لبساطة السلطة على كرسي التواضع مقاس



هي دنيا مغرية حينما يرتدي فقير هذا العصر نظارات مغرية..هي سوداء في لونها لكنها عديمة الرؤيا لواقع الحياة الحقيقي ..فشتان بين الواقع و الحلم...
تبدو ثقيلة  عبارة سلطة و غنية بالمال  و الخدم و الرخاء و كماليات الزمن الغادر...تبدو البساطة خفيفة و فقيرة لكنها سهلة ،لأنها تحمل في طياتها خواتيم الصالحات من الأعمال و راحة البال و هدوء المشاعر في أن يعيش البسيط في حدود يومه، و لعمره اكتفاء بعدم التطلع إلى قامة أطول منه، لأنه في قرارة نفسه يدري أن ذاك التطلع مغر، و لا داعي لكبرياء مصطنع أو مزيف..فالبساطة فيها كبرياء الروح و شموخ القناعة في ذاك  التواضع ، وأن جلسة شاي على حصير الرضى فيه ألف نكهة و نكهة ،أو أكلة بأيدي كافحت من عمل الدهر بنسيج في مذاق الود هي ألفة  ة محبة ..ترى هل للسلطة نفس حلي البساطة؟


الحلي موجودة و بأغلى الأثمان النفيسة لكنها مرهقة للعقل و للقلب..كيفما كانت رؤيتنا للسلطة ؟ طبعا هي دائما ترتفع إلى فوق على بساط الأبهة ،و أن كل شيء موجود بل متوفر من غير طلبية و من غير جهد...
صعب علي أن اكتب أحرفا استطيع أن أصفها بالثقيلة بترجمان البحث عن البساطة بين ثنايا أكف السلطة المغرية....


قد تكون موجودة و لكن ليس كما يريد البسطاء و الفقراء و المساكين،لأن حالهم صعب جدا و يتوقون لمن يمسح دمعة الأسى بكل تواضع و بكل حنان، و ليس من باب أن يقال ذاك أدى واجب الصدقة و على مرأى من  أعين الناس و انتهى.


لا...ليس هكذا الواجب،فالجمال كل الجمال أن تنحني السلطة في هذه الأدوار بكل تواضع، و نتمنى أن يكون هذا التواضع ملموسا، سيكون المنظر جميلا بل رائعا بروعة التزاميه  الضمير بما تنص عليه الشريعة السمحاء في في زمن الماديات و حب السهل الممتنع بالضغط على زر يجب الآن و ليس فيما بعد ..فهذه الآنية هي من الغرور ليس إلا...


إن خفة روح السلطة فيها الكثير من الغرور و عدم الركون إلى حقيقة المصير في انه لا شيء دائم أو يدوم و لن يدوم شيء إلا الفعل الصالح بنية الإخلاص و الخوف من الله عز وجل.


سيرورة المجتمع تظبطها آليات السلطة بما يناسبها و ليس ما يناسب جيوب الفقراء أو عقول المفكرين..هي جامحة في أن تنفرد بإشارة الأمر و النهي،لكن على مر العصور كان لسلاطين الأمم الإسلامية جانب من تربية الذات على تطويع الاستشارة لذوي العقول النيرة و لأهل الحكمة التي لا تخطيء و إن اخطات فالخطأ لا مضرة منه لأنه يقع مرة في الألف مناسبة.


كرسي السلطة مريح لجسد متعب بالتفكير و الهواجس ،لكنه منغص لراحة الضمير و الروح اليقظة.. وللخلاص من عقدة التأنيب ،كان لصاحب السلطة المضي للأمام و انتهى دونما وقفة  هي  في الأحقية ان تكون وقفات.. لتصحيح الزلات و التكفير عن الذنوب، فالسلطة مغرية لأنها متعة للحظات الهوى عبر لحظات  النسيان...هي توفر كل شيء و من غير ثمن مدفوع مسبقا،لكنها قد تكون على حساب أناس
 آخرون..أصبحوا يرونها بنظارات الواقع الحقيقي و ما أحدثته في حياتهم من آلام وهضم للحقوق. 


جميلة هي السلطة لو وصل إليها صاحبها بكد ساعده و بعرق جبينه، بعلم واسع و ثقافة أوسع و حب لله عن مخافة منه ،و عن  تحري  الصدق و الحفاظ على الأمانة و أداء المسؤولية تجاه الضمير أولا ثم تجاه الخلق، باستحضار الرقيب الأعلى..جميلة هي السلطة حينما تسعد شعبا ظل يحلم و يحلم بالحرية و العيش الرغيد في كنف الاحسان من ان الحقوق لم تهضم و الواجبات على أسطر المواظبة في تحمل المسؤولية.. هي في أمان.
لكن ليس الأجمل أن تكون السلطة سلاح الانتقام من الذات أولا ثم من المتفوقين في حياة الزهد و الإيمان ...فهذا دمار للقيم و للعقيدة، بل دمار للذات في صمت الكراهية لكل ما هو جميل و صادق.


لو خيروني بين السلطة و البساطة لاخترت كليهما في مزيج اسمه: بساطة السلطة.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين