كفر النصارى وفساد عقيدتهم أمر معلوم من الدين بالضرورة

 

منذ خمس وعشرين سنة قرأت لأحد كبار علمائنا: (إن من مصائب هذا الزمان أن بعض قضايا الدين البدهية صارت نظرية يجهلها بعض المنتسبين للإسلام بالوراثة ويشكك فيها أعداء الإسلام والذين في قلوبهم مرض) فقلت في نفسي: لعل ذلك سحابة صيف تزول وتنقشع بالصحوة الإسلامية الكبرى التي عمت البلاد، ولكني لما خالطت الناس بعد ذلك وتصديت للخطابة والإمامة تبين لي بطلان ظني وخيبة رجائي، فصرت أفرد خطب جمعةٍ ودروساً مسجدية بين الفينة والأخرى لبيان هذه الحقائق الدينية البدهية وترسيخها في العقول وتثبيتها في الأذهان.

ومن ذلك: كفر  النصارى وفساد عقيدتهم، فهو أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة، وقضية قطعية بدهية من ثوابت الدين وقطعياته التي يكفر منكرها أو يرتد عن الإسلام..

ولكن لما فشا الجهل في هذا الزمان الأغبر وانتشرت وسائل الإعلام المضلِّلة وصار (لأذرع الطغاة الإعلامية) صولة وجولة: وجب إيراد الدلائل ورد الشبه وإقامة الحجة إعذاراً وإنذاراً ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، وتثبيتاً للحقائق وتأكيداً لها في الأذهان وصيانة لها عن التشويش والتشويه فإن من فوائد التكرار تعليم الصغار وتذكير الكبار حتى يزول اللبس وتتمايز الحقائق حقيقة الكفر والإيمان والجنة والنار ( ولتستبين سبيلُ المجرمين).

ولهذا أوردت في خطبتي الفائتة الدلائل القطعية على كفر النصارى وكل من لا يدين بدين الإسلام وأكدت لهم أن ذلك من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة التي يكفر منكرها والشاك فيها...

ثم توجهت بالسؤال الاستنكاري للمصلين قائلاً:

بعد أن عرفتم كفر النصارى وفساد معتقدهم فعل هذا يقتضي منكم ويستلزم أن تخرجوا من المسجد بعد الصلاة فتقتلوا جيرانكم النصارى أو البوذيين أو الهندوس أو تعتدوا عليهم ؟! هل هذه المفاصلة تقتضي أن تجبهوا إخوتكم في الوطن وجيرانكم في السكن وزملاءكم في العمل فتقول له كلما لقيته: صباح الخير يا كافر ومساء الخير يا كافر؟!

هل هذه المفاصلة لدين النصارى الباطل تبيح لكم تفجير كنائسهم وقتل رهبانهم ونهب ممتلكاتهم؟!

فالجواب: لا لا لا..

اعلموا أنه لا تلازم بين اعتقاد كفرهم وظلمهم العدوان عليهم، فإنهم أهل ذمة وعهد وإخوة وطن وجيران عيش سلمي مشترك، ومن آذاهم فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيكون الرسول -روحي فداه - نفسه حجيجه وخصمه يوم القيامة.

إن كفر النصارى من أهل الذمة المواطنين لا ببيح دمهم ولا أموالهم ولا ممتلكاتهم، وإن التصريح بكفرهم في مقام التعليم وبلفظ عام وفي سياقه المناسب عند الحاجة إليه لا يدعونا لجبههم بذلك صباح مساء وبكرة وعشية ولا لندائهم به كل يوم وليلة، نعم لا نجاملهم ولا نكذب عليهم فنقول لهم؛ أنتم مؤمنون ومن أهل الجنة وأنتم لستم كفارا ولا ننكر على من يكفرهم ولا نتبرأ منه، بل نقول ذلك لهم في سياقه المناسب وزمانه ومكانه المناسب دون مواربة ودون مغمغة ولا لف ولا دوران حتى نقيم عليهم الحجة وتتم الدعوة والبيان بأوضح لفظ وأبين لسان.

توجهت في الخطبة إلى المصلين وقلت: إن هذه القضية قضية قطعية يقينية لا يستطيع أحد أن يجتهد فيها ولا أن يتوقف فيها.. أرأيتم لو زدت آية في القرآن أو نقصت آية أو سورة؟!! لو فعلت ذلك عياذاً بالله لوجب عليكم أن تردوا علي وتمنعوني من أن أَضل وأُضل.. إنني أنقل لكم الدين الذي أنزله الله على رسول الله ووصل إلينا جيلا بعد جيل من غير تحريف ولا تبديل ولم آت بهذا الحكم من عندي ولا من بيت أبي ولا جدي..

ومن كان له كلام آخر فليذهب هو وكلامَه بعيدا عن الإسلام والمسلمين فليس منا ولسنا منه وليبحث عن اسم لدينه الجديد غير الإسلام..

هذا بعض ما قلته..

وأحمد الله أنه لاقى قبولاً كبيرا من الإخوة المصلين وثناء ودعاء وشكراً على الإيضاح والبيان وطرد وساوس الشيطان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين