فتنة الطغيان السياسي والمالي

 

في سورة القصص يحدثنا الله تعالى عن قصتين من قصص البغي والطغيان ونهايتهما: قصة البغي السياسي مع فرعون وكيف أغرقه الله هو وجنده وقصة البغي المالي مع قارون وكيف خسف الله الأرض به وبأمواله. ثم يختم الله تعالى بالعبرة الأزلية الرائعة: وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

ما أثار انتباهي أن السورة التالية (العنكبوت) تبدأ بعد (الم) بالسؤال الاستنكاري (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ؟ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ.) فشعرت وكأن هناك رابطاً بين الطغيان بنوعيه السياسي والمالي والفتنة في هذه الدنيا سواء كان بطرف الباغي أم المبغي عليه فكلاهما متعرض للفتنة: فرعون فُتِنَ بالسلطة وقارون فُتِنَ بالمال ، ورعية (أو جنود) فرعون فُتِنَوا بالخوف من سلطته أما أصحاب قارون فقد فُتِنَوا بما أوتي قارون (إنه لذو حظ عظيم)

العبرة أن سلطة الدنيا ومالها إلى زوال وأن قوة الله فوق كل ظالم فلا يغتر الإنسان بسلطته أو ماله ولا يُفْتَنُ وينبهر بسلطة أو مال غيره ، فمن أعطى السلطة أو المال لهذا أو ذاك يستطيع أن يسلبها منه بلمحة بصر ، ولكن العاقل يقول كما قال الذين أوتوا للعلم لمن افتتن (وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) والعبرة أيضا أن كل إنسان سيفتتن خاصة المؤمنين فليستعد كل منا للفتن ويجتهد ألا يسقط فيها

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين