فوائد لغوية(3)

 

 

في مقالتي الأخيرة التي أغضبَت كثيرين (ثلاثية داعش والنصرة وأحرار الشام) قلت إنني أعتبر حركةَ أحرار الشام صِمامَ أمانٍ مهماً في الثورة السورية، فسألني بعض القرّاء الكرام: لماذا وضعت كسرة تحت الصاد؟ أليس الصوابُ فتحَها؟

 

قلت: عامة الناس يلفظون هذه الكلمةَ بفتح الصاد وبميم مضعّفة (صَمّام)، أي كما يلفظون اسم الرئيس العراقي السابق صدّام (ولي فيه رأي لو قلته لأغضبت أكثرَ من الذين غضبوا من المقالة الأخيرة، لذلك أحتفظ به لنفسي). وهذا اللفظ خطأ، فإنّ صواب الكلمة بكسر أولها وبميم مخففة، فنلفظها كما نلفظ كلمتَي صِيام وقِيام.

 

ويشبه هذا الخطأَ خطؤهم في الأداة التي يصيدون بها السمك، يسمّونها "سَنّارة" على وزن سيّارة، فيرتكبون ثلاثة أخطاء، فإن صوابها بالصاد لا بالسين، وبكسر أولها لا بالفتح، وبتخفيف النون لا بتشديدها، فهي صِنَارة، على وزن سِتارة.

 

ومن الخطأ قولهم "علينا القُبول بمبادرة دي مستورا لوقف القتال تجنباً للمزيد من سفك الدماء". فالقُبول -بضم القاف- جمع قُبُل، وهو مُقَدَّم كل شيء، في القرآن: {إنْ كان قميصه قُدَّ من قُبُل فصدقت}، وهو من الرجل والمرأة معروف. أما الرضا فإنه القََبول بفتح القاف. فيكون صواب الجملة السابقة: علينا "عدم القََبول" بمبادرة وقف القتال التي قدمها الوسيط الأممي لأنها حلقة جديدة في مسلسل المؤامرة الدولية على الثورة السورية.

 

أخيراً فإنهم يخلطون في النطق بين القَدْر الذي هو المقدار (بسكون الدال) والقَدَر (بفتحها) الذي هو تقدير الله في الوجود (والإيمانُ به هو سادس أركان الإيمان). قلت: ومن مقتضيات الإيمان بالقدر الرضا به، فإذا آمنّا بالله وعلمنا أن ما أصابنا منه لا من غيره لم يَجُزْ لنا الاعتراضُ على قضائه وقدره ولا التبرّم والسخط (بفتح السين والخاء أو بضم السين وسكون الخاء، كلاهما صحيح)، فإن السخط على قضاء الله هو سخط على الله. اللهمّ اجعلنا من الراضين بقضائك الذين قلتَ فيهم: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} أي عن قضائه وقدره، وارضَ عنا بكرمك وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

وأكتفي اليوم بهذا القَدْر (وليس بهذا القدَر) من التصويبات.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين