دائماً وبمناسبة
اليوم العالمي للمرأة، يتجدّد الكلام من أطرافٍ شتى عن حقوق المرأة ومظلوميّتها،
في حين يجادل في ذلك آخرون. وما بين هذا
وذاك، يظهر بعض الخلط بين من يجعل من بعض العادات والتقاليد ديناً لينال من الدين
بقصدٍ أو غيره، أو شكلاً من الذكورية لينال من نصفه الآخر أيضاً، بل ويشتدّ البعض
نساءً ورجالاً لتصوير العلاقة بين الرجل والمرأة، كأنها علاقة صراعٍ وظلم أبدي،
ومشاكسة دائمة، وهي في حقيقتها علاقة باركها الله، وأرادها تكاملاً وتكميلاً،
وتعاوناً على شقاء الحياة وتعتيرها، وأرادها -سبحانه - بناءً لا هدماً، ومشاركةً
لا تفرّداً، بل عبادةً وتعبّداً حتى في اللقمة يقدمها أحدهما للآخر، بل وأكثر من
ذلك وأبلغ.
تواجه البشرية على
اختلاف أديانها وثقافاتها ومذاهبها تحدياً تاريخياً غير مسبوق، بل يمكن اعتباره
حرباً عالمية تستهدف مؤسسة الأسرة أو العائلة عموماً، لم يسبق أن سمعنا عنه أو
قرأناه في كتب التأريخ. وهي حرب خفية
حيناً، ومعلنة أحياناً أخرى، مما ستائره تمكين المرأة أو استقلاليتها، بزعم تعزيز
عدم حاجتها للنصف الآخر الفرعوني المتسلّط وسي السيد، الأفّاك القوّام. وهي جهود لا شك معنية بضرب بنيان الأسرة
المبنية على التكامل والمشاركة من قواعدها.
اليوم العالمي
لنصفنا الآخر في سوريا، يوافق بتاريخه، ما عرف بثورة الثامن من آذار/مارس. وهي بداية حقبة سوداء من تاريخ سوريا الحديث
للمرأة فضلاً عن الرجل، بل يمكن القول بأن المرأة السورية على مرّ تاريخها لم
تواجه قهراً وقمعاً واستبداداً وذلّاً بالقدر الذي واجهته في فترة حكم الأسد الأب
والابن لسوريا، سواءً كانت زوجة أو أختاً أو أماً أو قريبةً، فهي بين شهيدة أو
مشرّدة لاجئة، أو معتقلة مغتصبة. وهي مناسبة، أوصلت سوريا اليوم إلى حالٍ من البؤس
والتمزّق، تنبئنا بوضوح، عمّا ما فعلته ثورة البعث والبعثيين في آذار، بالسوريين
بلداً وأرضاً وشعباً، وأوصلتهم إليه، بلداً محتلاً من عديد من القوات الأجنبية،
متوَزّعة بين قوات احتلال مختلفة، ومليشيات طائفية ومن دول شتى، وشعب بالملايين
مشرّد ومهجّر خارج الوطن وفي داخله، ومئات ألوف معتقلين ومفقودين، ومئات المليارات
المنهوبة. وهي حال تضعنا وجهاً لوجه أمام إنجازات هذه الثورة خلال سنوات حكمها،
استبداداً وقمعاً، واضطهاداً وقتلاً وإجراماً، وحالة الرخاء والرفاهية التي أوصلت
إليه السوريين والعياذ بالله.
وأخيراً، تحيّة
ودعوة..!
تحية الود والتقدير للمرأة السورية (خص نص) الصامدة في وجه المافيا الأسدية وتوحشها، والماضية في معركتها مع كل السوريين حتى الخلاص والتحرير. واللعنةَ لحكمٍ لم يوفّر المرأة أياً كانت، من الاضطهاد والقتل والاستباحة. ودعوة لها إلى الصبر والمصابَرة على طُرَقات الحياة، منعرجات ومطبّات، وفي السرّاء والضرّاء، والمحاذرَة من الوقوع في أحابيل نساء النكّد والتشبيح، أو إعارتهنّ أُذُناً، فهنّ خرّابات البيوت العامرة، والدعوة موصولة للرجال دوماً: استوصوا بمن عندكم خيراً، ورفقاً بما عندكم من كريستال، أياً كانت زوجةً أو أمّاً أو بنتاً أو أختاً، أو ممن تلتقون بهنّ في دروب حياتكم، فإنكم بذلك تطيعون نبيّكم، وتتعبّدون ربكم، وتُظهرون كريم أخلاقكم.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول