بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: فهذه مختارات من كتاب "فتاوى علي الطنطاوي الجزء الثاني" جمع وترتيب: مجاهد ديرانية، دار المنارة- جدة، الطبعة الأولى- 1422.
1- أفضل وأوجز ما قيل في الرياء كلمة للفضيل بن عياض(وهو من الصالحين الزهاد، وصاحب القصة المشهورة مع هارون الرشيد) يقول فيها: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك"، ومعنى هذه الكلمة: أن ترك العمل الصالح خوفا من انتقاد الناس رياء، أو هو نوع دقيق من الرياء، أما العمل لأجل الناس فقد عده شركا لأنه عمل لغير الله، والأصل فيه أن يعمل لله. ص65.
2- أرجو من الإخوة الخطباء أن يهتموا بثلاث أمور:
أولها: اختيار الموضوع مما يهم الناس، والتحدث إليهم باللسان الذي يفهمونه، فنقف على الأرض التي يقف عليها الناس ولا نحلق عاليا، ونبقى معهم حيث هم فنفكر كما يفكرون. ينظر الخطيب كل أسبوع فيما يهم الناس فيتكلم فيه، ويبين لهم حكم الشرع فيما يسألون عنه ويشاركهم فيما يتحدثون فيه، فلا يكون في واد والناس في آخر.
والثاني: إلقاء الخطبة بالأسلوب الطبيعي بلا تصنع أو تكلف، فإذا اقتضى الموضوع الحماسة تحمس، وإذا اقتضى الهدوء هدأ. لا يتحمس وينفعل ويصيح في كل موضع. ومن أراد النصح فعليه بحسن الأسلوب ورقة العبارة، أما الذي يصيح بالناس من فوق منبره: أنتم مخطئون، مقصرون.. فهذا لا نفع نصحُه، ولا استفاد منه أحد. والخطباء يخطبون اليوم من وراء المكبرات، فلا ضرورة للصوت العالي الذي يقرع الرؤوس ويخرق الآذان.
والثالث: عدم تطويل الخطبة؛ لأن تطويها يدفع المصلين إلى الملل، بعض الخطباء ربما استمرت خطبته ساعة أو أكثر، هل هذا معقول؟ إن من علامة فقه الإمام تقصير الخطبة، فكيف تكون خطبة جمعة بطول ساعة؟ وكيف يحتمل ذلك المصلون ويصغون ويتفاعلون وفيهم المريض والمشغول؟. ص82-83.
3- قراقوش الذي يضرب المثل بفساد حكمه في أمثال العوام فيقولون: "حكم قراقوش"= ظلمته الأساطير، هذا كان مهندسا عسكريا عظيما، ومن أخلص العاملين مع صلاح الدين الأيوبي، وهو الذي بنى القلعة في القاهرة وبنى سور عكا، وكان غاية في الأمانة. لما سلمه صلاح الدين الإشراف على تصفية قصور الفاطميين (وهم العبيديون الذي يسمون بالفاطميين كذبا) كان في قصورهم من الجواهر والتحف ما لو أخذ قبضة منه لاغتنى هو وأولاده إلى عشرة بطون، فما مد إليها يدا.
والذي شوه صورته في التاريخ كاتب من كتَّاب صلاح الدين كان نصرانيا وأسلم، واختلف معه فلفق عليه حكايات، وصنع كتابا صغيرا سماه "الفافوش في أحكام قراقوش" ونشره بين الناس.
إذن توجد لبعض الناس شخصيات تاريخية وأخرى أسطورية، والغريب دائما أن الشخصية التاريخية تنسى وتبقى الشخصية الأسطورية. ص249.
تمت بحمد الله
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
ذات صلة
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول