علل وأدوية (الاستغفار)


 
خطبة الجمعة 26/4/2013م
 
 
د. محمد سعيد حوى
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً، تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ [الأحزاب:41- 44]
 
 
من مقاصد الآيات الكريمات:
إن هذه الآيات الكريمة تضع أيدينا على البلسم الشافي لعللنا وأمراضنا وأسقامنا وجروحنا ، وما أكثر هذه العلل والأمراض التي نحن أحوج ما نكون أن نعالج أنفسنا وقلوبنا وعقولنا منها.
 
بين مرضين:
ما أكثر ما يسارع الإنسان إذا ما مرض عضوياً أن يسارع إلى طبيب حاذق؛ فيلتزم بكامل ما يصف له من علاج ودواء، حرصا منه على الشفاء، ولو سألنا أنفسنا أي الأمراض أخطر أتلك الأمراض التي تصيب البدن على خطورتها أحيانا –وما هي إلا آلام منقضية وزحياة منتهية- أم تلك الأمراض المعنوية التي تصيب القلب أو النفس أو العقل فتفتك بالإنسان والمجتمع والأخلاق وتكون سببا في خسران الدنيا والآخرة؟
 
لا شك أن الأمراض المعنوية هي الأخطر ولكن الإنسان يغفل عنها ولا يبالي بها في أغلب الأحوال.
 
من تلكم الأمراض:
عندما يقع أحدهم فريسة الشائعات و سوء الظن أو الحسد أو الحقد أو البغضاء أو ظلمة النفس وقسوة القلب والغفلة عن الآخرة، أو يقع فريسة الشكوك والأوهام والظنون والوساوس، أو يقع بين يدي آخر فيأكل حقوقه أو يغتصب أمواله، أو عندما يقع من بعضنا سلوكيات تتنافى مع أسس الأخلاق كإساءة البعض لعلاقته بوالديه أو جيرانه، أو أن يقع من بعضنا الظلم ، أو أن ينصر ظالما؛ يشعر أو لا يشعر ، أو يسكت عن ظالم ، أو يوالي الظلمة، أو يأخذ الإسلام شكليا وجزئيا، فضلا عن أمراض أخر مما يصيب عديدين اليوم من همٍّ ونكد ، وضيق وغضب ، وعدم قدرة على السيطرة والتحكم ، إلى غير ذلك من أمراض في القلب أو النفس أو العقل أو السلوك.
ألسنا أحوج ما نكون إلى أن نبحث عن أمراضنا فنكتشفها ابتداء ونشخصها ثم نبحث عن علاجها .
 
منهج المعالجة:
إذ يقول سبحانه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً، تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ [الأحزاب:41- 44]
 
إذ يقول سبحانه ذلك؛ فإنه يقدم لنا العلاج لكل ما مضى؛ إذ صلاة الله علينا وصلاة ملائكته تخرجنا من كل الظلمات أي تشفينا من كل الأمراض ومفتاح ذلك كله صدر الآية الكريمة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ﴾ [الأحزاب:41]، وأعظم الذكر القرآن ، وقد قال فيه سبحانه ﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾ [الإسراء: 9] وقال: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ﴾ [الإسراء: 82]
للأسف بعضهم يظن أن هذه الآية للرقية من أمراض عضوية فتجده إذا أصابه مرض ما يسارع لكي يقرأ عليه قارئ ، بينما هي في شفاء القلب من ظلماته والنفس من أمراضها .
نعم الدواء والشفاء في الذكر بمعانيه الشاملة من قرآن ودعاء وتسبيح وتهليل واستغفار وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
نماذج من أثر الذكر:
 ألم يقل سبحانه في الكافرين ومن يواليهم: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19]
إذن لا مجال للتطهير من تحكم الشيطان بنا إلا بالذكر الكثير.
 وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201] ، فلا نجاة ولا وقاية إلا بالذكر .
 وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45] ، إذن لا ثبات في معارك الحياة كلها بألوانها إلا بالذكر.
 وقال تعالى: ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]
 ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 35]
 
المطلوب كثرة الذكر:
إنه ما جاء الأمر بالذكر في القرآن إلا مقترنا بالكثرة لشدة الحاجة إلى ذلك وأهمية أهتمام المؤمن بهذا العمل العظيم ليتحقق بثماره؛ لذلك حق لأهل الصلاح أن يقولوا: ما تنعم المتنعمون، ولا تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله، وما طابت الدنيا إلا بذكره، وما طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته.
 
أنواع من الذكر الشافي:
وقد لفتت الآيات نظرنا إلى أنواع من الأذكار على وجه الخصوص هي حقا البلسم الشافي لكل هذه الأمراض .
 
 أولها الاستغفار:
لأهمية الاستغفار جاء الأمر به مقترنا بالتوحيد ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [محمد: 19].
ولا شك أن الاستغفار ليس مجرد كلمة تقال باللسان لكنها معبرة عن حال القلب؛ فيتفاعل اللسان مع القلب بها، انظر إلى قوله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً، مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ﴾ [نوح:10- 13]
فكم فيها من علاج لأمراض خطيرة ، وانظر إلى قوله تعالى في سورة هود: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 3] فإنه يبين لنا إذا أردنا العيش الرغد المطمئن مع طول الأجل فإن ذلك مفتاحه الاستغفار والتوبة، وفي حال التخلف عن ذلك يقع العذاب الكبير وها نحن نشهد كم تتعرض الإنسانية اليوم للآلام.
 وقال تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]
إذن تؤكد الآيات أنه إذا أردنا قوة ونصر ورزقا وحلا لمشكلاتنا الاقتصادية فأول الطريق الاستغفار والتوبة.
ما منّا إلا ويريد السلامة والأمن؛ انظر إلى قوله تعالى في سورة الأنفال:  ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33]
إن هذه الآية الكريمة تبين طريقين للسلامة؛ الأول أن يكون رسول الله فينا بهديه وسنته والصلاة عليه واتباعه، فإذا ما قصرنا كان الطريق الثاني مساعداً؛ الاستغفار.
وفضلاً عن ذلك تلفت الآية الكريمة نظرنا إلى هذه العلاقة الخاصة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طالما استغفرنا واتبعنا يستغفر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُـمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ [النساء: 64]
 
وتأتي النصوص الحديثية لتؤكد عظم الاستغفار من حيث بيان كم كان يستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلفت نظرنا أيضا أن استغفاره هذا إنما هو لأجلنا أيضا، روى الْأَغَر الْمُزَنِي، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، عن رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ») صحيح مسلم، 2702 .
(وعن أبي هريرة: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً) صحيح البخاري، 6307
(وعن ابن عمر ، قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ») سنن أبي داود، 1516. والترمذي(3430) بسند صحيح.
 
ولأهمية الاستغفار جاء عن ابن عباس (بسند فيه ضعف لكنه مطابق للآيات السابقة بمعناه)، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ». سنن أبي داود، 1518.
ولعظمته أوصى صلى الله عليه وسلم النساء فقال: فيما روى ابن عُمَر، عَنه: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ») صحيح مسلم، 79، ونحوه عند البخاري.
 
إن الاستغفار والتوبة أول الطريق للتحقق بالعبودية لله ، قال تعالى: ﴿ التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 112]
ولذا فالاستغفار من أخص خصائص المتقين ﴿ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18] ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]
 
وقال تعالى في سياق بيان المتقين: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135]
 
أعظم الاستغفار:
ومن ثم كان سيد الاسغفار ما روى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوظذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ " قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ») صحيح البخاري، 6306
 
وهنا لنسأل أنفسنا كم نستغفر في اليوم، وقد سبق بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم أكثر من مئة مرة.  لذلك قالوا: الداء الذنوب ، والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب فلا تعود.
 
ولذلك قال جعفر الصادق لسفيان الثوري (إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن الله عز وجل قال في كتابه: " لئن شكرتم لأزيدنكم " إبراهيم 7،. وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله تعالى قال في كتابه: " استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً " نوح 10: 12،. يا سفيان إذا حزبك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة)
 
وبعد:
فما أحوجنا أن نعيش مع الذكر والاستغفار نوثق صلتنا بالله ، نطهر قلوبنا ، نزكي أنفسنا ، نسمو بأرواحنا ، نعالج مشكلاتنا ، وأمراضنا؛ إذ بالذكر والاستغفار يتهيء القلب لاستقبال الأنوار والارشادات والاستعداد للارتقاء.
لا يجوز أن يفهم فاهم أن الاستغفار والذكر يعني ترك الأسباب والعمل والاجتهاد والصبر والتضحيات؛ بل يعني أنه يساهم في بناء النفس الإنسانية لتقوم بواجبها على الوجه الأكمل، وسبب من أسباب التطهير ، ومن ثم عون الله وتوفيقه وتأييده، وهو أصل كل شيء.
 وإلى دواء آخر في لقاء آخر إن شاء الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين