عفواً لست ارهابياً... ومع هذا فالإسلام أكثر انتشاراً - انتشار الإسلام

عفواً لست ارهابياً ... ومع هذا فالإسلام أكثر انتشاراً

الأمان الدعوي

جريدة «ايريش اندبندنت» الايرلندية

ترجمة: علاء البشبيشي

ربما كان بعضكم قد سمع بقصة الشاب المسلم الذي سافر إلى إحدى الدول الأوروبية ليجري مقابلة بهدف الحصول على وظيفة هناك... أثناء المقابلة سأله أحد محاوريه عن دينه، فأجاب بأنه مسلم، وفوراً، وعلى نحو عجيب، قال محاوره: «إذاً فلا بدّ أنك إرهابي»!
مشهد دراماتيكي رسمه الكاتب «غلام نبي خيّال»، في مستهلّ مقال نشره منذ فترة موقع «كشمير ووتش»، ليوضح حجم الإسلاموفوبيا المنتشرة في عالم اليوم. ورغم قتامة هذا المشهد، يبقى الإسلام في الواقع هو أسرع الأديان انتشاراً في العالم! فكيف التوفيق بين المشهدين؟!
الإجابة وأشياء أخرى في مقدمتها «الأمل» قد تجدونها في مقالٍ نشرته صحيفة «آيريش إندبندنت» الأيرلندية، هذه ترجمته:
يوماً ما كانت المسيحيّة هي الديانة المهيمنة عالميّاً، بل كانت الحضارة الغربية بأكملها تُنسب إليها، لكن الأمر تغير الآن.
واضحٌ من التقرير الذي أجراه مؤخراً (منتدى بيو للأديان والحياة العامة) أن أكثر الأديان نموّاً في العالم هو الإسلام. وقد وصل تعداد المسلمين في عالم اليوم إلى 1,57 مليار، ما يمثل قرابة ربع عدد سكان العالم.
صحيحٌ أن عدد المسيحيين في العالم وصل إلى 2,25 مليار، لكن الإسلام ينتشر بسرعة، ويتميّز أبناؤه بأن غالبيتهم في سنّ الشباب، في معظم البلدان الإسلامية يوجد أكثر من نصف السكان في سن الشباب.
لم يعد الإسلام مقتصراً على أراضي الشرق الأوسط الصحراوية التقليدية, فروسيا تضم عدداً من المسلمين يفوق عدد المسلمين في الأردن وليبيا مجتمعتين، كما تضم ألمانيا خمسة ملايين مسلم، وفرنسا 3,6 ملايين.
باكستان تضم وحدها 174 مليون مسلم، والهند 161 مليوناً، وبنغلاديش 145 مليوناً، لكن إندونيسيا (فاقتهم جميعاً) تضم 202,9 مليون، حتى الفلبين التي يعتبرونها دولة كاثوليكية، تضم عدداً من المسلمين يفوق تعداد أيرلندا، البالغ 4,7 ملايين نسمة.
لماذا يُحرِز الإسلام مثل هذا النجاح في عالم اليوم؟ هذا العالم الذي يزعم أتباع «ريتشارد داوكينز» المرجع الأعلى للداروينيين وكبير الملاحدة، أنه أصبح علمانيّاً أكثر من أي وقت مضى؟
ربما أحد الأسباب التي أدت إلى نجاح الإسلام وانتشاره هو صلاحيته ليكون مقاوماً للعلمانية، فهو دين لم تفرضه النخبة المثقفة، ولا يتعارض مع ثقافة الناس العاديين أو تقاليدهم.
تركيا، مثال على هذا النموذج، في عشرينيات القرن الماضي، ألغى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، الخلافة وأعلن جمهورية علمانية، واستبدل اللاتينية بالعربية، ومنع الممارسات الإسلامية التقليدية بكل مظاهرها، حتى لقد فتح أبواب الجامعات للنساء. نعم، البناء الذي أسسه لا يزال قائماً، لكن 98% من أهل تركيا البالغ عددهم 73,6 مليوناً لا يزالون مسلمين، ومعظمهم ملتزم جدّاً بدينه.
إيران هي الأخرى، تحت قيادة الشاه اصطبغت بصبغة الحداثة والعلمانية والتغريب، لكن الثورة على الشاه بقيادة علماء مسلمين، من أمثال آية الله الخميني، كانت ثورة لصالح الدين التقليدي.
كثير من الثورات في ما بعد جاءت لتبدي أسفها على هذا الشكل من التطرف، لكن إيران بقيت جمهورية إسلامية صميمة، يلتزم 99.4 من أبنائها بالدين.
لقد انتشر الإسلام بنجاح صوب الشرق والغرب وفي وسط أفريقيا، من السنغال ومالي حيث كانت الحملات التبشيرية الكاثوليكية تبذل قصارى جهدها، وصولاً إلى نيجيريا والسودان وإثيوبيا والصومال وكينيا وتنزانيا.
ومن اللافت أن الإسلام أينما حكم، انخفضت معدلات الإصابة بمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز), ربما رجع ذلك في بعض جوانبه إلى السيطرة الإسلامية الصارمة على النشاط الجنسي، وفي جوانب أخرى إلى فرض الإسلام الختان، الذي يُعتقَد أنه يساهم في تقليل انتقال الأمراض الجنسية.
نعتقد أن التعامل مع «شقيقات ماغدالين» الذين اعتبرتهم المؤسسات الإيرلندية «نساء ساقطات» كانت قصاصاً رهيباً. وبإمكان الإسلام أن يكون أكثر قسوةً مع النساء اللاتي يلطخن سمعة عائلاتهن أو مجتمعاتهن بارتكاب أفعال غير لائقة، فـ«جرائم الشرف» تُرتَكب اليوم بأيدي الآباء والأعمام والإخوة بحق النساء المشتبه بهن في ارتكاب أخطاء جنسية. في الأسبوع الماضي وجَّهت محكمة في منطقة واثامستو شرقي لندن، تهمةَ «القتل بدافع الشرف» لأحد الأتراك وأخيه بعدما قتلوا أختهما البالغة من العمر 15 عاماً بعدما فقدت عذريتها.
وفقاً للتقليد الإسلامي، من شأن ذلك أن يُلحِق العار بالعائلة، وهو ما لا يمكن محوه إلا بقتلها، وهذا ما حدث بالفعل.
بالنسبة للمراقبين غير المسلمين، يعتبر هذا مظهراً مُحيِّراً لانتشار الإسلام وربما شعبيته: كيف يمكن مثل هذا الدين القاسي أن يصبح بهذا الانتشار بل وبهذا النجاح؟
بالتأكيد هناك العديد من المسلمين المعتدلين، بل الليبراليين. القرآن نفسه رغم قوة شجبه لـ «الآثمين»، واشتماله على العديد من الآيات حول عقوبات الجحيم التي تنتظر هؤلاء «الآثمين» يؤكد على الرحمة، خاصة بالأرامل واليتامى، واحترام المرأة (أو على الأقل احترام هؤلاء الجديرات بالاحترام)، وضرورة منح الصدقات والإسهام في المجتمع.
ويعتقد بعض المعلقين أن جاذبية الإسلام تنبع من سلاسة أحكامه وأوامره: افعلْ ما تؤمر به في الكتاب المقدس (القرآن)، صُمْ رمضان، وأدِّ الصلوات الخمس يوميّاً، وإذا حِدتَ عن الدرب فتوقع العقوبة، وحينما انتشر الإسلام في البداية في الممالك الصحراوية، زرع إحساساً بالأخوة بالتأكيد بين الرجال وشعوراً بالمساواة.
الإسلام قوي, لأنه يؤمن بنفسه، بجانب إيمانه بالله

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين