في اليوم العالمي للُّغة العربية لا تقل وقل(4)

"لا تَقُلْ وقُلْ"

قدَّمنا النهي على الأمر، لأن درء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح، ولأن التخلية قبل التحلية.

1- لا تقل مثلا: مدينة (إعزاز.) بهمزة مقطوعة مكسورة في أولها، كأنها مصدر الفعل الرباعي (أَعَزَّ).

وقُلْ: مدينة (عَزَاز.) بلا همزة في أولها مقطوعة ولا موصولة. فإنها في الأصل صفة من صفات الأرض، وليست مصدرا للفعل "أعَزَّ".

فكما تقول: هذه أرضٌ صخريةٌ مثلا، أو: أرضٌ رمليةٌ، أو رَخوةٌ..

فإنك تقول: هذه أرضٌ عَزازٌ. أي: صُلبةٌ.

قال المجد في قاموسه: والعَزازُ: الأرضُ الصُّلْبَةُ. وأعَزَّ: وقَعَ فيها.. وعَزازٌ: موضع باليمن. وبلد قُرْبَ حَلَبَ، إذا تُرِكَ تُرابُها على عَقْرَبٍ قَتَلَها. اهـ

قلت: ومن المعلومات المستفيضة التي سمعناها منذ الصغر، أن مدينة (عَزاز) لا تعيش فيها العقارب، وأن تراب قلعتها إذا وُضِع على العقرب ماتت.

2- لا تقل عن القَرح في البدن: خُرَّاج. بتشديد الراء المفتوحة.

وقُلْ: خُرَاج. بتخفيفها، على وزن "سُعَاد".

قال في القاموس المحيط في مادة (خرج): وكالغُرابِ: القُروحُ.

3- لا تقل مثلا: لَحَسَ الإناء. بفتح الحاء.

وقل: لَحِسَ ... بكسرها.

قال في القاموس المحيط: اللَّحْسُ باللِّسانِ، يُقَال: لَحِسَ القَصْعَةَ كسَمِعَ. اهـ

4- لا تقل في أسماء الكواكب: الزُّهْرة. بسكون الهاء.

وقل: الزُّهَرة. بفتحها.

قال في القاموس المحيط، في مادة "زهر": وكتُؤَدَةٍ: نَجْمٌ معروف في السماءِ الثالثةِ. اهـ

5- لا تقل مثلا: غَفِلَ عن الأمر يغفَل. بكسر الفاء في الماضي، وفتحها في المضارع، كأنه من الباب الرابع من أبواب الثلاثي.

وقل: غَفَلَ يغفُل. بفتح الفاء في الماضي، وضمها في المضارع، لأنه من الباب الأول من أبواب الثلاثي.

قال الجوهري في الصحاح: غَفَلَ عن الشيء، يَغْفُلُ غَفْلَةً وغُفولاً. اهـ

وقال الفيومي في المصباح المنير: يقال: غَفَلْتُ عن الشيء غُفولا. من باب قَعَدَ... اهـ

قلت: وفي التنزيل: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ} [النساء: 102]

6- لا تقل مثلا: قِفلُ الباب. بكسر القاف.

وقل: قُفل الباب. بضمها.

قال في القاموس المحيط: والقُفْلُ بالضم: شجرٌ حِجازِيٌّ، وعَلَمٌ، والحديدُ الذي يُغْلَقُ به البابُ. جمعه: أقْفالٌ وأقْفُلٌ وقُفولٌ. اهـ

7- لا تقل عن الحُلقوم: حُنجُرة بضم الحاء والجيم.

وقل: حَنجَرة. بفتحهما.

قال في مختار الصحاح: الحَنْجَرَةُ بالفتح، والحُنْجورُ بالضم: الحلقوم. اهـ

قلت: لقيتُ مرة طبيبا عجوزا متقاعدا من قدامى خريجي كلية الطب في جامعة دمشق، فعرَّفني على نفسه أنه طبيب أنف وأذن وحَنْجَرة.

فلما ذاكرته في ضبطها قال في دعابة: علَّمونا إياها منذ كنا طلابا في كلية الطب أن (حَنجَرة) على وزن (طَنجَرة).

وكنتُ قد سمعتُ هذا الضبط اللغوي للكلمة قبل ذلك، من أحد الأصدقاء خريجي طب دمشق.

8- لا تقل مثلا: خُضْرَةٌ ونُضْرة. بضم النون.

وقل: خُضْرَةٌ ونَضْرة. بفتحها.

قال في القاموس المحيط: النَّضْرَةُ: النَّعْمَةُ والعَيْشُ والغِنَى والحُسْنُ. اهـ

قلت: وفي التنزيل المبين: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]

وفيه أيضا: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 24]

9- لا تقل مثلا: في الحَرّ والقَرّ. بفتح القاف. فإنها بالفتح تطلق على معانٍ أخرى، منها: القَرُّ: صوت الدّجاجة، والقَرّ: الاستقرار في المكان، والقَرّ: الشيء البارد، وليس البرد نفسه الذي يقابل الحر.

وقل: في الحَرّ والقُر. بضمها.

قال في القاموس المحيط: القُرُّ بالضم: البَرْدُ، أو يُخَصُّ بالشتاءِ. والقِرَّةُ بالكسر: ما أصابَكَ من القُرِّ. ... وقُرَّ الرجلُ بالضم: أصابَهُ القُرُّ. وأقَرَّهُ اللَّهُ تعالى، وهو مَقْرُورٌ، ولا تَقُلْ: قَرَّهُ. وأقَرَّ: دَخَلَ فيه. ويَوْمٌ مَقْرُورٌ، وقَرٌّ: باردٌ. وليلةٌ قَرَّةٌ. اهـ

قلت: يلاحظ في هذا النص اللغوي: التفريق بين البرْد ضد الحَرّ، ويقال له: قُرٌّ. بضم القاف؛ وبين الشيء البارد ضد الشيء الحار، ويقال له: قَرٌّ. بفتحها.

وفي شعر حاتم الطائي يخاطب غلامه:

أَوقِد فَإِنَّ اللَيلَ لَيلٌ قَرُّ=وَالريحَ يا مُوقِدُ ريحٌ صِرُّ

عَسى يَرى نارَكَ مَن يَمُرُّ=إِن جَلَبَت ضَيفاً فَأَنتَ حُرُّ

10- لا تقل: ... في الحِلِّ والتِّرحال. بكسر الحاء في الأولى، والتاء في الثانية.

فإن الحِلّ، بكسر الحاء، يطلق على معان أخرى؛ منها: الحِلّ: ضد الحَرَم. والحِلّ: ضد الإحرام. والحِلّ: بمعنى الحلال، ضد الحرام.

قال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]

وقل: ... في الحَلِّ والتَّرحال. بالفتح فيهما.

قال في القاموس المحيط: حَلَّ المكانَ وبه يَحُلُّ ويَحِلُّ (حَلاًّ) وحُلولاً وحَلَلاً محرَّكةً نادِرٌ: نَزَلَ به. اهـ

وقال في المصباح المنير، في مادة عسف: وَمِنْهُ: عَسَفْتُ الطَّرِيقَ إذَا سَلَكْتَهُ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ. وَالتَّعَسُّفُ وَالِاعْتِسَافُ مِثْلُهُ. وَهُوَ رَاكِبُ التَّعَاسِيفِ. وَكَأَنَّهُ جَمْعُ تَعْسَافٍ بِالْفَتْحِ، مِثْلُ التَّضْرَابِ وَالتَّقْتَالِ (وَالتَّرْحَالِ) مِنْ الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَالرَّحِيلِ. اهـ

والله أعلم.

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين