عن الجماعةِ الإسلاميّة في بنغلادش، والشّيخ الشّهيدِ مطيع الرحمن نظامي، والخذلان المرّ

 

 

ساعاتٌ ثقيلةٌ مرّت ونحنُ نتابعُ سيرَ تنفيذ حكم الإعدام بالشّيخ الشهيد مطيع الرحمن منذُ تأكيد المحكمة العليا لحكم الإعدام، كانَ الحدثُ كبيرًا ولكنّ الصّدى بالكادِ كان يتردّدُ في جنباتِ الأمة التي أثخنَتها الجراح.

 

هناكَ في بنغلادش التي انفصلت عن باكستان عام 1971م يعيشُ رموزُ وأبناء الجماعة الإسلاميّة ظلمًا يفوقُ التصوّر، هذه الجماعة التي تأسّست في عام 1941م وهيَ امتدادٌ للجماعة الإسلاميّة التي أسّسها الإمام أبو الأعلى المودودي رحمه الله تعالى، وقد وقفت الجماعةُ الإسلاميّة موقفًا راسخًا مشرّفًا في وجه الانفصال عن الباكستان ودعمت الوحدة من منطلقٍ شرعيٍّ يرفضُ تقسيمَ دول العالم الإسلاميّ وتفتيتها الرّامي إلى تسهيل ابتلاعِها، وها هي الجماعة الإسلاميّة في بنغلادش تدفعُ اليوم ثمنَ مواقفها، وتُحارَبُ بطريقةٍ في غايةٍ الاستفزازِ لمشاعرِ المسلمين وما مُستَفَزّ.

 

فالمجرمة حسينة واجد رئيسةُ وزراء بنغلادش ـ وهي كبرى البنات الخمس لمجيب الرحمن مؤسّس وأوّل رئيس لبنغلادش والذي قاد حرب انفصالها عن الباكستان ـ ما زالت عربدتُها مستمرةً ضدّ كلّ أبناء ورموز الجماعة الإسلاميّة وسط خذلانٍ إسلاميٍّ مُرٍّ ومريبٍ؛ ففي عام 2013 م أُعدم الشّيخ عبد القادر ملّا زعيم الجماعة عن عمر ناهز 67 عامًا، ومحمد قمر الزمان الأمين العام المساعد للجماعة عن عمر ناهز 63 عامًا، وفي عام 2005 أُعدمَ علي إحسان مجاهد الأمين العام الأسبق للجماعة، وها هو يُعدَم الشيخ مطيع الرّحمن نظامي عن عمر ناهز 73 عامًا؛ وكلّ هؤلاء أُعدموا بتهمة ارتكاب جرائم عام 1971 م ومساندة الجيش الباكستاني، أي أنّهم أعدموا بسبب موقفهم الرّافض لانفصال بنغلادش عن الباكستان، وقد نُفذّت أحكام الإعدام هذه وغيرها وفي الحلق طعمُ الخذلانِ المرّ.

 

وقبيل تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ مطيع الرّحمن زاره أهله لوداعه، وينقل ابنه د. نعيم الرّحمن أنّه قال لهم: لقد عشتُ ثلاثةً وسبعين عامًا، وأصبتُ بأمراض مختلفة، وكان يمكن أن ألبّي نداء الموت في أيّةِ لحظة ، ولكنَّ الله أكرمني بالشَّهادة في سبيله، فلا تجزعُوا ولا تطلبُوا العفوَ لي من أحدٍ سوى الله، ولا تَدعُوا لي بالحياة بل ادعوا لي بالثَّبات والقَبول عند ربّي، فالشّهادة في سبيلهِ أسمى أمانِينَا.

 

بأيّ عينٍ ننظرُ إليكَ أيها الإمامُ الشّهيدُ الذي سقيتَ كلماتِك بدمكَ فانتفضَت حيَّةً تصفعُ كلّ من خذلَها؟!

 

وكيفَ سيواجهكُ المسلمونَ يومَ القيامةِ وقد خذلوكَ وخذلُوا إخوانَك من قبلكَ، بل ربّما لم يكترث كثيرونَ منهم لما حلّ بكَ أو بإخوانِك من قبلك ولِما سيحلّ بهم من بعدك؟!

 

#مطيع_الرحمن_نظامي

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين