في اليوم العالمي للُّغة العربية.. لا تقُل وقُلْ (5)

قدمنا النهي على الأمر، لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ولأن التخلية قبل التحلية.

1- لا تقل مثلا: هذا أمر مُشِين. كأنه اسم فاعل من الرباعي "أشانَ". وليس في الفصيح "أشانَ"

وقل: هذا أمر شائن، وهو اسم فاعل من الثلاثي "شانَه يَشِينه" بمعنى: عابَهُ.

جاء في جمهرة اللغة، لابن دريد: الشَّيْن: ضِدّ الزَّيْن؛ شانه يَشينه شَيْناً، فهو شائن، والمفعول مَشين. اهـ

2- لا تقل مثلا: لُحْمةُ الثوب وسُداه. بضم السين. فإن السُّدى بضم السين معناه: المهمل. كما في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]

وقل: لُحْمةُ الثوب وسَداه. بفتح السين. قال في القاموس المحيط: السَّدَى من الثوبِ: ما مُدَّ منه. اهـ

3- لا تقل مثلا: الجنين فيه تشوُّهٌ خُلُقي. بضم الخاء واللام. فإنها بالضم تكون نسبة إلى الخُلُق بضم الخاء واللام، وهو واحد الأخلاق، بمعنى: السجايا والطبائع.

وليس معنى السجية والطبع مرادا هنا.

قال في القاموس المحيط: والخُلْقُ بالضم وبضَمَّتَيْنِ: السَّجِيَّةُ والطَّبْعُ والمُروءةُ والدينُ اهـ

قلت: ومنه ما جاء في حديث مسلم في حكاية قول عبد من عباد الله يوم القيامة: قَالَ يَا رَبِّ آتَيْتَنِى مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ.. الحديث..

وقل: تَشَوُّهٌ خَلْقي، نسبة إلى: الخَلْق. أو: خِلْقي. نسبة إلى الخِلقة.

قال في القاموس المحيط: والخِلْقَةُ بالكسرِ: الفِطْرَةُ، كالخَلْقِ. اهـ

4- لا تقل في المثل العربي: أسْمَعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طَحنًا. بفتح الطاء. فإن مفتوح الطاء هو مصدر الفعل: طَحَنَ. وليس المراد هنا المصدر، وإنما المراد: الدقيق المطحون.

وقل: أسمع جَعْجَعَةً ولا أرى طِحنًا. بكسر الطاء. جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس: يقال طَحَنَتِ الرَّحَى طَحْناً. والطِّحْن: الدَّقيق. ويقولون: "أسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً" اهـ

وقال الجوهري في الصحاح: والجَعْجَعَةُ: صوتُ الرَحى. وفي المثل: اسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً. اهـ

وقال الفيروزآبادي في القاموس المحيط: والطِّحْنُ بالكسر: الدَّقيقُ ومنه المَثَلُ: أسْمَعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً. اهـ

وفي القاموس المحيط أيضا: أسْمَعُ جَعْجَعَةً ولا أرَى طِحْناً: يُضرَبُ للجبانِ يوعِدُ ولا يوقِعُ، وللبَخِيلِ يَعِدُ ولا يُنْجِزُ. اهـ

5- لا تقل في المثل العربي: أحَشَفًا وسُوَء كَيْلة؟. بفتح الكاف. فإن الكَيْلة بفتح الكاف، تطلق على نفس المكيال، وعلى المَرَّة من الكيل، وعلى الشيء المكيل.. وليس شيءٌ من ذلك مرادا بالمثل المذكور.

وقل: أَحَشَفًا وسوء كِيْلة؟ بكسر الكاف. فإنها بالكسر تطلق على هيئة الكيل، وهي هنا التطفيف في الكيل.

قال الجوهري في الصحاح: الكَيْلُ: المِكيالُ. والكَيْلُ: مصدرُ كِلْتُ الطعامَ كَيْلاً ومَكالاً ومَكيلاً أيضاً... والاسم: الكِيلَةُ، بالكسر. يقال: إنَّه لحَسَنُ الكِيلَةِ... وفي المثل: "أَحَشَفاً وسوءَ كِيلَةٍ" أي: أتجمعُ أن تعطيني حَشَفاً، وأن تسيءُ لي الكيلَ؟. اهـ

وفي معجم مقاييس اللغة لابن فارس: الحَشَف، وهو أردأ التَّمر. ويقولون في أمثالهم: "أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة"، للرَّجُل يجمع أمرين ردِيَّين. اهـ

وقال المرتضى الزَّبيدي في تاج العروس من جواهر القاموس: وقد أَحْشَفَتِ النَّخْلَةُ: صارَ تَمْرُهَا حَشَفاً. وفي المَثَلِ: أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة؟ أَي: أَتَجْمَعُ التَّمْرَ الرَّدِيءَ والكَيْلَ المُطَفَّفَ؟ يُضْرَبُ في خَلَّتْيْ إِساءَةٍ تَجْتَمِعان علَى الرَّجُلِ. اهـ

6- لا تقل في أخبار التاريخ: وقعتْ حرب الفُجَّار... بضم الفاء وتشديد الجيم. كأنها جمع "فاجر"

وليس هذا الجمع مرادا هنا.

وقل: وقعتْ حرب الفِجَار. بكسر الفاء وتخفيف الجيم. مصدر الفعل "فاجَرَ"

قال الزَّبيدي في "تاج العروس": وإِنّمَا سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّهَا كانَتْ في الأَشْهُرِ الحُرُم وكانتْ بَيْنَ قُرَيْش ومَن مَعَهَا من كِنَانَةَ، وبَيْنَ قَيْسِ عَيْلانَ في الجاهِلّية، وكانَت الدَّبْرَةُ أَي الهَزيمَةُ على قيْس. فَلَمَّا قاتَلُوا فيها قالُوا: قد فجَرْنا. فسُمِّيَتْ لِذلكَ فِجَاراً. وهو مَصْدَرُ فاجَرَ مُفاجَرَةً وفِجَاراً: ارْتَكَبَ الفُجُورَ. كما حَقَّقَه السُّهَيْلِي في الرَّوْض. اهـ

7- لا تقل مثلا: القمر جُرم سماوي.. بضم الجيم. فإنها بالضم: الذَّنْب. قال في القاموس المحيط: والجُرْمُ بالضم: الذَّنْبُ كالجَرِيمةِ. اهـ

وقل: جِرْمٌ سماوي.. بكسر الجيم. قال في القاموس المحيط: والجِرْمُ بالكسر: الجَسَدُ كالجِرْمانِ، جمعه: أجْرامٌ وجُرُومٌ وجُرُمٌ بضمتين. اهـ

8- لا تقل مثلا: جُعْبَة السهام. أو: أَخْرَجَ فلانٌ ما في جُعبته. بضم الجيم. فإني لم أجد لمضمومة الجيم استعمالا في اللغة.

وقل: أخرجَ ما جَعبته. بفتحها.

قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط: الجَعْبَةُ: كِنَانَةُ النُّشَّابِ، جمعها: جِعَابٌ. وجَعَبَها: صَنَعَها. والجَعَّابُ: صَانِعُهَا. اهـ

وقال الفيومي في المصباح المنير: الْجَعْبَةُ لِلنُّشَّابِ وَالْجَمْعُ جِعَابٌ، مِثْلُ: كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ، وَجَعَبَاتٌ أَيْضًا مِثْلُ: سَجَدَاتٍ. اهـ

9- لا تقل مثلا: هَوَيتُ هذا الأمر. بفتح الواو، تريد: أحببتُه. فإنها بفتح الواو تعني السقوط من عُلُوّ. ومصدرها: "هُوِيّ"

وقل: هوِيتُ هذا الأمر. بكسر الواو، بمعنى: أحببتُه. ومصدرها: "هَوَىً"

قال مجد الدين الفيروزآبادي في قاموسه: وهَوَى هَوِيَّا وهُوِيًّا. بالفتح والضم، وهَوَياناً: سَقَطَ من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ، .... وهَوِيَهُ، كَرَضِيَهُ، هَوًى، فهو هَوٍ: أحَبَّهُ. اهـ

قلت: والقاعدة في الفعل الماضي المعتل الآخر إذا اتصل به ضمير الرفع المتحرك (تاء المتكلم المضمومة، أو تاء المخاطَب المفتوحة، أو تاء المخاطَبة المكسورة، أو نون النسوة المفتوحة، أو "نا" الدالة على الفاعلين): أن ننظر في حرف العلة الذي في آخر الفعل الماضي، فإن كان ياءً، كسرنا ما قبله. فنقول في رضي: رضِيتُ. وفي نَسِي: نسِيت.

ولا تقل: رضَيتُ. نسَيت..

ففي التنزيل: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]

وفيه أيضا: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: 63]

وإن كان حرف العلة ألفا، فتحنا ما قبله، سواء أكانت الألف واوية، مثل: دعا: دعَوت. نجا: نجَوت. وفي التنزيل: {قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25]

وفيه أيضا: {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [القصص: 63]

أو كانت الألف يائية، مثل: هَدى: هَدَيتُ. جرى: جرَيتُ. اصطفى: اصطفَيتُ.

وفي التنزيل: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: 22]

وفيه أيضا: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام: 15]

وفيه أيضا: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144]

10 - لا تقل مثلا: هذا شاهد عَيان. أو: هذا واضح للعَيان. بفتح العين. فإني لم أجد لمفتوحة العين استعمالا.

وقل: شاهد عِيان. بكسر العين. قال في القاموس المحيط: ولقِيتُه عِياناً. أي: مُعايَنَةً، لم يَشُكَّ في رُؤْيَتهِ إيَّاهُ اهـ

والله أعلم.

 

رابط الجزء الرابع اضغط عنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين