في بلادنا ألف مانديلا

 

مع احتفال العالم بمئوية ميلاد "نيلسون مانديلا" ، أتذكر القصيدة العصماء التي كتبها "فاروق جويدة" ونشرتها جريدة الأهرام في التسعينيات بعنوان : " من أغاني مانديلا " .

ويتجدد الاحتفال بذكرى "مانديلا" وتتجدد معها مادة خصبة لكتاب الصحف ونزلاء الفضائيات ، يتبارون فيها بالحديث عن البطولة والكفاح والنضال للزعيم الكبير .

كل هذا جميل .. ؛ ولكن 

الغالبية العظمى من هؤلاء المتعالية أصواتهم بصيحات المديح حرضوا وباركوا وصمتوا عن قتل وسجن وتشريد ألف "مانديلا" في بلادهم .!

هؤلاء فضلاً عن كونهم منتفعين ، هم أسرى لحالة نفسية تسيطر على النفوس الضعيفة ، فتجدهم من باب الوجاهة والتظاهر بالبطولة يمدحون الغريب مكاناً ، أو البعيد زماناً ، فقد يجدون لبطولته أسباباً موضوعية تعفيهم من المقارنة معه ؛

ولكن بطولة من يجاورونهم في الوطن ، ويعاصرونهم في الزمن ، ويقفون بكل شجاعة في وجه الظلم والفساد ، تضعهم مباشرة في موضع المقارنة ، وتخلع عنهم أردية البطولة الزائفة أمام أنفسهم وأمام الناس .

هؤلاء يغيظهم ويؤرقهم الفضائل التي ينفرد بها من حولهم ، لأنها تشعرهم بالنقص والعجز .

وهذه الحالة النفسية إذا استشرت في المجتمع ، تصيبه بالعطب ، ويتحول لحالة هياج يصيح فيها الملأ اللصيق بالسلطة بصياح قوم لوط : " أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " !!!

في بلادنا ألف "مانديلا" .

ولكن :

لا تنتظر من هؤلاء أن يرفعوا صوتا للدفاع عمن يسير على درب "مانديلا" من بني أوطانهم .

فطنين هذا الذباب يختفي عند المَغْرَم ، ويتعالى ويكثر عند المَغْنَم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين