عَلم الأعلام... وشيخ الشيوخ في حلب - وفاة الشيخ محمد أديب حسون
علم الأعلام ... وشيخ الشيوخ في حلب           
 بقلم: عبد الله نجيب سالم
توفي أمس الاثنين في مدينة حلب السورية العالم  الداعية المربي الشيخ محمد أديب حسون بعد أن تجاوز التسعين عاماً ( ولد عام 1915 م)
والشيخ محمد أديب حسون رحمه الله هو شيخ طلبة العلم في حلب قاطبة، وأبرز علمائها وأكثرهم شعبية وتلاميذاً ، وهو والد الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية العربية السورية.
للشيخ محمد أديب تاريخ حافل مليء بالتعليم الديني سواء في المدارس الشرعية أم في المساجد . وسواء بين الرجال أم بين النساء، مما جمع حوله أعداداً غفيرة من الذين نهلوا من علمه وتعلموا على يديه.
كان الشيخ محمد أديب صاحب عقل راجح، فقيهاً شافعياً ممتازاً، ومفسراً لكتاب الله واعياً، وصاحب مشاركات طيبة في علوم التراجم والسيرة والأخلاق.
وقد كانت دروسه في مسجده ( مسجد أسامة بن زيد) نادرة المثال في تواصلها وتنوعها وكثرة حضورها من الجنسين.
واشتغل الشيخ محمد أديب حسون رحمه الله بالإصلاح الاجتماعي والسلوكي، فكان يركز في خطبه ودروسه ولقاءاته مع تلاميذه على الجانب الأخلاقي والروحي في الحياة، ليزرع فيهم حب الله ورسوله والعمل بمرضاتهما، ونفع المسلمين والنصح لهم، والتخلي عن الأنانية والشر والأذى. حتى كان مضرب المثل في هذا المجال. براعة ونجاحاً وتأثيراً .
كما عرف عنه العمل على تنقيح التصوف الإسلامي وتصفيته من الشوائب والبدع التي شابته وتعلق بها كثير من أتباعه ، فكان تصوفه الذي دعا إليه تصوفاً منضبطاً بالكتاب والسنة وعمل السلف وفهم الأئمة .
سافر الشيخ محمد أديب حسون في حياته للدعوة إلى الله إلى بلدان كثيرة، مثل تركيا والجزائر والأردن والسعودية والكويت والعراق، وكان حيثما حل وارتحل محل حفاوة العلماء وكبراء الناس وعموم المسلمين.
ألف الشيخ محمد أديب حسون عدداً وافراً من الكتب العلمية والدعوية منها على سبيل المثال : التفسير المنير، واللؤلؤ والمرجان في سيرة سيد ولد عدنان، وإرشاد الطائعين لزيارة البلد الأمين، ورسالة الإخوة الإسلامية وحقوقها، ومختصر المجموع في الفقه للإمام النووي، والتفسير الأنيق لسورة يوسف الصديق، والنوافح المسكية من العهود المحمدية .
كان رحمه الله زاهداً في الدنيا متقللاً منها، سمح الأخلاق طيب المعشر، دائم الذكر، حريصاً على إشغال أوقاته بفائدة أو عبادة أو تعليم ، يسارع إلى إصلاح ذات البين ولم شمل الأسر أو الجماعات إذا رأى شقاقاً أو خلافاً بينهم.
كما كان خطيباً مفوهاً يأسر الألباب بلطيف عباراته وعميق إشاراته وبالغ عظاته . حافظاً لكتاب الله شجي الصوت بالقرآن الكريم . سريع البديهة واسع الحفظ للشعر والأمثال والحكم واللطائف .
أما خَلْقه وحِلْيته فقد كان ربعة من الرجال أقرب إلى القصر، أسمر اللون خفيف شعر اللحية، جميل العينين، حسن الوجه، ولم يكن ممتلئ الجسم ولا ضخم الأعضاء، بل ناعم الجلد لين الكف .
وخلال أكثر من ستين عاماً متواصلة لم يخل مسجده مسجد أسامة بن زيد من حشود تقل أو تكثر، لكنها دائمة الحركة، دائبة الحضور، شديدة التعلق به، فقد لازم التواصل مع محبيه في دروس ما بعد الفجر أو قبل الظهر أو بعد العصر والمغرب حتى آخر أيامه، إذ أنه رغم الوهن الذي أصاب جسمه أخيراً كان حاضر الذهن قوي الذاكرة شديد التأثير حلو المعشر.
 ولا يغيب عن البال أبداً حرصه على تحريك من حوله لِمَا نذر له نفسه من حب الله والدعوة إليه... ولسان حاله وقاله يردد :
أهيم بليلى ما حييت وإن أمت     أوكلْ بليلى من يهيم بها بعدي          
   الشيخ عبد الله نجيب سالم /
الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية 
4 / 6 / 2008 م

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين