أسئلة بيانية (3) قصة فرعون بين سورتي البقرة والأعراف

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: 49].

وقال في سورة الأعراف: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [الأعراف: 141].

سؤال:

لماذا قال في آية البقرة: ﴿يُذَبِّحُونَ﴾. وقال في الأعراف: ﴿يُقَتِّلُونَ﴾؟

الجواب:

إنه قال في الأعراف في قصة موسى قبل هذه الآية: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ [الأعراف: 127]، فناسب قولُ فرعون فعلَه فقد قال: ﴿سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ﴾ فقال: ﴿يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ وهو المناسب فقد فعل ما قاله وهدّد به.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن القتل أعمَّ من الذبح، وأن القصة في الأعراف مبنية على العموم والتفصيل في موقف فرعون من بني إسرائيل فإنه لم يَرِد في سورة البقرة ذكرٌ لفرعون مع بني إسرائيل ولا فتنته لهم إلا هذه الآية.

في حين أن القصة في الأعراف فَصَّلت في ذكر الحوادث قبل موسى وبعده، وذكرت فتنة فرعون لبني إسرائيل وذكرت مجيء موسى إلى فرعون وتبليغه بالدعوة وذكرت موقف فرعون من السحرة وتهديد فرعون لبني إسرائيل بالقتل والإذلال والإيذاء حتى قالوا لموسى: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ [الأعراف: 129].

وذكر الآيات التي حلّت بفرعون وقومه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف: 130].

وتستمر القصة في ذكر التفاصيل:

فناسب العمومُ في الأعراف العمومَ في اللفظ وهو التقتيل.

ثم إنه لم يرد في البقرة ذكر لهارون في هذه القصة، وأما في الأعراف فقد ورد ذكره في أكثر من موقف منها قول السحرة: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: 121-122].

وورد استخلافه في قومه فقال: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ﴾ [الأعراف: 142].

فناسب ذلك أيضاً ذكر التقتيل، فإن ذكر موسى وهارون أعمُّ من ذكر موسى وحده، فناسب العموم العموم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين