود شامخ لنا بيرق ترفعه طائفة ثابتة على الحق لا يضرها من عاداها إلى يوم القيامة وصبرا صبرا أيها القابضون على الجمر ترتقبون نسائم الحرية القادمة مع كل دفقة من دم شهيد فللحرية ثمن ، وللكرامة موقف ، وللحق حراس ، وإنه آن الاوان لكي ترفع الوصاية عن الشعوب من قبل تلك الأنظمة التي لاتحتكم إلى قانون دولي ولا الى شرع إلهي ولا إلى حكمة الحوار ودراسة المعطيات والاحترام لمكونات الشعوب والبعد تماما عن البلطجة والقتل والتنكيل التي ما عادت تشكل عائقا أمام الشعوب الحرة الباحثة عن العزة والكرامة سواء تلك الشعوب التي تطالب بتغيير أنظمتها أو تلك التي تطالب بالإصلاح في إطار التوافق مع انظمتها في قالب من الإحترام للراي والراي الآخر[لاخيرفينا إذا لم نقلها ولا خير فيكم إن لم تسمعوها]
اللهم عجل نصرك وفرجك لهذه الأمة يا رب العالمين
رقية القضاة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين