غُربَةُ أهلِ الاعتِدالِ بينَ تيَّارَينِ مُتَطَرِّفينِ

 

   قالَ لي شيخي أيامَ الصِّبا: هلْ تشعُرُ بِغُرْبَةِ الدين؟ تريَّثْتُ في الإجابَةِ، فبادرَني قائلًا: مَنْ لم يَشعُرْ بها فَلْيُراجِعْ منهجَهُ وَلْيَتَفَحَّصْ قلبَه. 

مرَّت الأيامُ وأدرَكتُ بعدَ حينٍ أنَّ الغُربَةَ غُرْباتٌ!! 

وقدَّر اللهُ لي أن أتذوَّقَ مراتبَها المُختلِفَة؛ 

غُربَةُ أهلِ الإسلامِ في أُمَمِ الكفرِ. 

وغُربةُ أهلِ الطاعَةِ في جَماهيرِ أهلِ المعصيَةِ. 

وغُربَةُ أهلِ السُّنَّةِ في طوائفِ أهلِ البِدعَةِ. 

ثُمَّ أدرَكتُ لاحِقًا أضيَقَ دوائرِ الغُربَةِ وأخَصَّها، إنَّها غُربَةُ أهلِ الاعتِدالِ بينَ تيَّارَينِ مُتَطَرِّفينِ، أحَدُهما غالى في العُنفِ والشدَّةِ، والآخَرُ غالى في اللينِ الانبِطاحِ. 

إنَّهم يعيشونَ غُربَةً في غُربَةٍ في غُربَةٍ في غُربة !! 

فطوبى ثمَّ طوبى ثمَّ طوبى ثمَّ طوبى لهم. 

 

 

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين