فشل اللجنة الدستورية ..المعارضة بين تعطيل النظام وعجز الأمم المتحدة

كما كان متوقعا، فقد أخفقت الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة الدستورية في التوصل الى اتفاق على جدول الأعمال، بله الدخول في مناقشة المسائل الدستورية. بات واضحا للقاصي والداني، بأن النظام وضع نُصب عينيه تعطيل كل مسار يؤدي إلى الانتقال السياسي في سوريا، سواء عبر وضع العراقيل والامتناع عن نقاش جوهر عمل اللجان واختصاصها، أو من خلال التصعيد العسكري الواسع الذي يستهدف من خلاله إرباك المعارضة ودفع وفدها للانسحاب تحت ضغط الحاضن الشعبي، وإحراج الضامن التركي، ودق اسفين بينه وبين الجماهير السورية.

لم يكن مفاجئاً ما فعله النظام في جنيف من عرقلة وتعطيل لعمل اللجنة، ولم يخرج عن دائرة التوقعات والسيناريوهات التي وضعها الخبراء لمسار المفاوضات، إلا أن الجانب الملفت أن روسيا التي قدمت نفسها للأمم المتحدة ضامناً للنظام، ومُيسراً للعملية التفاوضية، دفعت أو سهلت مهمة وفد النظام في تعطيل المفاوضات ومنعها من عبور خط البداية، وهو أمرٌ يُعزز الاعتقاد السائد لدى الأمريكيين ودول كثيرة أخرى، بأن الروس لا يلتزمون باتفاقاتهم وعُهودهم، وأن التزاماتهم مع المبعوث الخاص غير بيدرسون لا وزن لها عندما يتعلق الأمر بالضغط على نظام الأسد.

** من أمِنَ العقوبة أساء الأدب

من الواضح أن النظام اتبع أسلوبا أكثر تشدداً من جولات المفاوضات السابقة، حين رفض الدخول في أي حوار يتصل بجدول أعمال اللجنة من الزاوية الدستورية، وأصرَّ على طرح نقاش "عقيم" حول مواضيع جدلية، مدعياً أنها "ثوابت وطنية"، وهو أمرٌ يشير إلى أن ثمة ضوءاً أخضر مُنح له كي يعمل على "تحدي" الأمم المتحدة دون الخشية من عواقب ذلك، مما يستوجب البحث عن الجهات التي وفرت له ذلك ودفعته لتعطيل عمل اللجنة مع انطلاق جولتها الثانية، علماً أن الجولة الأولى 30 تشرين أول - 2 تشرين ثاني 2019 لم تكن سوى حدث افتتاحي بروتوكولي محض.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين