فقه الفطرة

 

الفطرة: هي الخلقة والملَّة، والإبداع. هي سنة الله التي جعل عليها الإنسان والكون والحياة، هي البرمجة الربانية لكل ما خلق الله وصنع بدليل قوله تعالى:[قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى] {طه:50}.

فالله سبحانه؛ خلق الإنسان والكون والحياة، وحدَّد لهذا الخلق طريقة عمله ونظام سيره [لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ] {يس:40}.

والفطرة: تعني؛ التعامل مع كل قضية وفق النواميس الكونية والسنن الإلهية.

فأعضاء الإنسان تعمل وفق سنن وأنظمة دقيقة: الجهاز الذهني، والعصبي، والتناسلي، والسمعي والبصري... والحواسُّ المختلفة كحاسة اللمس والشم والتذوق تعمل وفق برمجة ربانية ترفض أي تغيير لها أو عبث بها. ويؤدي ذلك إلى خلل في الجهاز نفسه.

فطرة الإيمان بالله:

الفطرة الأساسية التي فطر الله الناس عليها هي فطرة الإيمان بالله وتوحيده وإفراده بالعبودية.

فكل معتقد يؤدي إلى الكفر بالله، وإنكار وجوده، أو الإشراك به، يعتبر اعتداء على الفطرة.

فالشيوعيون الملحدون، والطبيعيون والدهريون الذين يقولون: [إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ] {المؤمنون:37}. والعلمانيون الذين يرفعون شعار: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله... هؤلاء وغيرهم يتحدون فطرة العقيدة...

 [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُونَ(173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(174)]. {الأعراف}..

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة... كالبهيمة تنتج بهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء) رواه البخاري 1296..

فالاطمئنان وليد الإيمان، وهو الذي يكسب صاحبه المناعة ويجعل النفس مطمئنة والأعصاب مرتاحة... فالمؤمن يفر إلى الله لدى شعور بالتعب والغضب والتوتر [أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ] {الرعد:28}. (أرحنا بها يا بلال)... (وجعلت قرة عيني في الصلاة...).

هذا حال المؤمنين الصادقين أما غير المؤمنين فإنهم يلجؤون إلى ما يظنون أنه سينسيهم حالهم... يلجؤون إلى معاقرة شتى أنواع الخمور، إلى مزيد من الممارسات الجنسية... أو إلى الانتحار والقتل... من خلال إهلاك الروح وإعدام هذا الكيان الذي استودع الله فيه فطرة حب البقاء.

إن الظواهر المرضية التي شهدها العالم أدت إلى انتحارات جماعية تخلصاً من الواقع المادي، وإلى ظهور جماعات عبادات الشيطان... وهي نتيجة الإعراض عن عبادة الله والإفراط في المعاصي، والاستجابة لنوازع الهوى ووساوس الشيطان.

[وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ] {الزُّخرف:36}.

وليس من سبيل لوقف هذه الجماعات الإبليسية إلا بالعودة إلى الفطرة.

[أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {يس:60}.

 

الكحول والفطرة:

ومن مخالفة سنن الله تعالى تناول المواد التي تؤدي إلى إضعاف العقل أو تحذيره أو تعطيله عن طريق المخدرات أو الكحول أو المهدئات...

فالمنهج الرباني يحرص على إبقاء العقل يقظاً منفتحاً... فالعقل مناط التكليف ومستودع العطاءات وخزان الإبداعات، وبتعطيله يتعطل كل شيء.

[إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {الرعد:3}. [لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ] {البقرة:164}. [لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ] {آل عمران:190}.[ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى] {طه:54}.

تحذر من إضعافه وتعطيه: (كل ماخامر العقل فهو حرام) (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) ومنهج الإسلام في تحريم المسكرات والمفترات والمخدرات يعتمد ابتداءً على الوقاية ثم العلاج:[يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ] {المائدة:4}. [وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ] {الأعراف:157}. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {المائدة:90}.

والقوانين الوضعية تبيح معاقرة الخمور والاتجار بها والإعلان عنها، في الوقت الذي تحكم بالإعدام على تاجر المخدرات... علماً بأن الخمور لا تقل ضرراً عن المخدرات، وجاء في تقرير منظمة الصحة العالمية أن 86% من جرائم القتل تمت تحت تأثير الخمر، وأن 50% من جرائم الاغتصاب تحت تأثير الخمر، بما في ذلك اغتصاب البنات والأخوات والأمهات... فضلاً عن أن الخمر تسبب بما لا يقل 50% من حوادث السير...

أن شاربي الخمور في عاصمة عربية يدفعون 3195 مليون، وأن دولة عربية شربت تسعة بلايين كيلو غراماً من الخمور. ليس هناك حل جذري شامل لمشكلة الإدمان سوى ما يقدِّمه الإسلام في هذا المجال.

فالإسلام يستطيع عن طريق الإيمان الذي يبثُّه في النفس أن يزيل العوامل العديدة التي تدفع بالإنسان إلى تعاطي الخمور والمخدرات... وغيرها من الموبقات... والإسلام عن طريق التشريع يجفف منابع الشر ويقضي عليها، ويردع المتاجرين والمروجين...

فطرة الجنس بالزواج:

الفطرة في العلاقة الزوجية...ويكون الجماع في موضع الحرث، وتصبح شاذة خارج العلاقة الزوجية، ,ألا تكون في أوقات الحيض.

وعالم الجنس اليوم خرج عن الممارسة الفطرية، فلم تعد علاقة بين الزوج وزوجته، أو حتى بين رجل وامرأة... بل اتخذت أنماطاً مختلفة من الممارسات القذرة المحضة في الحيوانية، حيث الممارسات الجماعية، بين الذكور والإناث، والذكور بالذكور، والإناث بالإناث، بقصد الوصول إلى المتعة القصوى.

ولقد بلغ الجنون و الهوس الجنسي اليوم درجة هدد المجتمعات العالمية  بالأوبئة الفتاكة...

وأخذ الشذوذ الجنسي ومخالفة الفطرة في الزواج عبر طريق التشريعات والقوانين... فقد راحت الكثير من الدول وبعض الكنائس الغربية تجيز الزواج المثلي الأحادي الجنس، مشرعة بذلك اللواط والسحاق...

وتفيد المصادر الإعلامية أن ملايين الأطفال، يقعون ضحية عصابات الدعارة والشذوذ الجنسي...

وهذا الوباء الخطير وباء العصر وطاعون الحضارة الغربية بدأ من بؤرة المعادلة الشاذة...

إنه الخروج عن قانون الفطرة:[ فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] {الرُّوم:30}.

من الفطرة أن يتزوج الإنسان، وأن تنظم الغريزة الجنسية ضمن الحياة الزوجية لقد غدا الإنسان حيواناً يعيش لغرائزه ويحيا لنزواته... (وما تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم البلاء).

لقد أدى هذا الانفلات الجنسي إلى انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة...

لقد كان العقاب الإلهي عقاب إبادة لهؤلاء:[فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ] {الحجر:74}. [إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ] {الشعراء:8}.

ليس هنالك من أمل إلا بالعودة إلى تنظيم العلاقة الجنسية وفق الفطرة التي فطر الله الناس عليها:[وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {الرُّوم:21}.

 

تحدي السهر الطويل لفطرة النوم:

 

قال الله تعالى:[وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا] {النَّبأ:11}.

[وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ] {الرُّوم:23}.

فالمنهجية الربانية تقتضي أن يتم النوم أول الليل، والناس اليوم لا يأوون إلى فراشهم إلا في ساعات متأخرة من الليل، ويترتب عليها مضار كثيرة: صحية ونفسية وعصبية واقتصادية... وتصبح عادة السهر نوعاً من أنواع الإدمان الذي يصعب الإقلاع عنه. ويلجأ كثير من هؤلاء إلى استعمال العقاقير المنومة والمهدئة، بسبب توتر الأعصاب التي تصبح في حالة شديدة من التوتر بسبب الافتقار إلى النوم الفطري الصحيح. والتوتر العصبي ينعكس سلباً على عمل القلب والجهاز الهضمي والتنفسي... وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها) الطبراني في الأوسط ومسند أبي يعلى.

 

تحدي الشره والنهم لفطرة الطعام:

 

الإنسان يخالف في الكم... من خلال تناول كميات الأطعمة التي يتناولها يقول الله سبحانه:[ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ] {الأعراف:31}.

[كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ] {البقرة:60}.

[كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ...] {طه:81} .

(ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) رواه أحمد 16556.

أما إملاء البطون وعدم مراعاة القواعد الفطرية... فهو يحمل عواقب مرضية وخيمة على صحة الإنسان وحياته... يسبب خللاً في أجهزة الجسم حتى الذهنية.

وما يسمى اليوم بالريجيم الذي اتخذ أشكالاً وأساليب شتى قد يكون مخالفاً للفطرة ومتسبباً بأضرار صحية جسيمة...

 

تحدث الخبائث لفطرة الطيبات:

 

لقد أحل الله للناس الطيبات من المأكل والمشرب وحرم عليهم الخبائث والمفطرات، [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {البقرة:168}. [قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ] {الأعراف:32}. [الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ] {الأعراف:157}.

والإسلام من خلال منهج الفطرة في تحليل الطيبات وتحريم الخبائث حرم القليل من المآكل الخبيثة مما جاء في قوله تعالى:[إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ...] {البقرة:173}. [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ...] {المائدة:3}.

إن مخالفة الفطرة في أكل المحرمات تنتج عنها مضار صحية وجنسية، منها ذهاب الغيرة، ولأنه يحمل جراثيم شديدة، منها الدودة الشريطية...

 

تحدي الحليب الاصطناعي لفطرة الإرضاع الطبيعي:

 

قال الله تعالى:[وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ] {البقرة:233}.

للرضاعة من الأم فوائد عديدة صحية ونفسية: يكتسب الرضيع المناعة الطبيعية اللازمة والبنيان الجسدي المتين...

والفوائد النفسية تتلخص في اكساب الرضيع الدعة والهدوء والسكينة والطمأنينة المترافقة مع لمسة الأم الحانية، والاتصال المباشر بينها وبين طفلها، بخلاف طفل الرضاعة الاصطناعية،والحليب المجفف الذي تتركه والدته في السرير أوقاتاً طويلة، تحرمه حنانها وعطفها التي يحتاج إليها حاجته إلى الغذاء...

أصبحت الرضاعة الصناعية من أكثر أسباب الوفيات، بسبب الالتهاب المعوي الحاد، وسوء التغذية، التي يمكن تجنبها عن طريق الرضاعة الطبيعية من ثدي الأم، وهي الرضاعة المعقمة الصحية....

 

تحدي الأعلاف المصطنعة لفطرة طعام السائمة:

 

قال الله تعالى: [أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ] {السجدة:27}. [الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى] {طه:53}.

مخالفة الفطرة في إطعام السائمة ـ الحيوانات التي أباح الله أكلها: الإبل  والبقر والماعز والغنم ـ الأعلاف الكيماوية واللحمية، بدل الأعلاف العشبية، أدى إلى (جنون البقر).

وهذا الخروج عن فطرة الخالق سبحانه أورد البشرية موارد مهلكة لم ولن يكون آخرها مرض جنون البقر.

وهناك مشكلة أخرى خطيرة ومتفاقمة تهدد الإنسان بأمراض فتاكة ناتجة عن استعمال المواد الكيماوية وغيرها في الأطعمة البشرية والحيوانية...

 

التحدي البيولوجي لفطرة خلق الله:

 

دأب الإنسان منذ فجر التاريخ على أن يحدث تغييراً في خلق الله... قال الله تعالى:[لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا] {النساء:119}.

جرب الإنسان تغيير ألوان البشرة من تبيض للسواد، وتسويد للبياض...

روى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات،والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله).

روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما:(لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء).

والاستنساخ: الحصول على صورة طبق الأصل عن النسخة الأصلية، عن طريق زرع خلية عادية في بويضة أفرغت من الكروموزم ـ من الإرث الجيني ـ بحيث تصبح خلية قابلة للتكاثر عن طريق الانقسام الخلوي المعتاد، ثم ملؤها بخلية أخرى من كائن مكتمل النمو، تحمل صفاته الوراثية، وزرعها في رحم أنثى بالغة...

وهذه بداية يمكن أن تفضي إلى مفاجآت ومفاسد خلقية واجتماعية...

والاستنساخ يتم ضمن خلية  خلقها الله... ليست خلقاً من العدم، وإنما هو تدخل بشري في خصائص ومكونات موجودة... [أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الخَالِقُونَ] {الواقعة:59}. [أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ] {النحل:17}.[ أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ] {الرعد:16}.

من أهداف الهندسة الوراثية والاستنساخ الوصول إلى الخلق وعدم الموت.

الاستنساخ سيكون وبالاً على البشرية، حيث سيكون المخلوق بلا أصل ولا جذور، ولا عائلة ينتمي إليها، سيكون عدواً لنفسه ولمن استنسخوه... إنه مسار شيطاني واستدراج رباني...

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين