قيادة رائدة جديدة وجهود مباركة مشكورة

كلمة شكر ووفاء

أجد من واجبي أن أؤدي شهادة لله تعالى  هي أن الأخ الحبيب الشيخ الدكتور محمد ياسر المسدي (أبا عمار) ـ حفظه الله تعالى ـ قد نهض بمسؤولية الأمانة العامة لرابطة العلماء السوريين على خير وجه، لا أزكيه على الله، لكنها الشهادة الصادقة لله، وهو المطلع على السر وأخفى، فلله الحمد الذي وفق لاختياره والشكر للأخ أبي عمار الذي حمل المسؤولية على كثرة أعبائها (ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله).

وبكل الصدق أقول: لقد أعطى أبو عمار الرابطة وقته وجهده وصحته وخبرته الإدارية؛ سفراً متواصلاً، ومتابعة دائبة، وتفكيراً مستمراً في شأن الرابطة، وتطوير عملها، بل لقد غالب أوضاعه  الصحية، إذ سقط أرضاً في رحلة سابقة لتركيا منذ شهرين، ومع ذلك تابع مهماته وأسفاره، فقد سافر وهو على هذه الحال مرة أخرى إلى تركيا، وإلى الداخل السوري، وإلى اليمن، ثم مرة ثالثة إلى تركيا بتاريخ كتابة هذه المقالة غير عابئ بالآلام التي يتعرَّض لها خلال سفره، وخاصة في سفر البر إلى داخل سوريا ، ووعورة الطريق خلال تنقله من تركيا إلى ريف إدلب وحلب وحماة وغيرها.

وإنه منذ تسلَّم المسؤولية التنفيذية للرابطة ـ وهي فترة قصيرة ـ أدخل تطورات هامة في عمل الرابطة، وآليات نشاطها، فقد شكل فريق عمل نشيط، وتابع عمل المؤسسات في الرابطة، وأشرف بشكل مباشر على اختيار إدارات الرابطة في الداخل، تأسيساً وتنظيماً وتفعيلاً، ووسَّع دائرة الشورى، في هيئة شورية لم تقتصر على أعضائها المنتخبين، حيث عمل مع إخوانه على تطوير النظام الداخلي للرابطة، مستفيداً من مشورة إخوانه وخبراتهم.

ومن قبل ذلك، وقبل سنوات عدة، نهض مع لجنة متفرغة مختصة بأقدس عمل من أعمال الرابطة، وأهمها وأحبها إلى الله تعالى... ذلكم هو النهوض بالمسؤولية التربوية تجاه أبنائنا وبناتنا في المخيمات، التي يبلغ عددها أربعة عشر مخيماً في تركيا، وعدد الطلاب والطالبات يبلغ /20140/ وعدد المعلمين والمعلمات يبلغ /881/ وعدد المشرفين الإدرايين والتربويين المتفرغين يبلغ 9 إضافة إلى القيام بالإشراف على تربية وتعليم أبنائنا وبناتنا في الداخل السوري حيث يبلغ عددهم /12761/ وعدد المعلمين /483/ وعدد المخيمات 9 وإضافة إلى تفريغ ما لا يقل عن 66 داعية يتولون نشر الدعوة إلى الله تبارك وتعالى بين أبناء شعبنا المجاهد في معظم محافظات الداخل، ويبلغ عدد ما يدفع لهم /7400/ دولار شهرياً.

كذلك فإن من فضل الله ومنَّته أن وفق الإخوة القائمين على هذه المخيمات وبإشراف الأخ الأمين العام إلى إقامة دورات تربوية هادفة منها:  الدورة الشرعية الأولى، ثم الدورة الشرعية الثانية، ثم دورة فقه المصلحة، ثم دورات في طرق التدريس، ثم دورة المعلم الناجح، ودورة شرعية لمعلمي القرآن الكريم، بضاف إلى ذلك وبحمد الله تبارك وتعالى التخطيط لإقامة ثانويات شرعية للذكور والإناث، تعويضاً عن توقف المدارس الشرعية التي توقفت في الداخل السوري، ومن هذه المشاريع أيضاَ طباعة بعض الكتب المنهجية وتوفير الأدوات المدرسية والقرطاسية ووسائل الايضاح لهذه الأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات في الخارج والداخل، ومن هذه المشاريع أيضاً تأمين الملابس الساترة لبناتنا الطالبات والسيدات المهاجرات في المخيمات.

وإنه لجهد ضخم بتوفيق الله سبحانه، وعمل مبارك، تنهض به رابطة العلماء السوريين بإشراف مباشر من الأخ الأمين العام والعاملين معه تقبل الله منهم وزادهم توفيقاً.

أقول للإخوة القراء وبكل أمانة: إن هذه الأرقام التي أنقلها لهم بدقة قد وردت في تقرير رسمي صادر عن لجنة تعليم القرآن في الرابطة، بتاريخ 1/10/2013 وأقول أيضاً تحدثاً بنعمة الله تبارك وتعالى: هذه المشاريع فضل من الله على الرابطة، قد وفقها لإنجازها وسخرها للقيام بهذا العمل العظيم وإنه لشرف كبير ذلكم هو  إنقاذ أعداد ضخمة من الفتيان والفتيات، والشباب والشابات، من الفرغ والتشرد والضياع، والوقوع في مهاوي الجريمة والرذيلة، والشذوذ، والآفات النفسية.

ولا شك أن هذا العمل الجليل اقتضى تفريغ ما لا يقل عن 941 من الإخوة المعلمات والمعلمين المهاجرين والقابعين في المخيمات دون عمل، وأمَّن لهم مورداً مالياً صان كرامتهم، وحفظ عزتهم، وملأ فراغهم، وأكسبهم ثواب الله وأجره...ومن هؤلاء المهاجرين والمهاجرات حفظة لكتاب الله تعالى، ومدرسون سابقون، وأساتذة جامعيون، وقضاة، ومستشارون.

ثم إن مثل هذه المشاريع التربوية والتعليمية الرائدة، ولمثل هذه الأعداد الضخمة من المعلمين والمعلمات والمشرفين الإداريين، والطلاب والطالبات الذين تُدفَع لهم جوائز ومكافآت يحتاجون إلى دعم مالي ضخم، وميزانية ضخمة، لأن كل الإخوة العاملين متفرغون، يتلقون رواتب من الرابطة، وأشهد أن الأخ الأمين العام -حفظه الله تعالى - يجتهد بدأب في تأمين الموارد اللازمة من أهل الخير والإحسان، جزاه الله خيراً، وجزى الله المحسنين وأهل الخير على ما يبذلون، وأدام عليهم فضله، وبارك لهم في أموالهم وأولادهم، وتقبل منهم صالح أعمالهم.

ويؤسفني أن أقول وللتاريخ: حين فكرنا في النهوض بمثل هذه المشاريع قدَّرنا أننا لن نستطيع تأمين نفقاتها وتكاليفها بسبب موارد الرابطة الضيقة، فحاولنا أن نتصل ببعض الحكومات العربية وببعض المسؤولين، نناشدهم الله سبحانه أن ينظروا نظرة إنسانية تربوية لهذه الأعداد الضخمة من أبنائنا وبناتنا في المهاجر، وتحت الخيام، وطالبناهم أن يساعدونا على الأقل بفتح مدارس باللغة  العربية وينتدبوا لها معلمين ومعلمات، ويأذنوا لنا بتدريس مناهجهم وكتبهم، ويعتمدوا امتحاناتها، لأن الإخوة في المخيمات قالوا لنا بصريح العبارة: شكراً لكم، وأنتم تحفِّظون أبناءنا القرآن الكريم وغيره... لكن ماذا عسانا أن نفعل بأبنائنا الذين كانوا في مراحل دراسية سابقة ؟ تُرى أين سينتقلون؟ ومَن الذي يحدد مستوياتهم ؟ ومن الذي سيعتمد نتائجهم؟ إشارة إلى المراحل التعليمية المعروفة، ابتدائية أو متوسطة أو ثانوية، وإشارة إلى الصفوف الانتقالية، لقد كان هذا حافزنا من أول يوم للاتصال بالحكومات والمسؤولين، ولكنني أقول وبكل أسف: لم نُجَب إلى طلبنا، رغم كثرة مَن قابلناهم في بعض الدول ورغم ووعودهم السخية، باستثناء الحكومة التركية مشكورة التي بادرت ودون طلب من أحد وفتحت مدارس في المخيمات، وقدمت الطعام والعلاج والدواء والكساء ، لكن كان اعتراض المهاجرين أنه تعليم مختلط، وأنه تعليم علماني وباللغة التركية، وقالوا: نحن نريد أن نعلم أبناءنا اللغة العربية ونعلمهم ديننا، وبكل الألم أقول كل هذه الحيثيات لم تتحرك لها ضمائر المسؤولين في وزارات الهيئات العلمية في بعض البلاد العربية لتمد لنا يد العون فاستعنا بالله من قبل ومن بعد وكان أن أمدنا الله بعونه، ويسر لنا سبلنا، وهيأ لنا أهل خير وإحسان، وهيأ لنا خبرات تربوية وتعليمية متطوعة.

وأشهد أن الأخ الأمين العام الذي واكب الجهود السابقة، وأسس عليها، وتابع المسيرة القرآنية والتربوية والتعليمية، فالشكر له والدعاء المتواصل له ولإخوانه، وأخص بالذكر الأخوين الكريمين: الدكتور محمد حوى، والدكتور منقذ سقار، والمشرفين المتفرغين في المخيمات،  وإن أنس لا أنس جهد إخوة أبرار سابقين مؤسسين منهم الأخ : الأستاذ إسماعيل جحا والأخ د. خالد كندو والأخ أبو رافع ، والأخ الأستاذ محمد أبو النصر عطار ، كما أشكر الإخوة الكرام الذين زاروا المخيمات وألقوا المحاضرات وعقدوا الندوات ، جزاهم الله كل خير.

كذلك فإنني أوجه من الشكر أعمقه وأحره وأخلصه للأخ الحبيب العالم المحقق المفسر الشيخ مجد مكي المشرف على موقع الرابطة متطوعاً محتسباً أجره عند الله رغم أن شيخنا الجليل العلامة الشيخ يوسف القرضاوي قد استأثر به عوناً ومستشاراً ونعم من اختار ، وأنا أعلم أن الحب والتقدير بين الشيخين قديم ، فما كان لنا أن نضن بالشيخ مجد على شيخه وأستاذه ، رغم أن قربه منا هو الأحب وحاجتنا إلى علمه وفقهه ورأيه هي الأحق لكن أبا أحمد هو الغيث أينما وقع نفع .

 وأشهد أن أخوين كريمين حيين كانا كالظل له بل وكاليدين يعملون معه بجد وإخلاص وتفان حاضراً وغائباً على البعد والقرب ، جزاهما الله خيراً وأحسن إليها هما الأخوين الكريمان الأخ طارق قباوة والأخ الأستاذ بلال ابن شيخنا الحبيب العالم الجليل الدكتور عبد المجيد البيانوني ، وحفيد شيخنا العالم الرباني المربي أستاذنا أحمد عز الدين البيانوني رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ، لهما مني أعمق التحية وأوفر الشكر.

كما أشكر الأخوات الكريمات اللاتي واصلن هذا الجهد، وتابعن زيارات الأخوات المهاجرات، وقدمن لهن العلم والتربية والموعظة، وقمن بمواساتهن والتخفيف آثار محنتهن ، لقد تحمل هؤلاء الأخوات جهداً كبيراً في أسفارهن وفي رحلاتهن متبرعات متطوعات، مخلصات لله تبارك وتعالى، إضافة إلى ما حملن معهن من أسباب العون والدعم، فالشكر لهن أيضاً والدعاء الخالص لله تعالى أن يحفظهن ويتقبل منهن صالح العمل.

وإنها لشهادة أرجو أن تكون صادقة مخلصة ألقى بها الله رب العالمين يوم الدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

             التاريخ                                           أخوكم نائب الأمين العام

1/1/1435 الموافق 4/11/2013                           محمد فاروق البطل 

 

وقد أجاب فضيلة الشيخ ياسر المسدي الأمين العام لرابطة العلماء السوريين أخاه الشيخ محمد فاروق البطل بهذه الكلمات

 

أخي الكبير وأستاذي /أبا عمار البطل            حفظكم الله ورعاكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد فوجئت برسالتك الكريمة التي خطتها يمينك المباركة- بعد أن منَّ الله علينا بشفائك -منشورة على موقع الرابطة  بعنوان (قيادة رائدة جديدة وجهود مباركة مشكورة) والله لقد دمعت عيناي وأنا أقرؤها فقد أخجلتني وأحرجتني لما غمرتني به بكلماتك الرقيقة التي تنم عن نبلك وطيب معدنك وطهارة سريرتك فقد أعطيت درساً للأجيال كيف يكون العمل المؤسسي، فلا يضير أن يكون الإنسان رئيساً أو نائباً أو عضواً عادياً فالمسميات لا قيمة لها، فالكل يعمل لله ومن أجل مرضاة الله.  

أنا أعرف نفسي أني لست أهلاً لهذا الثناء والمدح الذي ذكرته في رسالتك، وإني مهما قدمت في سبيل تطوير هذه الرابطة التي  نخدم من خلالها ديننا ودعوتنا قليل وقليل، وخاصة في هذه الأيام التي يقدم فيها شبابنا وأهلنا المجاهدون والمرابطون على أرض سوريا الحبيبة أغلى الأثمان وأعظم  التضحيات.

 نعم أعتز وأفتخر بشهادة أخ كبير أسس وبنى وأعطى الرابطة من وقته وجهده وعافيته، ولولا همته العالية وجهده المتواصل - بعد توفيق الله تعالى له - لما كانت الرابطة، فالفضل لأهل السبق. 

وإن  ما تم من إنجازات في الرابطة  بعد تسميتي (أميناً عاماً) لها فالفضل لله وحده أولاً الذي وفق وسدد وبارك، ثم لكم فأنتم الأساس، ثم بفضل الإخوة الذين يواصلون العطاء ويبذلون الجهد دون كلل أو ملل، وأخص منهم  أخي د/محمد حوا: أمين سر الأمانة العامة للرابطة ومسؤول لجنة القرآن الكريم والدعوة في المخيمات والداخل السوري. 

وكذلك الأخ الشاب المتفاني في عمله ونشاطه أ/عبد الله أُوسو: المشرف على النشاط القرآني والدعوي في المخيمات والداخل السوري، وكذلك الإخوة المشرفين والمدرسين والداعمين، فالمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه، كما أخص بالذكر الأخ د شهيد الأمين المدير التنفيذي للرابطة الذي يبذل جهده وفكره للنهوض بالرابطة، فجزى الله الجميع خيراً.

فالمسؤولية ضخمة، والأمانة عظيمة، والواجبات أكثر من الأوقات.

أسأل الله العظيم أن يوفق الجميع لخدمة دينه، وأن يلهمنا السداد والصواب فيما يرضيه عنا حتى تلقاه  وهو راض عنا. 

اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون اللهم آمين

                                                                                   د. محمد ياسر المسدي 

                                                                   استانبول 4 محرم 1434هـ الموافق 7تشرين الثاني2013م

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين