لا لمتلازمة منتصف الطريق

أغلبنا مصاب بمرض، يكاد يكون السبب الرئيسي في إخفاقاتنا المتكررة، وهو المؤشر على قِصَرِ نفسنا، وعدم وصولنا لأهدافنا، و تحقيق آمالنا..

قد يقول البعض: هذا التعميم لا يصح، وأقول: ليس هذا من التعميم، بل هو ما خلصت إليه التجارب والمشاهدات، وهو نتيجة المراجعات والتقييم، والتهاون به، وغضّ النظر عنه هو عين الغفلة والتعتيم..

تابعوا معي هذه الحالات، لنعرف العَرض، ونشخّص المرض، ولنكون واقعيين في وصف العلاج:

- هو يبدأ بحميةغذائية، للحفاظ على سلامته ورشاقته، أيام تمر، يَمَلّ، يتراجع، ويعود سليم لوضعه القديم!

- هي تبدأ برنامجاً رياضياً، لتعالج مشاكل جسدية مزعجة ومؤلمة، تتعب من التمرين، فتستكين، ويتملّكها للكسل الحنين، فتهجر النادي!

- هو ينشط لقراءة كتاب نافع، ينعس، يقاوم، ويقاوم، ثم ما يلبث أن يودّع موكب الثقافة والمثقفين، على أمل الانضمام إليهم في نوبة نشاط أخرى!

- هي تتشجع لحضور لقاءات مفيدة، لتكسب مهارات جديدة، وفجأة تكرّ مسبحةالأعذار، إلى أن ينقطع حبل التواصل، ويتوقف مشوار التطوير!

- هو يبادر للانضمام إلى عمل تطوعي، ثم ينسحب، ويحرم نفسه فرصة النماء والانتماء!

- هم يثورون على الظلم والفساد، وينتفضون في وجه القهر والاستبداد، ويصرّون على اجتثاث تلك المظاهر من جذورها، ولن يصلوا إلى مبتغاهم إذا ما توقفوا في #منتصف_الطريق..

إنه مرض (متلازمة منتصف الطريق)، وهذه الكلمة هي التوصيف الدقيق لكل تلك الحالات، والتي يبدو من خلال تطبيقها أن أكثر الناس يجيدون الانطلاق، لكنهم لا يعرفون كيف يصلون..

كثيرون يجيدون البدايات، لكنهم لا يحسنون الوصول إلى النهايات، هم الذين يُدمِنون الخطوات الأولى في كل شيء، لكنهم محرومون من طعم التمام والكمال، وهم الذين يعيشون في المربع الأول، ويحنّون إليه دوماً، ولا يطيقون مغادرته!

في كل مجال من مجالات الحياة، آلاف مصابون بمتلازمة منتصف الطريق، يبدأون ولا يكملون ما بدؤوا به، وهذا هو الفرق الجوهري بين صائد النجاحات وحاصد الخيبات..

الفرق كل الفرق في استمرار المحاولات للوصول إلى خط النهاية، وغالباً ما تكون تلك النهايات سعيدة، شرط أن تتضمن تلك المحاولات ثلاثة عناصر: العنصر الأول (الإِسْرار)، وهو عبادة القلب من التوكل على الله، والاستعانة به، واللجوء إليه، والاستمداد منه، والعنصر الثاني (الإصرار)، وهو عبادة العقل من وضع الخطط، وتحديد الأهداف، ومعرفة المتاح، وتسخير الأدوات، والعنصر الثالث (التكرار)، وهو عبادة الجوارح، عمل ثم عمل ثم عمل، ما بين خطأ وصواب، خطأ يمحوه صواب، وصواب لا يمنع من خطأ..

وليعلم الجميع أنه قبل الوصول إلى خط النهاية، لن يُعدّ أحدٌ ناجحاً، فالتحدي الآن هو في قرار الاستمرار، وعدم الاستسلام لمتلازمة منتصف الطريق..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين