(كورونا) أيها المخلوق الغريب تالله ما أعجبك!!

عجيب غريب هذا المخلوق الصغير في حجمه الكبير في أثره، إنه (كورونا) يا سادة..

(كورونا) الذي فعل بالناس ما لم يفعله ما مخلوق آخر، إنه (كورونا) فانظر ماذا فعل: 

1. هذا المخلوق العابر للقارات، الذي لا تمنعه البحار والمحيطات، لا تحجبه حدود، ولا توقفه سدود، دخل البلاد بغير تأشيرة مسبقة، واستوطن الأقطار دون هوية معلنة، لم يره أحد ليسأله عن جواز سفره، ولم يفطن له أحد حتى يستجوبه عن سر دخوله: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]. 

2. رغم التحصينات والمدرعات؛ فقد دخل قصور الحكام والمسؤولين عنوة، وضرب من يقطنون البوارج والقواعد العسكرية بقوة، فلا الحراسات المشددة أرعبته، ولا الترسانات المشيدة أرهبته، فدخل وهو الصغير، وأرهبهم وهو الكبير: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78].

3. بسببه أغلقت المطارات والمعسكرات إلى أجل غير مسمى، وأوصدت المدارس والجامعات إلى أمد غير معلوم، وأما المسارح ودور السينما والملاهي فأراح الناس مما فيها من كثير فساد أخلاقي وعفن اجتماعي: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].

4. سبعة مليارات من البشر أرهقها، فدمر معظم اقتصاد الدول كل الدول حتى الكبرى، كل ذلك بغير إطلاق رصاصة واحدة، تعطلت المصانع، وأوقف – في العديد من الدول- التصدير، ولم يعد في مقدور هذه الدول العظمى فعل ما تريد، ليبقى الله وحده: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107]. 

5. جعل النقاب (الكمامة) واقيا، والطهارة أساسا، والاختلاط وباء، والدعاء علاجا، والاعتكاف في البيوت واجبا، فلم يعترض أحد على تغطية الوجه بأنه رمز تخلف، ولم يتزمر أحد من نظافة البدن، ولم يخالف أحد القرارات فاجتمع بعدد أكبر مما هو مسموح به: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138].

6. أظهر ضعف الإنسان وعجزه، فليس هو الآمر الناهي في الكون، بل هناك مخلوق صغير، أمره بغير صوت، وأجبره بغير أمر، فمن سبح في الماء وطار في الهواء أضحى أسير هذا الفيروس: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].

7. منع الإنسان من التمتع بأمواله التي في حسابه، وممتلكاته التي هي تحت يديه، فلا قيمة للمال المكتنز، ولا فائدة من القصور التي في شرق وغرب {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54].

8. عمل على لم شمل الأسرة، فلا الرجل ساهرا خارج بيته، ولا المرأة منفقة للمال في الأسواق، بل اجتمعت الأسرة في مكان واحد، الأجساد في البيوت حاضرة، والوجوه لبعضها ناظرة، والأبدان متقاربة، لو تفاهموا لرفرفت السعادة عليهم: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].

9. استغنى الإنسان عن كثير من الكماليات المرهقة، فلا سفر ولا شاليهات، ولا مطاعم ولا نفقات، بل طعام البيت حاضر، وصحبة الأهل هي الأصل لا البديل، فليعمل كل رب أسرة على رعاية أهل بيته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]. 

10. قدم دليلا على أنه من الواجب أن نؤمن بما لا يرى ولا يحس ولا يشم، فمن أنكر وجود الله لهذه الأسباب الواهية لطمه (كورونا) وقال له: يا هذا أنت لا تراني وإنما ترى أثري فسبحان من {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103].

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين