لا، ليس هذا برياء

أتذكر ذلك اليوم قبيل المغرب ونحن نقف مع شيخنا الصالح بشير حدّاد الحلبي -رحمه الله- على شاطئ الفرات من جهة الآصفية في الفلوجة الحبيبة، قال كلاما في غاية الروعة والنظرة التربوية المتوازنة قال؛ حينما ترون شابا مقبلا على المسجد مسرورا بإخوانه المصلّين يتحرك بهمة ونشاط فإياكم ثم إياكم أن تفسدوا همته وتنغصوا عليه فرحته بالمبالغة في تخويفه من الرياء، حتى ينتابه الشك في كل عمل يعمله وفي كل كلمة أو ابتسامة أو مبادرة؟ دعوه يفرح بإسلامه، هذا الفرح عامل مهم في استقامته وعلوّ همته (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، إذا كان أهل الباطل يفرحون بباطلهم فأهل الحق أولى أن يفرحوا بحقهم، خاصة بالنسبة للشباب، الفرح بالنسبة لهم طاقة هائلة إن لم تستخدم بالخير فستستخدم في الشر.

لماذا أقول ذلك؟ ولماذا تذكرته الآن؟ لأني وجدت بعض الإخوة الدعاة ينكرون على الشاب الذي يكاد أن يطير من الفرح وهو يرى لأول مرة في حياته الكعبة المشرفة أو المسجد النبوي الشريف فلا تسعه الأرض من فرحته، يحاول أن يبشّر أهله وأصدقاءه وكل من يعرفه في هذه الأرض.

يا إلهي ما أعظم هذا الشعور وما أبهاه وما أحلاه.

الرياء يا إخوة ليس هذا معناه، مع أنه قد يختلط ويتداخل عند بعض الناس، لكن الاحتياط في دفع خطر الرياء لا ينبغي أن يصل إلى إطفاء هذه الجذوة في قلوب الشباب وتعكير فرحتهم واعتزازهم الشامخ بإسلامهم.

فافرحوا أيها الشباب بإسلامكم، وافخروا بانتمائكم لهذا الدين العظيم، وارفعوا مصاحفكم بأيديكم عاليا، وافتحوا قلوبكم لكل تائه وحائر ، هكذا كنا نتغنى نحن تلاميذ الآصفية:

أحمل الدرّ على رأسي لمن

يستطيب الأخذ لا أرجو ثمن

وزلال الماء صدري قد حضن

أسقي منه مستحق المشرب

.رحمك الله يا شيخنا ومربينا وأعلى مقامك في جنان الخلد.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين