على ضفاف القرآن. الحلقة الأولى

استحضرْ دائمًا قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا ‌غَآئِبِينَ) [الأعراف: 7].

***

مِنْ واجباتِ أهلِ المالِ إطعامُ الجوعى، فقد عدَّد أهلُ سقر جرائمَهم التي عملوها في الدنيا فقالوا: (وَلَمۡ نَكُ ‌نُطۡعِمُ ‌ٱلۡمِسۡكِينَ) [المدثر: 44].

***

مِنْ أخلاقِ الإنفاق:

(‌وَلَا ‌تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ) [المدثر: 6]: لا تعط ما تعطيه بقصد نيل الأكثر مقابلة له.

***

من القبيحِ الطمعُ بزيادة النعمة في الدنيا وفي الآخرة مِن غير سلوك الطريق المؤدّي إلى ذلك، من الإيمان والشكر، قال تعالى: (‌ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا * وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالٗا مَّمۡدُودٗا * وَبَنِينَ شُهُودٗا * وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِيدٗا * ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ * كَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا) [المدثر: 11-16].

***

مِن الإعلانِ المبكِّر: تقبيحُ الطغيان عند الغنى:

(كَلَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ‌لَيَطۡغَىٰٓ * أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ) [العلق: 6-7].

(مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلِّۭ بَعۡدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ * أَن كَانَ ‌ذَا ‌مَالٖ وَبَنِينَ) [القلم: 12-14].

(فَٱنطَلَقُواْ وَهُمۡ يَتَخَٰفَتُونَ * أَن لَّا يَدۡخُلَنَّهَا ٱلۡيَوۡمَ ‌عَلَيۡكُم ‌مِّسۡكِينٞ) [القلم: 23-24].

***

ما أجملَ سعة التوازن بين العبادة ومتطلبات الدنيا!

لنقرأ الآية (20) من سورة المزمل.

***

قولُه تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ‌ٱتَّبِعُواْ ‌مَآ ‌أَنزَلَ ‌ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ) [لقمان: 21] وقولُه: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ‌ٱتَّبِعُواْ ‌مَآ ‌أَنزَلَ ‌ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ) [البقرة: 170] يفتحُ البابَ لمراجعة الموروث دائمًا، حتى عند المسلمين، فلربما تطرَّق إلى هذا الموروث خللٌ أو زللٌ، أو عرض له مبطلٌ أو مفسدٌ، فإذا وضع المسلمُ نصب عينيه هذه الآية قادته إلى النظر في العادات، وفحصِ الموروثات، والتدقيقِ في المقلَّدات، سواء كان هذا في العقيدة أو في السلوك، وبهذا يتحرّرُ الانسانُ مِن أسر العادات، وينطلقُ مِن قيد التقليد، وتنفتحُ له أبوابُ خيرٍ كثيرٍ في طلب الصحيح بل الأصح، والجيد بل الأجود.

إنَّ الركون إلى العادات، والوقوف مع الرسوم يضر بالعقل، والقلب، ويجعل للخمود على الانسان سيطرة، وللجمود على فكره سطوة.

وطريقُ الخلاص من هذا تدبرُ هذه الآية والإفادة منها في نفض غبار الماضي، والبحث عن الأصلح والأفضل على مر الزمان .

***

قوله تعالى: (‌وَيَخۡلُقُ ‌مَا ‌لَا تَعۡلَمُونَ) [النحل: 8] يشبهُ قوله: (وَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَأَيَّ ءَايَٰتِ ‌ٱللَّهِ ‌تُنكِرُونَ) [غافر: 81]، وهو يتعلقُ بوسائل المواصلات المستحدثة.

***

المعالجة بالتاريخ أسلوبٌ قرآني:

في القرآن تذكيرٌ بالأمم السابقة والأقوام، وأخبارِهم مع الأنبياء والدعوات.

***

الولدُ الصالحُ هبةٌ من الله جزاء على الإحسان، قال تعالى عن إبراهيم: (‌وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَيۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ) [الأنعام: 84].

***

اعملْ قبل فوات الأوان:

انظر الآيات التي أمرتْ بذلك، وحذرتْ من الفوات، ومنها قوله تعالى: (فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ ‌جَآءَهُم ‌بَأۡسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ) [الأعراف: 5].

***

عجائب الأقدار:

تأملْ قوله تعالى: (‌فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ ) [القصص: 8].

(وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ وَجَدَ عَلَيۡهِ أُمَّةٗ مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسۡقُونَ ‌وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ) [القصص: 23].

وانظرْ قصة بدر.

***

إجابة الدعاء في القرآن:

مِن ذلك في قصة أصحاب الكهف: (‌فَضَرَبۡنَا عَلَىٰٓ ءَاذَانِهِمۡ فِي ٱلۡكَهۡفِ سِنِينَ عَدَدٗا) [الكهف: 11].

لاحظ الفاء بعد جملة الدعاء.

(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي فَٱغۡفِرۡ لِي ‌فَغَفَرَ ‌لَهُۥٓۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ) [القصص: 16].

ووردت كلمة (‌فَٱسۡتَجَبۡنَا ‌لَهُۥ ) في سورة الأنبياء ثلاث مرات.

وهذه الفاء في سياق الدعاء مِن أجمل الفاءات.

***

في سورة العنكبوت:

(‌وَلَقَدۡ ‌أَرۡسَلۡنَا ‌نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ) [العنكبوت: 14].

(‌وَإِبۡرَٰهِيمَ ‌إِذۡ ‌قَالَ لِقَوۡمِهِ) [العنكبوت: 16].

وإبراهيم منصوبٌ، وفي نصبه ثلاثة أقوال.

قال القرطبي (13/335): "قال الكسائي: "وإبراهيم" منصوبٌ بـ (أنجينا) يعني أنه معطوف على الهاء. ‌وأجاز ‌الكسائي أن يكون معطوفًا على نوح، والمعنى: وأرسلنا إبراهيم. وقول ثالث: أن يكون منصوبًا بمعنى واذكر إبراهيم".

قلتُ: ولعل القول الثالث - وهو أن يكون منصوبًا بمعنى: واذكر ابراهيم – أرجحُ سياقًا.

***

دينُ الله لا اعوجاج فيه، فتطبيقُه مأمونُ العواقب بخلاف ترتيبات البشر.

وأكدَّ اللهُ تعالى ذلك في عدة آيات، منها قوله تعالى: (‌إِنَّكَ ‌لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ * عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ) [يس: 3-4].

وقال تعالى: (وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ * قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي ‌عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ) [الزمر: 27-28].

***

اخشَ -أيها المسلم- ممّا ستترك بعدَك مِن آثارٍ تُكتب عليك حسناتها أو سيئاتها.

قال تعالى: (إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ ‌وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ) [يس: 12].

وليخشَ أصحابُ الأقلام ممّا يكتبون، فرُبَّ كلمةٍ أضلتْ وأغوتْ، وفتنتْ وشككتْ، وبقيتْ آثارُها السيئةُ زمانًا طويلًا، وكلُّ ذلك يتحمله الكاتبُ. نسأل الله العافية.

***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين