كفن الظلم

 

لففت عقدا عويصة الفكاك فيما بين أناملي فعجزت أن أكتب كلاما جميلا..و استرقت مني سمعا غادرا حينما كنت أتحدث حديث البراءة في سمر إحدى الليالي الرائعات..و سكبت زيتا على نار العذاب لتزيدني ضعفا على ضعف..كنت في تلك اللقطات جميعا لست أبالي انك قاطع علي ربيع الجمال حينما يهل علي في ذكرى مولدي و في أنين الصمت مني أني فعلا لم أكن أبالي..كم كنت غادرا و ظالما..

هونا علي قليلا ..دعني أجوب شوارع الماضي فاني أشتاق لدبيب النمل في غير وقته و إني أحن لصياح الديك في غير نسقه..هل اختلف زمن السنفونيات الحالمة؟..هل القهر يكسر مني تركيزا أخشى أن يطول حتى لو كان لبرهة من الزمن ؟ ..فثواني الحرمان صعبة التحمل و المرور من أمام عيني المليئتين بدموع لم أترجم بعد لا فحواها و لا نوعها و لا دواعي نزولها ..سل إذا ربوعا من الأوطان التي عانت هفوات كهذه...

أطرق بابك مرة و اطرق بابي ألف مرة فلربما فتح لك بابي مليون مرة أمام تعنت أقفال بابك القاسية..فهل كل ما يذكرني بك شديد الكره مني لهذه الدرجة أم أنها دلائل و تعابير الظلم حتى في رنة قلم هو لك..صدقا لست أقع بالخطأ في أن أستلف منك مدادا لأكتب و بالغفلة عما يكنه صدري و تحبسه أنفاسي تجاهك..

كلمتك و خاطبتك بضمير هو أنت و لست أحدد جنسا معينا لأن المظالم تنبع من كل جنس تقريبا حتى من الجماد حينما يقسو علي ببرودة لست أتحملها لما لها من  تعنت الحسد في قلوب لم تفقه بعد أن من دواعي الود الحقيقي صرف القلب إلى ما يحبه الله و ترتاح له الروح الطيبة...

كم احتاج لطول البال و خلو الذهن من أحقاد و آلام خلت..أحتاج لاتساع الوقت الكبير حتى أنجو بنفسي إلى حيث سأحط رحالي بعد سفر طويل و هروب من آلام كادت تفتك بي...فعلا هي مغامرات لم أرسم لها لا سؤالا و لا رأيا...لكني تمنيت لو نسجت أكفانا لكل من الظلم و الخيانة و الحسد و الغيرة..و ارتب أطوالها كما ينبغي أن تحتويه معاني كل كلمة من الكلمات التي خلت...و أشرها لدي كلمة الظلم....

ربما في ذهني أن موت تلك المعاني الهدامة لن يكون لها وقت معين  بل ستموت مع كل مناسبة من  مناسبات رد الاعتبار لأهل الصبر و الحلم الجميل و لكل اللحظات الآتية مستقبلا...

لست أحتاج لا إلى أمتار و لا إلى مقاييس حتى يحضر الكفن في لفاف يعد نفسه بنسفه لمصابه و لكن بياض النهاية هو راحة لي و سكون الألم بداخلي في أن ظاهرة من الظواهر قد انسحبت من غير شرف من ساحة الحياة الجديدة بعد أن لبست لها كفنا من أكفان وسعت لأهل  ضيق الصدر و قلة الصبر و التحمل المحمود على خلاف أهل العزيمة و التميز و الريادة حيثما تنقلوا بخطوات هي أكثر وقعا من دبك الحجر من أعالي الجبال ، فليس لقمة الجبل علو أمام خطوات القدوم في بادئة  أن أهلا بواد سكن فيه العذاب و ارتاح فيه الخاطر و إلى الأبد بعد أن عاد الحق إلى أهله بأي شاكلة من الأشكال و على أي نحو من الضمان ، فالمهم أنه لم يضع حق ورائه مطالب بعد طول صمت من أصحاب التعدي و التكبر و القتل البطيء الذي رأيته بأم عيني في حسد كان فتاكا و على مطية من غيرة غير مبررة و بوسيلة الكلام المنمق بأجمل كلمات القبول و هو ما لم يكن بالمرة حقيقة على الإطلاق لأن سور البقرة أسكتت في كل قلق و هيأت لي بوادر الفهم الجيد أن هناك أناسا يكذبون و لا يصدقون و حينما يحاولون أن يكونوا صادقين يفقدون كل شيء مصداقا لقوله تعالى : "و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها  و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد" الآيات 204-205 من سورة البقرة..

اللهم اكفنا شر هؤلاء و أحفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين