كيف يؤهل بشار أسد لحرب الإرهاب إذا كان هو الإرهاب بعينه؟

 

بدأت الدول الأوروبية بالتسابق باتهام تنظيم الدولة بأنه هو من يفرخ الإرهاب. ولا أقول أنها بدأت بتأهيل بشار أسد واعتباره واحدا ممن يحارب الإرهاب، فهي لم تنقطع عن تأهيله. وقد لفت وزير الخارجية النمساوي سباستيان كورتس أثناء زيارته طهران: أن على "الغرب ضم بشار الأسد وحليفتيه إيران وروسيا من أجل قتال تنظيم الدولة الإسلامية".

 

نستعجل فنقول أنه قبل سنتين من الآن كان عدد القتلى من الشعب السوري أكثر من مائتي ألف شهيد، ولم يكن لتنظيم الدولة شأن يذكر في قتال السوريين، إذن نسأل هذا الفصيح النمساوي: من قتل كل هؤلاء السوريين؟ أم يريد أن يقول للسوريين الذين لجأوا إلى النمسا وألمانيا هربا من بطش بشار أن الذي هجرهم هو تنظيم الدولة أي الإسلام؟ وزير خارجية اسبانيا الذي كان يزور طهران عزف على نفس النغمة التي عزف عليها وزير خارجية النمسا.

 

إذا كان هناك من مصلحة لواشنطن والغرب عموما في قتال تنظيم الدولة وتأهيل بشار ليلقي براميله على رؤوس السوريين، فإن مصلحة السوريين هي في قتال بشار أسد وحلفائه طهران وحزب الله والمليشيات الشيعية وكل من هب ودب ممن يحارب إلى جانب بشار.

 

السوريون يعرفون أن من أمد تنظيم الدولة بالسلاح والعتاد هو طهران والمالكي الذي انسحب قواد جيشه من الموصل وتركوا أسلحتهم وراءهم،لكي يقاتل بها تنظيم الدولة الثوار في سورية والعراق. وقد أثبت التحقيق تواطؤ المالكي، فطالب بتقديمه وضباطه إلى المحاكمة.

 

لا نقول إن علينا أن ننسى تنظيم الدولة من معركتنا، فقد قتل هذا التنظيم من الفصائل السورية المقاتلة ومن المدنيين خلقا كثيرا. لكنا نقول إن قتال تنظيم الدولة أمر مؤجل إلى ما بعد الفراغ من قتال بشار وحلفائه. لأن بشار معه سلاح الطيران الذي تمده به روسيا تحت سمع وبصر واشنطن والعواصم الغربية، وكأن رادارات حلف الناتو لا تراه، بينما ليس ثمة دولة تمد تنظيم الدولة بمثل هذا الطيران.

 

عندما ينتهي السوريون من بشار ومن حلفائه وهي معركة قد تطول طالما أن العواصم الغربية قررت أن تأهل بشار وتسكت عن جرائمه التي دمرت سورية حجرا وبشرا، وقتلت وهجرت، وهي سياسة منظمة تريد أن تجعل من المسلمين السنة في سورية أقلية بالقتل وبسياسة التهجير التي انتبهت إليها أوروبا مؤخرا ففتحت أبوابها للمسلمين يهربون من براميل بشار أسد.

 

أقول عندما ينتهي السوريون من جرائم بشار، ويتفرغون لتنظيم الدولة، عندها سيعرف الذين جندوا أنفسهم معه أن الحجة التي يتذرع بها تنظيم الدولة قد انتهت، فيتركون داعش ولا يبقى معه إلا من يجهل أن إهراق دم المسلم بغير حق أعظم عند الله من هدم الكعبة حجرا حجرا.

 

يومها سيجد من ينصر بشار أسد أن السماء ستتدخل في نصر المقاتلين المسلمين مثلما حصل عندما ثار غبار السماء على مطار "أبو الضهور" فلم يقدر طيران موسكو أن يطير، وخلال ساعات كان المطار قد أصبح بأيدي جنود الفتح، وكان المطار استعصى عليهم أكثر من ست شهور بسبب قصف طيران موسكو خارج محيط مطار "أبو الضهور".    

 

علينا أن ندقق النظر بما يجري الآن على الساحة السورية.فدول أوروبا التي فتحت أبوابها إلى اللاجئين السوريين تعرف أن هؤلاء الآلاف المؤلفة من اللاجئين السوريين لم يأتوا من الرقة ومن تدمر حيث يسيطر تنظيم الدولة، بل جاؤوا من حلب وحماة ودمشق ودرعا، حيث كانت تقصفهم طائرات بشار أسد لا تخطئ منهم أحدا. أما يوم غزا تنظيم الدولة تدمر وتقدمت أرتاله من دير الزور على بعد 400 كيلو متر، كانت طائراته نائمة فليس له مصلحة في قتال داعش.

 

ومع كل ما تقدم وما كان من تنظيم الدولة ضد الفصائل الإسلامية فإن الشعب السوري الذي ذاق الأمرين من تنظيم الدولة يعرف أن معركته الحالية ليست ضد تنظيم الدولة، فإن دوره لم يأت بعد، وإن معركته مع إرهاب بشار. كما يدرك أن طيران واشنطن عندما يقصف تنظيم الدولة فإنه إن أخطأ الدواعش أصاب المدنيين الآمنين وواشنطن تدرك ذلك. لذلك فهو يقول بالفم الملآن: ألف داعش ولا بشار أسد واحد. وسينادي الطيبين من تنظيم الدولة داعش وهو يتحامل على جرحه الذي ينزف قائلا:

 

إذا كنت مأكولا فكن أنت آكلي    وإلا فأدركني ولما أمزق.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين