علامة النصر

تقوم الحروب لكسر إرادة العدو، لا لهدم بيته.. قد يسمح لك العدو بكل شيء تريده شرط العبودية.. بتقدم وتكنولوجيا كما تفعل أمريكا مع اليابان بعد إخضاعها حتى صارت "كوكب اليابان" بعد كسر إرادتها بقنبلتين وحشيتين..

 

منطق الدنيا يرجح الاستسلام لعدم خسارة الأرواح، والاستمتاع بالحياة لأنها غاية ولا شيء بعدها، ولأنه لا معنى للحياة دون متعة، والقيمة لا فائدة منها ولا معنى لها، لذا كان ما حصل في اليابان مناسبا لهم!

 

منطق الدين والإيمان بالآخرة يدعوا المؤمنين إلى العزة، وأنه لا يعلو كافر على مسلم، وأن العبودية لله لا البشر، وأن العبودية لله وحده (إلا الله) شرطها الكفر بغيره (لا إله)، فلا تجتمع مع الخضوع لكافر تحركه شهوته ودنياه، وأننا مأمورون بدعوتهم، والدعوة تعنى الإيمان بتفوق أخلاقي عليهم ومن ثم فالاستسلام واتباع منطق الدنيا على النقيض من منطق الدين..

 

في منطق الدين يمكنك المعاهدة والصلح لمدة محددة، ويمكنك التراجع التكتيكي لا الفرار الأبدي، ويمكنك الانحياز إلى فئة لا الفرار يوم الزحف.. أي أن منطق الدين ليس دعوة للانتحار بل دعوة للعمل الدائم الذي لولاه لسلمت الأرض للكفر ومنطق الكفر وأتباع الشيطان..

 

أراد الله أن تقوم الدنيا على التدافع وأن يقوم الدين بجهد البشر المصحوب بالتوفيق الرباني، ولولا ذلك لفسدت الأرض، اقرأ..

 

 (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)

 

(ولَوْلا دِفاعُ اللَّهِ النّاسَ بَعْضَهم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ ولَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلى العالَمِينَ)

 

لذلك كان الدفع واجبا على قدر الاستطاعة، والميسور لا يسقط بالمعسور، ولذا سيظل الناس بين فسطاطين لا ثالث لهما، إيمان وكفر  إما حزب الله أو حزب الشيطان، وبينهما أهل نفاق في صفوفنا تظهرهم الحوادث، والمعركة دائرة لا تتوقف ولن تتوقف حتى يلقى المسلم ربه، وينال الكافر جزاءه يوم يقوم الناس لرب العالمين!

 

في الأحاديث النبوية تفسير لسبب مذلة المؤمنين إن ذلوا في الدنيا، كلها يدور حول حب الدنيا والرضا بها، واتباع الكافرين وتقليدهم، والركون للنعيم الدنيوي الزائل.. لذلك مهما ضعف أهل الإيمان فإرادتهم إن انكسرت خرجوا من الإيمان لأن سيكون رضا بالكفر، والرضا بالكفر كفر.

 

بمنطق الدنيا والدين لا يعد النصر نصرا إلا إن كسرت إرادة عدوك، لا إن كسرت بيته.. لذا فواجب المؤمنين = هو العمل على كسر إرادة أعدائهم حتى لا يغزوهم وحتى يظل حزب الشيطان ضعيفا، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اليوم نغزوهم ولا يغزونا )، وكان واجب المؤمنين = عدم الإنكسار مهما قدموا من تضحيات في المال والنفس، لأن الآخرة خير من الأولى، وما عند الله خير وأبقى، والشهادة لا يعدلها شيء، ويكفي أنها اصطفاء كالنبوة ( ويتخذ منكم شهداء )

 

إن فهمت هذا فهمت الكثير من تصرفات ونفسيات المقاتل المسلم، ونفسيات الفاتحين المسلمين، وفسرت جزءا مهما من حضارة الإسلام، وفهمت لماذا يصمد المؤمنون رغم قلة العتاد والناصر، وفهمت ماذا حصل في غزوة بدر، وماذا يحصل في غزة!

 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين