فوائد لغوية (6)

 

 

أكدت جريدة "لوموند" الفرنسية قبل أيام ما كان يردّده إعلاميّو الثورة منذ سنتين عن المدعوّ رامي عبد الرحمن ومرصده المشبوه المسمّى "المرصدَ السوري لحقوق الإنسان"، الذي قدّم للنظام خدماتٍ عظيمةً -كما يقول التقرير الفرنسي- وأضرّ بالثورة السورية كثيراً لأنه صوّرها للعالم ثورةً طائفيةً إرهابية. وأكد التقرير أن النظام هو الذي أنشأ "المرصد" في وقت سابق وأسند إدارته إلى نصيري من بانياس اسمه أسامة سليمان، الذي سمّى نفسه رامي عبد الرحمن من باب الخداع والتمويه.

 

وقد اتضح أن هذا الرجل الدعيّ المدسوس على الثورة يجمع معلوماته من صفحات الفيسبوك (الثورية والمؤيدة للنظام على السواء) دون أي تحقيق أو تدقيق منهجي، ثم يزعم أن لديه في سوريا فريقاً مكوناً من أربعة "مدراء تنسيق" يجتمعون معاً قبل أن يوافوه بالمعلومات التي تصلهم من أكثر من مئتَي مراسل يغطون سوريا كلها!

 

حسناً، لقد سرني أن يفضح الله هذا الجاسوسَ المنافق على يد الصحافة الأجنبية التي كان يزوّدها بالمعلومات المضلّلة، ولكنّ هذا ليس موضوعاً يُكتَب في زاوية الفوائد اللغوية، ففيمَ أوردته هنا؟ لقد استوقفتني في الخبر السابق كلمةُ "مدراء" التي جاءت في السطر الأخير، فنَسختُه لأعلّق عليها في هذه الفوائد.

 

إننا لا نكاد نُمضي يوماً دون أن نسمع هذه الكلمة مرة أو مرات، فإنهم يجمعون المدير على مُدَراء كما يجمعون الوزير على وزراء، يحسبون أن الكلمتين على وزن واحد.

 

إن كلمة "وزير" على وزن "فَعيل"، لذلك جاز جمعها على فُعَلاء، فهو جمع قياسي للفعل الصحيح اللام غير المضعَّف لمذكر عاقل بمعنى فاعل، ومنه: خبير خُبَراء، كريم كُرَماء، رحيم رُحَماء، إلخ.

 

ولكن كلمة "مدير" ليست على هذا الوزن (فَعيل) لأنها اسم فاعل من الفعل الرباعي "أدار"، مثل مُشير (مِن أشار) ومُجير (مِن أجار) ومُنير (من أنار)، ومثلها مسلم (من أسلم) ومرشد (من أرشد) ومرسل (من أرسل)... هذه الكلمات كلها على وزن "مُفعِل"، وهو وزن لا يُكسَّر (أي لا يُجمَع جمعَ تكسير) بل يُجمَع جمعَ مذكر سالماً. فالصواب في هذه الكلمات كلها هو: مديرون ومشيرون ومجيرون ومنيرون ومسلمون ومرشدون ومرسلون ، وليس مُدَراء ومُشَراء ومُجَراء ومُنَراء ومُسَماء ومُرَداء ومُرَلاء (على اعتبار إسقاط عَين الفعل).

 

فدعوا عنكم كلمة "مدراء"، لا تلفظوها ولا تكتبوها بعد اليوم، بل قولوا واكتبوا "مديرون ومديرين".

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين