قصة المَنزِلة وحديث (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) ومزاعم الشيعة باستخلاف علي بعد رسول الله

روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" متفق عليه .

قال رسول الله ذلك لعلي عندما خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا على المدينة كما ورد في الصحيحين وهو يستعد لغزوة تبوك، فقال بعض المنافقين: استثقل الرسول خروجه معه، فلحق علي رضي الله عنه بالرسول صلى الله عليه وسلم فأدركه في موقع يقال له: (الجرف) بين المدينة وتبوك، فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله خلفني في النساء والصبيان؟ فقال له عليه السلام: "أما ترضى بأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" أخرجه أحمد ومسلم وأبو حاتم .

وقد عوّل الشيعة على هذا الحديث كثيرا في أحقية علي بالخلافة بعد رسول الله مباشرة، وأنه أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، واعتبروا ذلك نصا صريحا في استخلافه رضي الله عنه، وبناء عليه فقد زعموا أن هذا النص دليل على بطلان خلافة أبي بكر وعمر بعد رسول الله وأن الخلافة اغتصبت منه عنوة وهو أحق بها.

وأصبحت قصة" المنزلة عند الشيعة دليلا صريحا على حق علي نصا بالخلافة بعد رسول الله ومن ثم التشنيع على أهل السنة والجماعة الذين يقولون بخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

وفي الحقيقة أنه مع ثبوت قصة "المنزلة" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنها لا تؤيد مزاعم الشيعة في ادعاء أحقية علي بالخلافة بعد رسول الله للأسباب الآتية:

 

أولا: أنها قياس مع الفارق فإن استخلافه في حياته صلى الله عليه وسلم على المدينة بمن بقوا فيها من أهله والنساء والصبيان كعادته إذا خرج منها لا تقتضي خلافة الأمة العامة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .

الثاني: أن هارون أخا موسى لم يكن خليفة على بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام؛ لأن هارون توفي قبل وفاة موسى في سنة أربعين لخروج بني إسرائيل من أرض مصر كما ورد في التوراة والمصادر التاريخية، والميّت لا يكون خليفة، وقد كان استخلاف موسى لأخيه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة.

الثالث: أنَّ عليا رضي الله عنه لو كان يعلم أن قصة "المنزلة" تثبت حقا إلهيا له بالخلافة بعد رسول الله (لشهرتها بين الصحابة) لواجه بها الصحابة عند اجتماعهم لاختيار خليفة للمسلمين في سقيفة بني ساعدة، طلبا لحقه الشرعي، وهو الشجاع البطل الذي لا يهاب قول كلمة الحق، لاسيما بحقٍ قد وعده به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وطالما أنه لم يثبت احتجاج علي بذلك في إثبات حقه في الاستخلاف فهذا دليل على أنه لم يرَ في قصة "المنزلة" دليلا على ثبوت حقه ذاك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يبطل دعوى الشيعة وحجتهم بقصة "المنزلة "على استخلاف علي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين