لا تقهرها

المرأة تحب الرجل الحازم، وتكره الرجل المتردد الذي لا رأي له... ذكرتُ هذا كثيرًا، وهو ما أكَّدَتْه دراسات نفسية متعدِّدة.

لكن الذي يغيب عن بعض الرجال أن الحزم لا يعني التسلُّط على المرأة، وقهرها، وإذلالها، وكسرها.

بعض هؤلاء يوغلون في قهر المرأة حتى إنهم ليكادون يعدّون عليها أنفاسها، ويرصدون حركاتها، ويتصيّدون أخطاءها، إلى أن تشعر أنها في سجن مظلم خانق تريد إطلاق سراحها منه.

وإذا وجد هؤلاء زوجاتهم صامتات صابرات فإن هذا الصبر وذاك الصمت لن يستمرّا طويلًا؛ لهذا يحسُن بهم أن يتوقفوا ويراجعوا أنفسهم ويصححوا مسارهم هذا ويتوقفوا عن قهر نسائهم قبل أن يتولّد الانفجار وتتدمر البيوت.

لقد استعاذ النبي «صلى الله عليه وسلم» من قهر الرجال فقال: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلَبَة الدَّيْن وقهر الرجال) صحيح الجامع. وفي رواية البخاري (وغَلَبَة الرجال).

وإذا كانت هذه الاستعاذة من قهر الرجل للرجل، وغلبة الرجل للرجل، فكيف هي إذا كانت من قهر الرجل للمرأة، وغَلَبة الرجل للمرأة؟!

المرأة التي وصفها النبي «صلى الله عليه وسلم» بالضَعْف، وأمر بحفظ حقها: (إني أُحَرِّج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) صحيح الجامع، كما أوصى بها «صلى الله عليه وسلم»: (استوصوا بالنساء خيرًا) متفق عليه، وأَمَر بالرِّفق بها: (رفقًا بالقوارير).

ولا شك في أن قهرها، بعد هذا كله، أقسى وأشد وأعظم من قهر الرجل للرجل.

لقد جاء في بيان أثر قهر الرجل للرجل: ان الرجل إذا شعر بغَلَبة الرجال له، وتسلطهم عليه، بحق أو بغير حق؛ تسبب ذلك في حصول الكمد والقهر في نفسه، فكيف بالمرأة ذات المشاعر الفيّاضة، والأحاسيس المرهفة، والعواطف الجيّاشة؟!

على الرجل الذي يقهر زوجته وابنته وأخته أن يتوقّف عن ذلك، وأن يتقي الله فيهن، طاعة لربه سبحانه الذي أمره بالإحسان إليهن، ولرسوله «صلى الله عليه وسلم» الذي أوصاه بهنّ وشرح له ضعفهن.

وكما ذكرتُ في بداية المقال أن هذا لايعني عدم الحزم، فالحزم مطلوب في حمل المرأة على طاعة ربِّها سبحانه، ثم نبيها «صلى الله عليه وسلم»، ثم والديْها وزوجها، على أن يكون هذا الحزم في رفق ولِين، ولايكون في قهر وتسلّط وبطش.

وتبقى كلمة للمرأة حتى تتقي قهر زوجها لها؛ أوصيها فيها أولًا بالدعاء الذي علمنا إياه النبي «صلى الله عليه وسلم»: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّيْن وقهر الرجال).

وثانيًا أن تحرص على عدم استفزاز زوجها حتى لاتُثير قهره لها، وتسلّطه عليها، وإضراره بها، وإنما يكون ذلك بطاعته في ما ليس فيه معصية لله، ومداراته وملاطفته، والتودد إليه ومسايرته.‏?

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين