لا تُكَبِّل نفسَك باختلاق القيود

أسباب الإهمال والتقصير في أمور الدين والدنيا كثيرة متعددة ومتنوعة، 

وَمِمَّا يجدر التنبه له ومحاولة إزاحته عن طريقنا نحو النجاح والإنجاز ما أشرتُ إليه في موضوع المقالة؛ إذ كم كان سببا في ترك العمل أو إرجائه والتسويف فيه أنْ نختلق قيودًا نحاول إقناع أنفسنا بأنها مواصفات وضوابط ستجعل من هذا المشروع أو ذاك العمل أو تلك المبادرة شيئًا أجمل وأرقى، فنظل نوهم أنفسنا باشتراط تحقق تلك الضوابط، وبالتالي نرضي ضمائرنا حين نقبع في مكاننا، ولا نتحرك أو ننطلق؛ كل ذلك بحجَّة أن ساعة الصفر التي تكتمل فيها الضوابط والشروط لم تحِن بعد!

وهكذا نجعل من أنفسنا أرانب لا ترتضي غير السرعة الفائقة خيارًا، في حين أن الكثير من حولنا - رغم اتباعهم أسلوب السلحفاة - قد سبقونا بمراحل؛ لأنهم أزاحوا من خيالهم ما علِق في أذهاننا مما سبق ذكره من أغلال!

أخي:

إن دينار العمل الناجز خير وأجدى من قنطار الخيال الآجل إلى أجل غير مسمَّى، وإن الخطوة التي تخطوها نحو فعل خير لنفسك أو لغيرك أنفع من عشرات الخطوات المشروطة بما قد لا تحققه الأيام من شروط، وإنك واهمٌ إنْ ظننت أنك ستتقن الفن الذي يراود نفسك لأشهر وسنين وليس في أسبوعك الحالي أو الذي قبله شيء يذكر من مدارسة أو اطلاع أو حتى متابعة أو بحث يدعّم ذلك الفن المزعوم!

حتى على مستوى أرواحنا وعباداتنا،

أي الفريقين خير مقاما؟ 

مَن يناطحون الجبال في الطموح العقيم عن إنجاب الأفعال، في التفكير ببداية موسم قادم ينذر ببرامج مكثفة في الصلاة والقرآن والذكر والقيام؟

أم مَن يناجز الشيطان ويرغمه بركعتين خفيفتين بين الساعة والأخرى، ولا تُفلت عنه صفحات من كتاب الله بين فرض وآخر، واعتاد لسانه على ما قلَّت حروفه وكثرت معانيه من جوامع الكلم في الذكر والدعاء؟

الأمر فعلا يحتاج إلى إعادة نظر،

وأخيرا 

(ما لا يدرك كلُّه لا يُترَك قلُّه)

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين